فلسطين وقيادتها بالأعالي

تابعنا على:   08:27 2022-09-26

رامي الغف

أمد/ لم يكن ظهور الزعيم الفلسطيني أبو مازن كقائد سياسي وطني، برهن على خبرته وحنكته وذكائه في العمل الوطني مفاجئا على واجهة الأحداث فهو سليل مجدين تاريخيين فلسطينيين، المجد الفدائي الثوري والمجد السياسي المؤسساتي، ففي الأولى هو أب الشعب الفلسطيني وأخ الرئيس الرمز الشهيد ياسر عرفات ووريث تضحيات الآلاف من شهداء وجرحى وأسرى من شعبه ضد الظلم والطغيان والإستعباد والإستبداد الصهيوأمريكي, وفي الثانية هو السياسي ورجل العمل المؤسساتي على مر مراحل تأسيس الوطن الفلسطيني الحديث.
يلعب الرئيس اليوم دورا بارزا في العملية السياسية والمشهد الوطني الفلسطيني، فهو رجل الإعتدال الأول من خلال مبادراته المستمرة وإطروحاته النيره، فهو أول من دعى الى طاولة الحوار لحل جميع القضايا الوطنية السياسية المختلف عليها، وهو أول من نادى بالشراكة الوطنية وتبناها وأكد على أن لا تهميش ولا إقصاء لأي مكون سياسي، وشدد بقوله " نحن حريصون كل الحرص على أن لا نعود الى الوراء، نحن ابناء الحاضر والمستقبل الفلسطيني، ونجد ان مستقبلنا وعزتنا وكرامتنا، في وحدتنا وشراكتنا وتلاحمنا الحقيقي وإنفتاحنا على جميع الفلسطينيين". فعهدناه يتعالى على الجراح دوما ويدعو لتوحيد الصف الوطني الفلسطيني، رغم كل ما حدث ويحدث، كيف لا وهو من تربي في المدرسة الوطنية الثورية الفلسطينية.
هو سيد الإنتصارات والإنجازات والعنفوان بلا منازع، ولطالما أسر أبو مازن الجميع فهذا العملاق الواثق من نفسه ومن تاريخه ومن إيمانه وحركته ومن قوله ومما لديه ومما يطرحه من ثقل لا يكاد الوضع يتحرك بإتجاه بغية أخرى يراد منها التلاعب بخطوط الإنسانية الحمراء وبمقدرات الامة التي اثقلت كاهلها الهزائم والانتكاسات والتوجهات البعيدة عن مصالحها حتى ينبري بقوة جارفة ليقلب الطاولات على رؤوس خاوية ترتعب وتفقد صوابها كلما أطل بطلته المدوية ليحرك الواقع وفق وجهة ترضي الله وتفرح شعبه المظلوم، واقع يريده المتخاذلون خامدا كسيحا كمستنقع الجيفة ان تحركه تفوح منه روائح كريهة.
فهذه الأصوات النكرة تعلم وغيرها وسيكتب التاريخ ان هذه الحالة الفريدة إنما هي ماركة مسجلة باسمه المتكون في الاصلاب الشامخة والمولود من رحم الايمان المطهر والمترعرع في اتون المعاناة والالم والصبر والمتربي في بيوت النضال.
أبو مازن يتحرك بعين الله, يقول اقل مما يعمل ويعمل بصمته المدوي، اثره ان صمت اقوى من أي صوت آخر يعلوه ضجيج وصخب الفجور والعهر السياسي والاخلاقي الملازم لانظمة فوضوية تعتقد انها تتحكم بزمام الامور ولا تعلم انها اوهن من بيت العنكبوت.
نعم أبو مازن هو صمت ان نطق وزمجر ترنح في حصونه المنيعة وارتجف اعتى الطغاة، وتلك حالة فريدة في زمن الهزائم لولاها لما شعرنا نحن المراقبون التواقون العاشقون الساعون لمثل هذا العز بكل هذا الزهو الذي نحن فيه.
لقد أثلج أبو مازن قلوب الوطنيون الشرفاء الأحرار في هذا الوطن بعد ان إعتصرها الألم، نعم لقد أثلجها عندما أعلن إنه لن يحيد عن المبادىء والثوابت الوطنية، مهمها هددوه أو أرهبوه الإسرائيليون ومن والاهم، ومهما أستهدفوه أعداء الإنسانية فإنه ماضي بعون الله في تحمل المسؤوليات الجسام التي تعصف بالوطن وشعبه المظلوم.
