المتملّصون في الأرض!

تابعنا على:   09:08 2022-10-05

بكر أبوبكر

أمد/ لطالما أنك تختلط بأصناف متعددة من الناس، أوتقوم بالعمل الجماهيري فلا بد أنك ترى من أصناف الناس مالايخطر على بال! وترى من الأدعياء للفهم الكثير، وترى من مدعي الاخلاق الحميدة ما يناقض حقيقة أفعالهم العلنية أو السرية مما تعلمه أو يعلمه غيرك، وترى من مدعى التقوي مَن لاتتناسب لحيته مع طول لسانه! وتجد من مدعي الفاعلية من اتقنوا وضع العصي في الدواليب، ومن مدعي المصداقية والنزاهة أكثر من عدد الشوائب على بطن إمراة ابتليت بداء قشرة البرتقال (السيلوليت).
تشعر بكثير من الغيط عندما تصادف أمثال هذه الشخصيات، والله إنك لتغتاظ كثيرًا خاصة إن كانت الشخصية الى أي مما سبق تقوم بالتملص والتهرب (وبالتالي هي تكذب عمليًا) مما قد يكون بينك وبينها من تفاهم أو اتفاق.
إن ظاهرة التملص هي ظاهرة تجدها عن من يفتقد المصداقية من جهة أو يفتقد القدرة على المواجهة فيتظاهر ليوافقك فيما تقوله وهو كامن للوثوب على الاتفاق تمزيقًا! وعندما تذكّره به وكأن لم يكن! مستخدمًا شتى الأعذار والأسباب والتأجيلات وشتى الحجج المعيقة للعمل أوالناقضة للاتفاق، أو التفاهمات.
ثلاثية اللامصداقية والتملص والحقد
فما بالك إن كانت هذه الشخصبة الفاقعة السوء قد جمعت بين اللامصداقية والتملص ثالثة الأثافي أي رذيلة الحقد! فتصبح هكذا ممن امتلكت "المجد الرذائلي" من كافة أطرافه.
يقول الكاتب أحمد السهيمي إنَّ المؤمن لا يسعه إلا أن يكون صادقًا فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا؟ فَقَالَ: «نَعَمْ»، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا؟ فَقَالَ: «نَعَمْ»، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا؟ فَقَالَ: «لاَ» فصدقُ اللسان أوَّل السعادة، والصادق مصان جليل، والكاذب مهان ذليل، ولا سيف كالحق، ولا عون كالصدق.
وتقول العرب الصدق منجاة أو بدقة "الصدق منجاة ، والكذب مهواة، والشر لجاجة، والحزم مركب صعب، والعجز مركب وطيء" كما ورد على لسان الصحابي وحكيم العرب أكثم بن صيفي التميمي.
وفي مقابل الصدق لا يقف الكذب الصراح فقط، المباشر منه أو المكتوم، (والكذب المكتوم ما تراه بالعيون) وإنما يختلط باللجاجة والمماطلة وكتمان الشر وترقب الفرصة للوثوب، والحقد الدفين ومركب الغلّ وقد يقف في مقابل الصدق والنزاهة ما يداخل النفس من شعورها بالعجز أو الضعف أو قلة الهيبة أوذهاب المروءة.
المملاص والمليص في القاموس
تقول معاجم أمة العرب تملّص بمعنى تهرّب من أداء واجبه، وتقول أنه أفلت وتفلّت أو تخلص من كل مسؤولية (تملص السمكة من بين أصابعه)! والملص هو الزلق والأملص هو الرطب اللين، والمرأة المملاص المعتادة إسقاط وليدها (وهنا نسجل عشر نقاط، فالتوصيف هذا أكثر قوة للشخصية المحورية التي أتحدث عنها! فهو لديه عادة إسقاط اي إنجاز فعلًا!) أما المليص رحمه الله فهو الولد (الإنجاز) الذي أسقطته أمه الى غيررجعة!
صاحبي المتملّص
عرفت شخصًا ظننه صديقًا على طول عشرة ارتبطت بالعمل البحثي والدرس، وكان لا يفتأ يشتمني من خلفي! كما علمت لاحقًا، وعندما يقابلني كانت تعلو وجهه الابتسامة العريضة!؟ وهو يضمر الكراهية والحسد على ما كان!
وعندما نتوافق معًا على أمر ما للتنفيذ اللاحق ونحن جلوس على مقعد شاي أو جلسة قهوة تمر الأيام وكأن ما اتفقنا عليه ريحٌ هبّت علينا وزالت بمثل سرعة هبوبها، أو كأننا كنا في الساعة السليمانية كما يسمونها من جلسة قات يمنية!
وتكرر هذا الأمر منه مرة وثانية وثالثة وعاشرة....كثيرًا، فظننت أن عدم متابعتي له لربما هي السبب أو لسبب نسيانه المتكرر ما هو احتمال ضعيف جدًا. الى أن اكتشفت أنه داء ابتلي به معي ومع غيري الكثيرين بالعشرات الذين تضايقوا جدًا من كذبه وتملصه وتهربه من المسؤولية وحسده وغيرته الطاغية، أو حقده الدفين فتركت أمرمتابعته أومساءلته للريح.
يقول فكتور هوغو ان طريقة الأشرار أو الخبثاء في أبداء الإعجاب هي بالحسد والكراهية!

كلمات دلالية

اخر الأخبار