
وطن برائحة الشهداء

الكاتب الصحفى جلال نشوان
أمد/ سلام لأرواح الشهداء
سلام لكل قطرة دم سقت نخيل الوطن فارتفع شامخاً وكلّ روح شهيد كسرت قيود النازيين الإرهابيين الصهاينة....
سلام لكل شهيد سقى بدمه الطهور ثرى الوطن الغالي
سلام طأطأت حروفه رؤوسها خجلة وتحيةً تملؤها المحبة والإفتخار بكل شهيد قدّم روحه ليحيا الوطن.
قبل عدة أيام قرّر جواد وظافر الريماوي من بلدة بيت ريما شمال غرب رام الله، أن يفاجئا والديهما وأشقائهما بمأدبة غداء في رام الله، كون العائلة لم تجتمع على طاولة واحدة منذ مدة.
وكأنهما كانا يودعان الأهل وفلسطين ، ولم يعلما أن النازيين الإرهابيين الصهاينة سيقتحموا قرية كفر عين فجر هذا اليوم الثلاثاء الموافق29/11/2022
تصدى أبطالنا الشرفاء والأحرار من أهل القرية للمحتلين الإرهابيين الغزاة واندلعت المواجهات ، فأصيب في بادئ الأمر ظافر (19 عاما) بعدة رصاصات في جسده، قبل أن يلتحق به شقيقه جواد (22 عاما) ويصاب في منطقة الحوض.
زخات رصاص القتلة الإرهابيين كانت تملأ المكان
كانت زخات هائلة من الرصاص الذي أطلقه القتلة الإرهابيين وفي نفس الوقت علا صوت المؤذن لصلاة الفجر،الله أكبر ، الله إكبر
وأصيب جواد بعيارات نارية قاتلة ، وكان صراخه عالياً ونادى على أخيه ظافر لإغاثته ، حاول جواد إنقاذه، إلا أنه ما إن تقدم نحوه حتى تعرض هو الآخر لإطلاق نار.
نٌقل الشقيقان إلى مستشفى الشهيد ياسر عرفات في سلفيت قبل أن يعلن عن ارتقاء جواد متأثراُ بجروحه، فيما نٌقل ظافر إلى مجمع فلسطين الطبي برام الله
وصل الخبر مبكراً لعائلة الشهيدين التي توجهت إلى سلفيت، لتكتشف أن ظافر في رام الله، ودعت جواد وتوجهت لرام الله. كان ظافر ما زال حياً عندما وصل ذووه مجمع فلسطين الطبي، لكن محاولات الأطباء لم تنجح في إنقاذ حياته ليلتحق بشقيقه جواد.
صرخ والدهما عبد الرحمن الريماوي في طوارئ المجمع الطبي (أنهم أولادي الإثنين ) كان الموقف مؤلماً وقاسياً
وفي مشهد مهيب، توسط والدهما جثمانيهما، حمل جواد في يده اليمنى، وظافر في يديه اليسرى طيلة موكبهما الجنائزي الذي جاب شوارع رام الله وبيت ريما
وما أن علمت والدتهما( أسرار ) معلمة اللغة الإنجليزية في مدرسة بنات قاسم الريماوي، تعالى بكاءها ونزفت دموعها :(راحوا أولادي، ولادي راحو لسه بدي أفرح فيهم، حقي كإنسانة أشوف أولادي متزوجين، حقي أشوف أحفادي )
رحل الشهيدان ظافر وجواد الذي
أنهى العام الماضي بكالوريس المحاسبة من جامعة بيرزيت، ويعمل منذ مدة قصيرة في أحد البنوك، فيما ظافر ما زال في سنته الدراسية الثانية في الجامعة ذاتها ويدرس علم الحاسوب، ولهما من الأخوة شقيقة طبيبة تخرجت منذ عامين
ياالله أين العالم من هذا الألم والوجع
أين العالم المتحضر الذي يدعي الرقي من الأم المكلومة عندما بكت وقالت
(راحوا أولادي، راحوا، صعبة يا جواد على قلبي، صعبة على قلبي يا ظافر"،
اين العالم ؟ ليرى تفاصيل الجريمة، فقد أعدمت قوات الاحتلال الصهيوني الارهابي النازي الشقيقان جواد وظافر
يا لطهر دمائكما الزكية عندما ارتقيتما شهداء
إن دماءكم يا ظافر ويا جواد ويا كل الشهداء ينبت في رٌبانا قناديلاً يضئ بها طريق النصر
إنّتم فخرنا
واعتزازنافخر لا يعادله أي فخر في الدنيا،
إن رحلتم بأجسادكم ، فإنكم ستظلوا خالدين في ذاكرة الوطن والشعب
يا لطهر دمائكم الزكية عندما ارتقيتم
فالقلم يعجز عن التعبير عن ألم الفراق
أنها فلسطين التي تزاحمت على بوابة مجدها العظيم،
تاهت الحروف
واختنقت الاصوات الماً وحزناً ووجعاً ذرفت دموع العيون وشردت الأذهان
تلعثم اللسان ، وذبلت المآقى، لكن ضوء شمس الشهداء أشرق وتوهج وجعلنا نقترب من
النصر بإذن الله
سننتصر بإذن الله
طال الزمن أم قصر
وستعود فلسطين وسيرحل المحتلون الغزاة الذين جاؤوا من وراء البحار