لقد عهدته الأمم العربية والدولية وعهده شعبه المجاهد بأنه لم ولن يتراجع وسييقى صوتا مدويا في سماء الوطن ، لقد عرفه وخبره شعبه من قبل بأن لم يأخذه في الله لومة لائم، فهو لم يداهن أحدا ومضى ولم يتردد في مواجهة تعنت الإحتلال، فكان بحق خير مدافعا عن الثوابت الفلسطينية.
لقد عرفه العدو قبل الصديق والمحب والمبغض قويا وصلبا في الشدائد، فلم يتردد في نصرة وطنه وقضيته وشعبه المكافح، ولم يتردد ولو للحظة واحدة في مقارعة زعماء الصهاينة لابيد ونفتالي بينيت و ليبرمان وباراك ونتياهو وليفني وموفاز وشارون وزبانيتهم، وأعلنها شعبه بإنه لن يكون لقمة سائغة وأن التعالي على الجراح هو من أجل الوطن والشعب، فلن يعطي شعبك ومحبيك لهؤلاء المجرمون القتلة فرصة العودة والتسلط على رقابهم من جديد.
نعم لقد أحببه شعبه ووثق به وأئتمنوه على مسيرتهم ومشروعهم وقضيتهم الوطنية المقدسة، فأبو مازن أهل لذلك لما جمعه من إمكانيات وملكيات القيادة وصلابة الموقف وحكمة إتخاذ القرار والمصير ودراية بقدره شعبه مقابل إمكانيات العدو، فشجاعة الرجل لا حدود لها حينما يتعلق الأمر بالثبات والمواجهة مقابل نبع من المشاعر والأحاسيس الإنسانية تجاه المحرومين والضعفاء والمعذبين في الوطن الفلسطيني، وحتى المرضى والشيوخ وكبار السن والأطفال والنساء والطلبة والعمال والفلاحين من أبناء شعبه الفلسطيني، لكل ذلك أحببوه وسيفدوه بأرواحهم.
لذلك لا نبالغ لو قلنا أن أبو مازن قائد الشعب الفلسطيني بشيبه وشبابه ونساءة وأطفاله وهو ربان السفينة الفلسطينية، شاء من شاء بينيت أو غانتس أو لابييد وغيره وأبى من أبى، فهو من يقود فلسطين وشعبها إلى بر الأمان بالرغم من العواصف الهوجاء العاتية، والمواج المتلاطمة في الساحة الفلسطينية، فكم من أزمات وعقبات ومنعطفات خطيرة عصفت في الساحة الفلسطينية، فتجاوزها بحكمته ويقظته وصلابته وفطنته السياسية القوية في أحلك الظروف وأصعبها، عندما كانت تحبس الأنفاس، وتعز الرجال، فأصبحت بصيرته ثاقبة تؤكدها وقائع التاريخ وواقع الحال، كيف لا وهو القائل دوما " وحدتنا رمز عزتنا "وبالوحدة الوطنية نختصر الكثير من الألام والتضحيات ونبني دولة المؤسسات.
لقد أثبت أبو مازن للقاصي والداني بأن شعبه وطيلة تاريخ نضالهم الطويل والمرير إنهم يستحقون بجدارة كل الإحترام والتقدير لما بذلوه ويبذلوه من جهد متواصل وشاق من أجل الدفاع عن حقوقهم وثوابتهم الوطنية المقدسة وعدم التفريط بها أبدا، على هذا الأساس فليس أمامه وشعبه وفصائله وأحرارهم وشرفائهم ومناضليهم وثوارهم، إلا أن يستجمعوا كل عناصر القوة فلسطينيا وعربيا لمواجحة تحديات المرحلة القادمة وإستحقاقاتها على أساس الثابت وهو إقامة دولتهم المستقلة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف وحق عودة الاجئين إلى ديارهم الأصلية، ضمن الثوابت لهذه المرحلة التاريخية العالمية وهي الثوابت المتعلقة بالأرض والإستيطان والقدس وعودة النازحين الى ديارهم وحقوقهم في مواردهم الطبيعية وخاصة المياه والغاز والحرية والإستقلال المتكافئ.
