وسقط التطبيع مع أول مونديال عربي

تابعنا على:   12:52 2022-11-26

د. جهاد عبد الكريم ملكة

أمد/ مونديال قطر 2022 كان أول تجربة كاشفة للحموض "التطبيعي" والقواعد "الشعبي" عن طريق ورق عباد الشمس "الرياضي"، لتكشف لنا أن تفاعل الأحماض "اتفاقيات التطبيع" مع القواعد "الشعوب العربية أخرج لنا مكون ملح "الرفض الشعبي لإسرائيل" وماء "التضامن مع القضية الفلسطينية وتحول لون ورقة عباد الشمس الحمراء الى الوان العلم الفلسطيني.
الاعلام الإسرائيلي كان يتصور أن جماهير المشجعين للفرق العربية المشاركة في المونديال كانت ستأخذهم بالأحضان ويرحبون بهم في كل مكان ويقدمون لهم "العسل والطحينة"، وإذ بهم يتلقوا اهانات وصفعات وعلى الهواء مباشرة فكانت الصدمة الأولى ولن تكون الأخيرة بأن الإسرائيلي مرفوض ومنبوذ من الشعوب العربية كافة وأصبح محاصر في الشوارع العربية بهتافات "يلا يلا الإسرائيلي بره" وأعلام فلسطين مرفوعة امام كاميراتهم ولتصدر لهم تعليمات بإخفاء جنسيتهم "الإسرائيلية". هذا المشهد نزل كالصاعقة على الإعلام الإسرائيلي وجعلهم يستضيفون المحللين السياسيين والسيكولوجيين لمحاولة فهم ما يجري، وكأنهم لا يعرفون أن كلمة السر هي فلسطين واحتلالها وأن الشعوب العربية تعرف حقيقة الاحتلال.
إن كأس العالم 2022 اثبت للأنظمة العربية المطبعة أولاً، وللعالم ثانياً، أن الشعوب العربية كلها دون استثناء تعشق فلسطين، ومع فلسطين ظالمة أو مظلومة، لتكسب فلسطين الدوري دون أن تلعبـ ولتكسب فلسطين في نبذ الاحتلال وتجديد الروح العربية وتطهير جسدها من كل الندوب التي خلفها مشروع التطبيع الذي أتى به ترامب الأمريكي في صفقة القرن الفاشلة.
كم حاول الاعلام الإسرائيلي عبثاً أن يروج للتطبيع عبر استضافة "حثالات" ساقطة كالمدون السعودي المناصر لإسرائيل محمد سعود، الذي التقى بنتنياهو وزير خارجيته يسرائيل كاتس وعضو الكنيست من الليكود آفي ديختر في العام 2019، وكأنهم فتحوا "خيبر"، وصور هذا الاعلام ان الإسرائيلي سيمشي في شوارع وحارات الدول العربية وكأنه يمشي في شارع ديزنقوف في تل ابيب ولا يدري هذا الاعلام أن المواطن العربي ليس كحكامه وأن فلسطين في قلب كل عربي ولا يمكن ابدا ان ينسوها مهما مر هذا العربي في أزمات سياسية او اقتصادية صنعها له الاستعمار.
ما حصل في كأس العالم 2022 من اعلان الشعوب العربية فشل مشروع التطبيع يجب أن يكون رسالة للقادة العرب اولاً ولإسرائيل ثانياً، أن لا تطبيع مع إسرائيل دون ارجاع الحقوق الفلسطينية كافة غير منقوصة وأن محاولة القفز عن مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية للسلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين لن تجدي نفعاً ويجب العودة لأصل المبادرة التي تقول أن الحقوق الفلسطينية أولا ثم بعد ذلك التطبيع وليس كما تحاول إسرائيل التطبيع دون ارجاع الحقوق الفلسطينية.
وهي رسالة للسلطة الفلسطينية بأن تستثمر في الدبلوماسية الموازية "البارادبلوماسي" فهي مكملة لعمل الدبلوماسية الرسمية و تقدم له الدعم اللازم وتشكل قوة حقيقية ومؤثرة، في الدفاع عن القضايا الوطنية وتقدم معطيات ومعلومات وتحاليل جدية يمكن للفاعل الرسمي أن يتخذها بعين الاعتبار قبل اتخاده القرارات الحاسمة. وشعبنا الفلسطيني ذاخر بالطاقات والمنظمات الشعبية والاهلية والشخصيات الوازنة والقادرة على لعب دور فاعل في الدبلوماسية الموازية ودون أي تكلفة مالية وفقط المطلوب هو حسن التنسيق والتشبيك بين هذه الشخصيات والمنظمات وبين الدبلوماسية الرسمية.

اخر الأخبار