ماذا تريد أمريكا من السعودية؟

تابعنا على:   15:50 2022-06-19

د. أماني القرم

أمد/ حين تصرّ امريكا على الاستمرار في ادعاء الاخلاق والقيم؟؟

نقاش كبير في صفوف النخبة الامريكية حول مسار العلاقة بين واشنطن والرياض وجدلية الاختيار بين المصلحة والقيم الديمقراطية بعد تأكيد الرئيس الامريكي جو بايدن زيارته المزمعة للشرق الاوسط الشهر المقبل والتي سيزور خلالها السعودية، بعد وعوده أثناء حملته الانتخابية بجعل الدولة السعودية "منبوذة" بسبب سجلها في مجال حقوق الانسان وقضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي. فيما تم تبرير الزيارة في الداخل الامريكي  بأنها لحضور لقاء دولي يجمع الدول الخليجية الست بالاضافة لمصر والعراق ونفي حدوث لقاء ثنائي منفرد مع ولي عهد المملكة  الامير محمد بن سلمان.

برود شديد شاب العلاقات السعودية الامريكية خلال عامي بايدن في الحكم، يصاحبه حملات اعلامية مكثفة ضد الرياض. بايدن لم يعين سفيرا امريكيا في الرياض، وسمح بالافراج عن تقرير استخباراتي يلقي باللوم في مقتل الصحفي السعودي على القيادة السعودية، وتراجع عن تصنيف الحوثيين على قائمة الارهاب، وقلص الدعم العسكري للتحالف الذي تقوده المملكة في اليمن ، بالتزامن مع هرولة تجاه إعادة العلاقات مع ايران.

هي ليست المرة الاولى التي تواجه فيها العلاقة السعودية الامريكية هذه المطبات ، فمنذ احداث 11 سبتمبر2001 تبذل السعودية جهدا دءوبًا ومحاولات حثيثة لاثبات محاربتها للارهاب وتحسين صورتها في الولايات المتحدة ، وشق طريقها  نحو الانفتاح الاجتماعي والسياسي على العالم. لكن جاءت قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي لتفجر مرة اخرى الجدل حول العلاقة بين البلدين وترفع من صوت الادعاءات والمطالبات بحقوق الانسان في السعودية . فهل يمكن اسقاط ثمانين عاما من الشراكة الاستراتيجية الفريدة من نوعها بينهما من اجل قضايا حقوق الانسان والديمقراطية ؟ وهل يعقل أن ملف حقوق الانسان في السعودية هو الفيصل في العلاقة بين البلدين،  وأن مسألة قتل خاشقجي هي التي تهيمن على شبح العلاقات؟  قضية خاشقجي حدثت في عهد ترامب الذي كان واضحا في شعاره "انا صديق من يدفع" ودفعت السعودية مليارات الدولارات وقتها. و كل يوم أمريكا تثبت أنها لا تعارض الديكتاتوريين بل بالعكس تحبهم وتدعم أنظمتهم.  

والسعودية اليوم ضد ايران .. وضد الارهاب.. وملف العلاقات مع اسرائيل مفتوح وفي تقدم .. والحداثة والانفتاح على اوجهما في بلاد الحجاز .. اليس هذا ما تريده امريكا؟؟  فلماذا إذاً تستمر في انتقاد السعودية والضغط عليها وإثارة هذا الجدل الكبير حول العلاقات معها؟

الاسباب المحتملة عديدة ومختلطة وهي نفسها التي تجعل الامريكان في كل مرة يتأففون فيها من السعودية يعودون اليها مجبرين .. فأهمية المملكة  بالنسبة للولايات المتحدة  أكبر من مسألة يحددها ملف كحقوق الانسان:  ربما تغاضي ادارة ترامب عن حادثة مقتل خاشقجي ضاعف من انتقاد ادارة بايدن  للسعودية لإرضاء التقدميين في الحزب الديمقراطي من جهة ولعكس سياسات ترامب من جهة أخرى. وربما محاولات الاستقلال بالقرار السياسي السعودي وتغيير العقيدة الدفاعية السعودية بات أمراً يزعج واشنطن . وربما أيضا أسلوب للضغط  لضم السعودية علناً الى مسار التطبيع مع اسرائيل لما له من رمزيه سياسية كبيرة..

لكن المؤكد  هو تداعيات  الحرب الاوكرانية الروسية وارتفاع اسعار النفط وزيادة التضخم.. فمن يملك مفتاح النفط العالمي وترويض الاسعار النفط العالمية وخفض تكلفة الغاز.. إنها السعودية ..وإنه النفط  واذا كان النفط بخير فكل شيء بخير..

كلمات دلالية

اخر الأخبار