جنين وغياب وحدة الساحات

تابعنا على:   10:12 2022-09-29

حمزة حماد

أمد/ لا أحد يختلف على أن الفصائل الفلسطينية التي شاركت في صد العدوان الأخير على قطاع غزة قد أبدعت حين رفعت شعار وحدة الساحات، الذي جاء عقب قيام الاحتلال الإسرائيلي باغتيال عدد من قيادة المقاومة في قطاع غزة. وقد حاولت تلك الفصائل حينها بإطلاق هذا الشعار تأكيدًا على أهمية صون الوحدة الوطنية وتقرير المصير لكافة الساحات الفلسطينية في مواجهة هذا الاحتلال في إطار رسالة سياسية وعسكرية، والرد على حالة التقسيم التي يحاول الاحتلال أن يفرضها على شعبنا مُستغلًا حالة الانقسام الداخلي التي نجم عنها حالة من التشظي وضياع للحقوق، وهذا ربما تحقق بشكل نسبي بفعل الوقائع الموجودة، إلا أن شعبنا يفاجئ المحتل في كل الأحداث الجارية على الساحة أنه مُلتف حول خيار الانتفاضة بشتى أشكالها، ومتعطش لوحدة الإرادة والعمل سواء على المستوى السياسي أو الميداني.

وبلا شك، تعززت وحدة شعبنا في كثير من المحطات النضالية، بل رسم طريقًا واضحًا لصد العدوان، إلا أنه ما زال يعيش التيه بفعل غياب القيادة الوطنية الجامعة التي تعزز طريق النضال المشترك، وتحقق طموحاته على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي وغيره. جاءت قضية اغتيال وتصفية الشبان الأربعة في مدينة جنين، لتؤكد أن الحالة السياسية أصبحت تفتقر لوحدة الساحات والقرار الموحد في ظل تغلغل الانقسام في شتى المجالات الحياتية لشعبنا، والسماح لنمو الأهداف الحزبية والفئوية لأطراف الانقسام على حساب المصلحة الوطنية العليا، إضافة إلى المسار السياسي المختلف الذي أصبح مرهونًا بكل أسف.

تجسدت وحدة الميدان لدى الفصائل التي شاركت في صد العدوان الأخير، وأظهرت الحاجة المُلحة في حماية هذا الدور القتالي لشعبنا ومقاومته الباسلة، وهنا نستذكر المشاركة الفاعلة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والقرارات التي طرحتها في كافة المواقع الوطنية بالمؤسسات الرسمية، ومنها دورة المجلس الوطني عام 2018م، ودورة المجلس المركزي في شباط 2022م لـ (م.ت.ف) والتي أجمع عليها الكل الفلسطيني، والتي خلالها طرحت الجبهة مبادرتها السياسية بعنوان: انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، الأمر الذي يعزز ذلك هذا العام هو حوار الجزائر، هذه الفرصة التي يجب أن تتوفر لها الإرادة السياسية، والعمل على اغتنامها وعدم التماهي مع أي سياسات تضر مصالح شعبنا، إضافة إلى تطبيق قرارات الاجماع الوطني التي تعزز الدور المنوط لمكونات الشعب تحت مظلة (م.ت.ف) الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في كل أماكن تواجده، على طريق استمرار الانتفاضة الناهضة بالضفة والقدس.

غير أن هذه الحادثة تأتي في ظرفٍ يُحتم على الجميع تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية، وتقديم تنازلات حقيقية بعيدة عن شعارات الإعلام كسابقاتها، والبدء الفوري في لم الشمل الفلسطيني من أجل التفرغ لمواجهة الاحتلال بصف وطني موحد، ووضع استراتيجية وطنية كفاحية تستند إلى تطبيق القرارات الوطنية الجامعة والعودة إلى البرنامج الوطني الذي يحظى بتأييد شعبي وفصائلي على طريق انتزاع الحقوق ومواصلة النضال.

آن الأوان للقيادة الرسمية وقف الرهان على الدور الأمريكي وغيره، والبدء في التحرر من أية قيود والتزامات نحو سلطة الاحتلال والولايات المتحدة وفي مقدمتها وقف التنسيق الأمني والتحلل من اتفاقيات أوسلو وتعليق الاعتراف بدولة الاحتلال، وبحث سُبل كيفية استنهاض المقاومة الشعبية الشاملة، إضافة إلى تحمل مسؤولية حماية شعبنا في مواجهة الاحتلال وجرائمه، التي يهدف من خلالها في الوقت الراهن إلى فرض وقائع جديدة في مناطق الضفة والقدس، بعد أن أصبح يتعامل مع قطاع غزة وفق سياسة الأمن مقابل الغداء وكأنه منطقة منفصلة إضافة لأساليب الابتزاز التي أرهقت المواطن الغزي، وفي محاولة أيضًا لتعزيز سياسة تقسيم الساحات من أجل التفرد بشعبنا ومواصلة سياساته وإجراءاته الإجرامية من عمليات قتل وإعدام بدم بارد، وهدم للمنازل، وتفشي الاستيطان، والتهويد، واقتحام المقدسات.

إن إصرار شعبنا في مواصلة نضاله يؤكد على صون كرامته الوطنية، وصون أرضه وحقوقه في العيش الكريم، والخلاص من الاحتلال والاستيطان أياً كان الثمن، وأياً كانت التضحيات، لذلك المطلوب فورًا هو تعزيز الوحدة السياسية والميدانية في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، والعمل على تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية لإدامة الاشتباك مع الاحتلال.

اخر الأخبار