مشاكسات

إلهام.. وفساد .. التطبيع ليس خيانة..!

تابعنا على:   11:57 2022-12-14

سليم يونس الزريعي

أمد/ "إنها محاولة للإضاءة على الأحداث من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضي الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق... ولكنه الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته.. أليست مشاكسة"؟

إلهام.. وفساد
سُجنت نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي اليونانية، إيفا كايلي، احتياطياً في بروكسل، أمس، بتهم «فساد»، في إطار تحقيق يُجريه قاض بلجيكيّ بشأن مبالغ كبيرة قد تكون دفعتها قطر للتأثير في قرارات داخل هذه المؤسسة الأوروبية الرئيسية.
وقالت النائبة الأوروبية في 22 تشرين الثاني، من على منبر البرلمان الأوروبيّ، إن «تنظيم قطر للمونديال يُثبت التحوّل التاريخي لبلد ألهمت إصلاحاته العالم العربي».
مشاكسة.. صحيح أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ، لكن أليست حالة "التلبس" دليل ملموس على وقوع الجريمة بصرف النظر عن الملابسات؟ لكن أليست شهادة النائبة الأوروبية المتهمة بأن إصلاحات قطر ألهمت العالم العربي ليست بريئة، وأنها ليست بلا ثمن؟ والسؤال متى وكيف ألهمت إصلاحات قطر العالم العربي؟ وما هي هذه الإصلاحات الملهمة؟ ومن هي الدول العربية التي تبنت هذا الإلهام القطري؟ أليست هذه الشهادة غير المجانية دعاية لا أساس لها من الصحة؟ لكن إذا كانت هذه النائبة رخيصة، لِمَ يستغرب البعض حدوث ذلك في مؤسسة تشريعية أوروبية تُظِّر للقيم والأخلاق والنزاهة؟ وهل نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي اليونانية، إيفا كايلي حالة استثنائية أوروبية في مجتمعات المُثل العليا الأوروبية كما يدعي الأوروبيون؟ أليست سرقة ونهب خيرات الآخرين الجماعي، الذي مارسته أوروبا طوال قرون من الاستعمار هي المدرسة التي تعلمت فيها النائبة اليونانية؟ لكن هل هذا " الرخُص" يقتصر على هذه النائبة في البرلمان الأوروبي؟ وماذا عن زلزال الفساد والرشى الذي عصف بالاتحاد الدولي لكرة القدم ورئيسه السويسري جوزيف بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشال بلاتيني؟ لكن أليس الفساد والنفاق والكذب أيضا صناعة غربية ؟ ومنذ متى كانت قيم العدالة والصدق والنزاهة ترتبط بالأوروبيين؟

التطبيع ليس خيانة..!
قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إنه من الخطأ اعتبار التطبيع مع إسرائيل "خيانة" للقضية الفلسطينية أو أنه جرى على حساب هذه القضية".
وتابع "إسرائيل تعلم بأن موقفنا من قضية فلسطين لن يتغير (...) وأن هذا التطبيع يقدم مساهمات لكلا الجانبين وللمنطقة بشكل عام".
مشاكسة.. إذا لم يكن التطبيع خيانة للقضية الفلسطينية، في نظر وزير الخارجية التركي مولود تشاووش فماذا يكون؟ لكن السؤال ليس كيف تنظر تركيا حزب العدالة والتنمية الإسلامي، وأردوغان حامل لواء الدفاع عن الإسلام والمسلمين إلى الكيان الصهيوني ، وإنما كيف يوصف غالبية الفلسطينيين هذا الكيان؟ السواد الأعظم من الفلسطينيين يعتبرون أن السلوك التركي ناقض الترويج الدعائي لتركيا في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى يستعيد حريته على الأقل، ولذلك هل يستقيم سلوك تركيا كدولة يحكمها حزب إسلامي ورئيس طالما اعتبر نفسه حامي حمى المسلمين مع هذه العلاقة الحميمية مع كيان الاحتلال في الوقت الذي ينتهك حرمات القدس وأقصاها؟ وهل الادعاء بنصرة القضية الفلسطينية، هو بتطبيع العلاقات مع كيان يمارس الإجرام في حق المقدسات الإسلامية وضد أهلها؟ ألا يشكل قول أوغلو صفعة لكل من راهن على دور تركي يتجاوز مصالحها كعضو في حلف الناتو حتى لو كان الأمر يتعلق بالقدس والأقصى؟ وفي مجال المصالح ( البراجماتية) أيهما أهم لتركيا حزب العدالة والتنمية تحمل عبء ومغارم الانتصار لفلسطين وأهلها مع أنه حق وعدل؟ أم مكاسب العلاقة مع الكيان الصهيوني العنصري؟ ألا يشكل حديث أوغلو أن الرهان الأيديولوجي على تركيا من قبل بعض الفلسطينيين ليس في محله؟ ألا يكشف ذلك لهؤلاء الواهمين من الفلسطينيين أن مصالح حزب العدالة في علاقته مع الكيان الصهيوني أهم من القدس والأقصى وأهلهما؟ ثم متى يستفيق هؤلاء من وهم أن الأيديولوجيا بالنسبة إلى أنقرة هي بوصلة تحديد المواقف؟ ثم ألا يؤكد حديث أوغلو أن المصالح بالنسبة لتركيا وغيرها، تعلو الأيديولوجيا حتى لو كان الأمر يتعلق بأولى القبلتين وثالث الحرمين؟

اخر الأخبار