قمة جدة.. ملامح إدراك بقوة "الذات العربية" وصفعة ناعمة لأمريكا!

تابعنا على:   09:23 2022-07-17

أمد/ كتب حسن عصفور/ انتهت "قمة جدة" يوم السبت 16 يوليو 2022، بمشاركة دول الخليج الى جانب مصر، الأردن والعراق، وحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن، بنشر بيان سياسي محدد وواضح، جاء بعيدا جدا عن غالبية ما تم نشره مسبقا بما سيكون "فرضا أمريكيا"، حول ترتيبات تعيد "هيمنة استعمارية" بشكل مستحدث، تعويضا عن سنوات خسارة أدت لتغيير دفة علاقات نحو الصين وروسيا بشكل عزز من قدرة دول عربية بمختلف مناحي الحياة.

بيان "قمة جدة"، كسر كل التكهنات التي رسمت له عناصر مسبقة، وفقا لتسريبات إعلام أمريكي وعبري، وبالتحديد حول عناصر ثلاثة، بناء تحالف أمني إقليمي بمشاركة دولة الكيان، هدفه الأساس إيران، وزيادة انتاج النفط تعويضا عن القدرة الروسية، وتجاهل القضية الفلسطينية بعدما نشطت حركة "تطبيع رسمية عربية"، وقرار فتح السعودية أجواءها للطيران الإسرائيلي، رغم انه كان ثمنا لإعادة سيادة سعودية على جزيرتي "تيران وصنافير".

مبدئيا، القضية الرئيسية التي يجب ملاحظتها في "قمة جدة"، كلمات ومظهر حضوري وبيان، ان هناك "روح عربية جديدة" أطلت برأسها خلال يوم 16 يوليو 2022، لتكتشف أن عناصر القوة التي تمتلكها قادرة على فرض ترتيب جديد في التأثير على المعادلة الدولية، وأن العالم لم يعد تحت سيطرة "الذات الاستعمارية" التي يمكنها تهديد استقلال دول تمتلك من القدرة ما يمكنها هي من تهديد استقرار دولة تعتقد أنها عالمية التأثير.

إعادة الاكتشاف الرسمي العربي في قمة جدة، عبر "تساعية عربية" لمكامن قوى الذات، مقدمة الضرورة لرسم ملامح رؤية أكثر شمولية، ما يعيد ترتيب الخريطة العالمية وفقا للحضور العربي، لينتقل من "الذيلية المعتادة" بعد غياب "الناصرية" بمكانتها وتأثيرها كقطب من أقطاب العالمية، الى تحديد طريق شراكة بشكل مختلف، خارج التبعية وفي سياق تكافئ ما وفق الممكن.

انتهاء "قمة جدة" دون حصول الولايات المتحدة على عناصرها الثلاث، بل ربما حدث نقيضها، يمثل مكسبا سياسيا استراتيجيا، ونقطة تحول تاريخي ومفصل يعيد الاعتبار للمكانة العربية، وقدرتها على حل مشاكلها وفق مصالحها وليس استخدامها أداة حل مشاكل غيرها على حسابها.

الدرس الأول، أن إيران دولة تختلق المشاكل لكل جوارها، ولكنها لن تستخدم "ذريعة" للانتقاص من مكانة الدول العربية، خاصة الخليجية، التي بدأت تدرك تماما، ان أمريكا لا تبحث حلولا لها، بل توريطا لدول المنطقة، فكان فتح الباب لتعديل مسار العلاقات الإيرانية، دن تنازل عن المخاوف التي تثيرها بلاد فارس، وتلك نقلة نوعية في التفكير السياسي الاستراتيجي العربي، مع افشال كلي لفكرة "التحالف الأمني الإقليمي" بمشاركة الكيان.

الدرس الثاني، حضور مفاجئ جدا للقضية الفلسطينية في كل كلمات العرب بالقمة، وبتركيز وتحديد واستخدام لغة غابت منذ سنوات عن الرسمية العربية، بأن فلسطين تبقى قضية العرب الأولى، ثم جاء بيان قمة جدة، ليضعها كقضية رئيسية من قضايا المنطقة، ما يمثل رسالة سياسية هامة الى لدولة الكيان، أن علاقات التطبيع لن تزيل قيمة فلسطين، ولأمريكا، أن لا سلام حقيقي دون حل قضية فلسطين، ورسالة لأهل القضية أن يصحوا قليلا.

الدرس الثالث، مسألة الندية في التعامل مع قضية الطاقة والنفط، وكانت العربية السعودية حسمت أمرها تماما، بأن الحد الأقصى لها 13 مليون برميل، فيما أكد بيان القمة التنسيق مع منظمة "أوبك +"، ما يؤكد أن القرار لم يعد غير ذاتي عربي، وتلك من المؤشرات التي ستكون عاملا حاسما في الحضور القادم.

وكان التصريح الأمريكي بلسان بايدن، أن الولايات المتحدة لن تسمح للصين وروسيا بتعبئة الفراغ، تعبيرا عن قصور سياسي وضعف رؤية بعدما حاولت أمريكا الاستخفاف بالقيمة الرسمية العربية، لتكتشف ان "طريق الحرير" بات روسيا صينيا وهنديا بل وإيرانيا، رغم كل الضباب العام.

مبدئيا، "قمة جدة" يمكن اعتبارها خطوة هامة نحو إعادة "الروح الرسمية العربية" في ترسيم قدرتها بالتأثير العالمي، وليس فقط انتظارية التأثر كما كانت سنوات طويلة...نحو شراكة في عالم متعدد الأقطاب.

ملاحظة: ليت الرئيس محمود عباس يستفيد من "قمة جدة" سريعا، ويترأس وفد يضم مختلف القوى الفلسطينية، بما فيها حركتي حماس والجهاد، يلتقي خلالها مع أطراف قمة جدة، ثم يذهب الى سوريا وتونس والمغرب وما يمكنه سبيلا..هيك خطوة بتعيد هيبة التمثيل وبتحاصر الانقلابية..بدها ثقة بالذات بس!

تنويه خاص: شو قصة "حرب العائلات" اللي بدأت تنتشر في قطاع غزة...معقول تكون تغذية من طرف ما لإشغال الناس عن كوارث الحياة وقلة الحيلة مع "عنطزة كلامية"..الصراحة هيك فئة باغية بتعمل كل شي.

اخر الأخبار