ماذا يعني استخدام المُسيرات في الضفة الغربية

تابعنا على:   19:05 2022-09-30

د. رائد موسى

أمد/ كان قد قرر جيش الاحتلال الاعتماد على الطائرات المُسيرة بشكل تام في تنفيذه لعمليات القتل والإغتيال ضد الفلسطينيين منذ العام 2009 في قطاع غزة، وهنا الاحتلال يتعامل مع غزة على انها "كيان معادي" ويرفض اعتبارها إقليم خاضع لاحتلاله، أمن وسلامة سكانه تحت مسؤوليته كما توجب اتفاقيات جنيف.
بينما في الضفة الغربية يستمر جيش الاحتلال بتنفيذ عمليات الاجتياحات والمداهمات التقليدية لقواته البرية بالاستعانة بالمُسيرات لأعمال الرقابة والاستطلاع، والآن يعلن عن قراره بانه سيبدأ في الاعتماد عليها بالقصف والاغتيالات كما هو الحال في غزة، فما هي الأسباب التي جعلته يتأخر أو يتردد في حسم هذا القرار بما يخص ممارساته العدوانية في الضفة، وهنا من الممكن ان نستشكف سلبيات وايجابيات استخدامها بما يخص الاحتلال ومن سلبياتها انه:
- يبدأ الاحتلال بالتعامل مع الضفة ككيان مستقل عن سلطاته الاحتلالية وبالتالي يعامل سكانها بعدوانية وإجرام أشد، ولا يمنحهم الحق بنيل محاكمات عادلة ولا فرصة للاستسلام للأسر، وهذا مخالف للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، بما يعرض دولة الاحتلال للمزيد من قضايا جرائم الحرب. وذلك أيضاً يمثل شكل من أشكال الإقرار بالانفصال عن الضفة بما يخالف ذلك رغبته أو خطابه السياسي الذي يراها "يهودا والسامرة" والتي يرغب بضمها لدولته.
- جيش الاحتلال يدرك تماماً بان استخدام المُسيرات في القتل والقتال يمثل انحدار اخلاقي في عقيدته وممارساته القتالية، فمن قواعد شرف القتال، هو التعرض لمواجهة الخطر اثناء القتال، فمن يقاتل بلا مخاطرة هو تماما كالمسلح الذي يقتل الأعزل بدم بارد، وهذا يقلل من شأن ومكانة جيش الاحتلال في المجتمع الاسرائيلي. وهذا يقلل أو يحرم قوات الاحتلال البرية من ممارسة الأنشطة العسكرية والقتال وإن كان بحده الأدنى الشكلي الذي نراه اليوم في ظل تقدمه الهائل في العدة والعتاد والتكنولوجيا. و"الجيوش التي لا تقاتل تصدأ". لذلك نرى جيش الاحتلال يتردد ويماطل في نقل مجهوداته الحربية للآلات الذاتية والمُسيرة والتي يمتلكها بوفرة وبأعلى تكنولوجيات فعالة.
اما من ايجابيات استخدام المُسيرات في القتل المستهدف بالنسبة لجيش الاحتلال، فإنها تُبعد جنوده عن أي مخاطر على سلامتهم، وتقلل من ظهور الاحتلال بالمظهر المُهين الذين اعتاد العالم على رؤيته، وهو مظهر تلقي الحجارة والاصباغ والزجاجات الحارقة على مصفحاته اثناء اقتحامها للمدن والقرى الفلسطينية، والتي ازدادت مشاهدها مع ازدياد اجهزة التصوير التي بات يمتلكها كل انسان في هاتفه المحمول، والزيادة الديموغرافية الفلسطينية جعلت من اعداد المتصدين لقوات الاحتلال تتضاعف، والمنازل والازقة ايضا تضاعفت مما زاد المخاطر على جيش الاحتلال، وزاد من الخسائر الجانبية بين المدنيين الفلسطينيين جراء عمليات الاجتياحات والاقتحامات.
اما ما هو ظاهر في الأفق، فكما يبدو سيعمل الاحتلال على البدء باستخدام المسيرات في عمليات القتل والاغتيال في الضفة بشكل تدريجي، فلا يزال اتخاذ قرار تنفيذ عمليات اغتيال بالضفة ليس بسهولة اتخاذه في غزة.
فمن الاغلب ستستخدمها في عمليات تغطية واسناد تحركات قواته البرية داخل الضفة، ولكن مع مرور السنوات كلما ازدادت الكثافة الديموغرافية الفلسطينية، وكلما عمل الاحتلال على فصل وعزل المدن والقرى الفلسطينية، كلما سيعتمد على المُسيرات أكثر.
لتفويت الفرصة على الاحتلال من المكاسب التي يأمل في تحقيقها من وراء استخدامه للمُسيرات، من واجبنا وواجب شبابنا الذين يحملون السلاح، اعادة النظر في أساليبنا التي اصبحت قديمة في طريقة حمل السلاح واستخدامه في التصدي لقوات الاحتلال، وعلينا تعزيز السلاح الاقوى الذي يعجز الاحتلال عن تحديه هو سلاح المقاومة الشعبية السلمية الذي يُهين قواته يومياً وينهش في صورته عالمياً.
ومن واجبنا التركيز وتسليط الضوء على قضية اساليب القتال اللاأخلاقية التي ينحدر الاحتلال في ممارستها كلما طور وسائله الحربية ضد شعب أعزل ومحاصر ومحروم من امتلاك أي شكل حقيقي من السلاح الذين يمكنه من الدفاع عن نفسه.
وعلينا الحذر من التقليل من شأن اهتمامنا الدائم بفضح وكشف وجه الاحتلال وممارساته، فعلينا ان ندرك ونتذكر جيدا ان أكثر ما يمكن ان يحمينا أو يقلل من بطش الاحتلال وجرائمه تجاهنا، هو خوف الاحتلال الدائم على صورته، والتي يحاول الترويج لها بانه صاحب جيش أخلاقي ودولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان.
وان مواقف الحكومات في العالم تتأثر الى حد ما بالرأي العام لديها، والذي لا يزال منحاز وينحاز أكثر لنا ولعدالة قضيتنا، حتى لدى الحليف والراعي الأكبر للاحتلال الاسرائيلي، الولايات المتحدة الأمريكية.

اخر الأخبار