هل اصبحت الولايات المتحدة جمهورية موز؟

تابعنا على:   20:38 2022-08-16

حسن احمد عبدالله

أمد/ لا شك ان تصريح حاكم فلوريدا الجمهوري رون ديسانتيس واصفا الولايات المتحدة بـ" جمهورية الموز" يثير الاستغراب لكونه حاكم احدى الولايات المعني مباشرة بادارة السلطة التنفيذية في الولاية، وبالتالي فانه كمن يطلق الرصاص على قدمه، اذ بعيدا عن الانتماء السياسي، اكان جمهوريا او ديمقراطيا، فهو يكشف عن عطب ما في النظام ككل، ومدى الانقسام الذي احدثته ولاية دونالد ترامب في المجتمع الاميركي.

وفي الوقت الذي عادت فيها المطالبة بانفصال بعض الولايات عن الاتحاد، جاءت دعوة أنصار الحزب الجمهوري في تكساس إلى إجراء استفتاء، بشأن انفصال الولاية عن الولايات المتحدة، في عام 2023، لتزيد من تفاقم ذلك الانقسام، لا سيما ان وثيقة المجلس التشريعي في الولاية اتهمت الحكومة الفيدرالية بانتهاك حقوق تكساس "في الحكم الذاتي المحلي"، والتي تحتفظ بالحق في "الانفصال عن الولايات المتحدة"، ويعزز ذلك ان دعاة الانفصال يرون أن الموارد الطبيعية الموجودة في ولايتهم جعلت بلدهم من أكبر اقتصادات العالم، وهذا يخوّلهم تولي أمورهم بأيديهم.

يبدو ان المشكلات التي نشأت في الولايات المتحدة الاميركية خلال العقود الخمسة الماضية بدأت تشكل تيارات سياسية لم يكن في الحسبان وجودها، اقله على المستوى السياسي العام، وان الحزبين الرئيسيين في البلاد قد شاخا، بعد ان تغلغلت مراكز القوى التجارية والاقتصادية والمالية في ادارتهما، وعملت على تطويع القرار السياسي، الداخلي والخارجي، لمصلحتها، بعيدا عن الرأي العام الذي يمكن للدعاية تشكيله باقل جهد ممكن.

في هذا الشأن لا يختلف المجتمع الاميركي عن اي مجتمع في العالم الثالث، بل ان هناك امتيازا لا تتمتع به الشعوب النامية، وهو الحق بامتلاك الاسلحة، الذي يعزز القدرة على ممارسة العنف، وقد برزت في السنوات الاخيرة قضية الاسلحة الى الواجهة، واستطاع لوبي صناعتها فرض وجهة نظره في هذا الشأن على المؤسسات السياسية في البلاد، مستندا الى التعديل للثاني للدستور الاميركي، والذي كان جيمس ماديسون حين اقراره قبل نحو 250 عاما اكثر وضوحا بما يمكن ان تترتب عليه لاحقا مسألة السلاح والميليشيات الخاصة، اذ كتب "أن ميليشيات الولاية ستكون قادرة على صد خطر الجيش الفيدرالي".

في العام 1995 وعلى اثر تفجير اوكلاهوما برزت الى العلن يومها الميليشيات الخاصة المسلحة، او شبه المسلحة، ودورها في ما سمي "الارهاب المحلي"، وفي قد برزت بوضوح في الهجوم على مبنى الكابيتول في الثاني من ابريل عام 2021، اي بعد 26 عاما بالتمام والكمال من تفجير اوكلاهوما.

لا شك ان الاحداث الكبيرة التي يشهدها اي مجتمع تؤدي في نهاية المطاف الى تغيرات جذرية بالتوجهات العامة، وهي بالتالي تفرض نمطا جديدا على السياسيين وصناع القرار، ولذا اذا كانت نظرية شيخوخة الامبراطورية الاميركية تغري المعادين للولايات المتحدة، فإن الاحداث التي شهدتها في السنوات الاخيرة والعواقب الكثيرة التي تركتها ادارة ترامب، والاخفاقات التي تعاني منها ارادة الرئيس جو بادين، والضغط على الدولي على الدولار، فان كل ذلك يساعد على جعل عبارة حاكم فلوريدا اكثر واقعية، فهل فعلا اصبحت الولايات المتحدة الاميركية جمهورية موز؟

اخر الأخبار