إن الوطن الفلسطيني اليوم بشعبها وقيادتها وحكومتها وفصائلها لابد وأن يقفوا كلهم صفا واحدا وجسدا واحدا لمواجهة هذه التحديات الجاسمة أمامهم من العدو الصهيوني والإمبريالي العالمي، والعمل سوية بروح الوطن الواحد، فهكذا هي الأخلاق الفلسطينية، وهكذا هي صفات شعب فلسطين العظيم، الشعب الذي صفحات تاريخه وحضارته منذ مئات السنين أثبتت وتثبت إنه شعب الجبارين لا يقبل إلا أن يكون رقم صعب وفوق القمة دائما، أهل الكرم والحمية والنخوة والنشامى.
لذلك لا نبالغ إن قلنا إن شعب فلسطين داخلياً وخارجياً يعولون على القيادة الفلسطينية وعلى رأسهما الرئيس محمود عباس ويقولون له إعقل وتوكل وإمضي بشعبك وقضيتك نحو بر الأمان وإعلنها يا زعيم وتوكل على الله ولا تخاف بالله لومة لائم، ولن تجد من أحرار الوطن وشجعانه ومناضليه إلا كل دعم ومساندة بقول وعمل.
لذلك فمن الأساس هنا التركيز على التكامل والتنسيق فيما بين القيادة والشعب والفصائل الوطنية في نطاق دوائر الوضع الذاتي جميعها، ومنها الإتفاق التاريخي للقوى الوطنية والإسلامية، حيث يجب أن لا تتضارب المجهودات أو تتناقض أو يكون بعضها على حساب البعض الآخر، فليس من حق أحد هنا أن يقع في الخلل، وليس من حق أحد هنا وهناك أن يضعف وتائر الصمود والتحدي ورص الصف الوطني الفلسطيني، وليس من حق أحد أن يخل بمسيرة الوصول إلى هدف إقامه الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وحق عودة الاجئين المسحوقين هنا وهناك.
إن الخطر ما زال ماثلا أمام شعبنا الفلسطيني، وإن حلقات المؤامرة ما زالت مستمرة ليس على صعيدنا الخاص، بل على كافة الأصعدة داخليا وخارجيا، وقد أصبحنا فعلا على شفير هذه المواجهة بغض النظر عن التسميات، وعن آفاق الرؤية لما يحدث أو ما يمكن أن يحدث تاريخيا.
إن الرئيس أبو مازن وصحبه بمباركة من شعبه، أطلق رصاصة الحق في السويعات القليلة الماضية في الأمم المتحدة في نيويورك وتقديم بطلب الشعب الفلسطيني لإعلان دولتهم الفلسطينية المستقلة، فهذا الطلب هو بمثابه الضربة القاضية التي ستقصم ظهر البعير الإسرائيلي وصدمة ستصيب بها أعداء الشعب الفلسطيني لما لها من أهمية ستتجه كل انظار العالم الحر والديمقراطي والتي ستطالبت بعد هذا الطلب لضرورة إعطاء الفلسطيني حقة المقدس التي أقرتها لة كل الأعراف والقوانين الدولية، لإن الدولة الفلسطينية ليست 'هبه أو منه' من أحد، وإنما هي حق للفلسطينيين معترف بها عالميا ودوليا وعربيا، فلقد اختارت القيادة الفلسطينية طريق السلام في ظل إختلال موازين القوى، ولكن هذا لا يعنى إن قيادة الشعب الفلسطيني في موقع تستطيع الحكومة الإسرائيلية أن تملي عليهم شروطها أو تفرض عليهم التخلى عن حقوقهم، لأنهم عندما خاضوا معركة السلام، كانوا يفهمون جيدا ماذا تعني وعلى ماذا ترتكز وإنها ليست عنوان مجرد، وإنما هي حالة إنسانية وجوديه وحياتية، لأنها تقوم على مرتكزات في الفكر والذات والواقع والوجدان.
آخر الكلام/
'يراها لابييد وزمرته بعيدة ويراها أبو مازن قريبة وإن أبو مازن وشعبه لصادقون'

كلمات دلالية

اخر الأخبار