الكيان الصهيوني سيبقى عاملُ هدمٍ واستنزاف في المنطقة..!

تابعنا على:   13:56 2022-08-14

د. عبد الرحيم جاموس

أمد/ إن ما يجري وما جرى في بعض الدول العربية المتباينة من قلق وتعثر في خططها التنموية والنهضوية، إضافة إلى حالات عدم الإستقرار السياسي وفشلها في تحقيق الأمن والرفاه كشرطين أساسيين من شروط تحقيق الدولة الناجحة، يضاف إلى ذلك الإرتدادات القبلية والجهوية والطائفية والإثنية وتكريس حالة التشظي المجتمعي لدى بعضها، كلُ ذلك يعدُ نتيجة طبيعية للزلزال المركزي الذي أحدثه في المنطقة وجود وقيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، قلب الوطن العربي، ومصادرته للحقوق الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني في وطنه، وفي مقدمتها حق العودة والحرية والمساواة وحق تقرير المصير.
إن هذا الوضع الكارثي لبعض الدول العربية، يمثل هزات ارتدادية للزلزال المركزي الذي يتمثل في استمرار وجود الكيان الصهيوني الكولنيالي التوسعي والعنصري في فلسطين المحتلة ..
لن يجدي التعامل مع نواتج الهزات الإرتدادية وغض الطرف عن نواتج الزلزال المركزي دون مواجهة ومعالجة حقيقية ...
لأن الأمن والسلام والإستقرار والازدهار في المنطقة العربية، كما الحرب والدمار تبدأ من القدس ومن فلسطين ... وهما مؤشر لا يكذب عن حالة الإقليم .. عبر التاريخ قبل الإسلام وبعده ..
عندما تضعف المنطقة وتهون على نفسها تحتل فلسطين والقدس، وعندما تنهض وتقوى وتتضامن وتتوحد تحرر فلسطين والقدس، ولذا هي عبر التاريخ تستهدف لذاتها ولما تمثله إزاء المنطقة عامة ...
الكيان الصهيوني سيبقى عامل هدم واستنزاف للجميع دون استثناء ... حتى لو وقعت معه جميع دول المنطقة اتفاقات سلام .. مالم تحل القضية الفلسطينية حلا عادلا مقبولا يحقق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في وطنه من حق العودة إلى حق الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وبالتالي لا يمكن أن تشهد المنطقة الإستقرار والأمن والرفاه والازدهار دون إنهاء الصراع وحل القضية الفلسطينية حلا عادلا ..
الكيان الصهيوني ونخبه المتعاقبة تسعى للقفز على جوهر الصراع ولا تفكر سوى بإستمرار فرض سيطرتها بالقوة، والتعامل مع الشعب الفلسطيني وقضيته كقضية أمنية فقط .. وهذا لن يأتي لها وله بالأمن أو بالسلام، ويريد الكيان الصهيوني ويسعى جاهدا إلى تصدير القضية الفلسطينية ونواتجها إلى الدول العربية وخاصة منها دول الجوار، لتتحمل مسؤولية حلها على أرضها وعلى حساب مصالحها .. بدءا من فرض سياسة التوطين للفلسطينيين حيث هم في الدول العربية أو غيرها ..
ومن ثم العمل على اتباع سياسات التفريغ والتهجير للفلسطينيين الصامدين في وطنهم أيضا إلى الدول العربية وغيرها ...
ومن ثم فرض السيطرة الكاملة على إقليم فلسطين فارغة من أهلها وشعبها الأصلي وتكريس الكيان الكلونيالي التوسعي العنصري.
هنا تكمن الضربة القاضية لكل الدول العربية ومشروعها النهضوي والوحدوي، حيث يصبح الكيان الصهيوني هو الكيان المسيطر والمهيمن والمتنفذ على المنطقة العربية .. وتشاركه في هذه السياسات والتوجهات قوى إقليمية أخرى.
إن التراجع والإنهيار المتتابع لمواقف وسياسات بعض الدول العربية خلال العقدين المنصرمين قد جاء وفق مخططات صهيونية استعمارية لتصفية القضية الفلسطينية وتكريس الكيان الصهيوني ...
لابد من وقف هذه التراجعات والإنهيارات في مواقف بعض الدول العربية ووضع حد لعلاقاتها غير المتوازنة بل والشاذة مع الكيان الصهيوني، ليس دفاعا عن القدس وفلسطين فقط، وإنما دفاعا عن ذاتها وعن مصالحها الوطنية، قبل أن يكون دفاعا عن القدس وفلسطين ومصالح الشعب الفلسطيني، الذي لازال يُسطر أسمى آيات الصمود في وجه الغطرسة وجبروت القوة الكلونيالية العنصرية الصهيونية ...
لنا في تاريخ الصراعات التي شهدتها المنطقة عَبر التاريخ العِبرة ... تذكروا دائما المعارك الكبرى في التاريخ العربي، اليرموك ثم حطين ثم عين جالوت .. أين وقعت هذه المعارك الفاصلة .. وهل هي كانت من أجل فلسطين فقط، أم من أجل المنطقة عامة ؟!
على أية حال القادم سوف يثبت فشل السياسات المتهافتة لبعض الدول العربية على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وستقوي خصومها عليها بدءا من إيران إلى تركيا إلى الكيان الصهيوني نفسه إلى اثيوبيا ... وتلك القوى الإقليمية تتنافس فيما بينها بشأن مدى السيطرة والنفوذ لكل منها، وتتكامل في الأهداف والغايات، في مدِ هيمنتها وبسطِ نفوذها على المنطقة العربية .. والعمل على مواجهة أي مشروع عربي نهضوي وحدوي يحقق السيادة للدول العربية على الوطن العربي ويحقق مشروع الدولة الناجحة والآمنة والمزدهرة عربيا.

اخر الأخبار