تقرير: بايدن الى السعودية من إسرائيل خطوة تصنع تاريخا...فهل اقترب التطبيع؟!

تابعنا على:   14:38 2022-06-15

أمد/ واشنطن – وكالات: يتوجه الرئيس الأميركي، جو بايدن، في جولته المقررة في الشرق الأوسط إلى السعودية انطلاقا مباشرة من الأراضي الإسرائيلية، وللمرة الأولى لأي رئيس أميركي، مما يثير تساؤلات عما إذا كانت هذه الخطوة مقدمة للتطبيع بين المملكة وإسرائيل بعد أشهر من الحديث عن هذه المسألة.

وتقول وكالة فرانس برس إن بايدن "سيصنع التاريخ" بمثل هذه الخطوة"، ويرى ديفيد بولوك، الباحث الأميركي في معهد واشنطن للدراسات إنها "خطوة رمزية" ستؤدي إلى مزيد من الخطوات.

وكشف البيت الأبيض، الثلاثاء، في بيان أن بايدن سيبدأ جولته في المنطقة بزيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية ثم يتوجه إلى السعودية حيث سيشارك في اجتماع بمدينة جدة يضم قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب مصر والأردن والعراق.

وأشار البيت الأبيض إلى أن زيارته للسعودية تأتي بدعوة من الملك سلمان بن عبد العزيز، وأنه عبر عن تقديره له وتطلعه إلى "هذه الزيارة المهمة"، ووصف السعودية بأنها "كانت شريكة استراتيجية للولايات المتحدة منذ ما يقرب من ثمانية عقود".

وتتوقع وكالة فرانس برس أن تثير هذه الزيارة جدلا لأن بايدن سينتقل في طائرة تقله مباشرة من إسرائيل إلى جدة، وسيكون أول رئيس أميركي يصل الى بلد عربي لا يقيم علاقات مع إسرائيل منطلقا من أرض إسرائيلية.

ورحب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بزيارة "الرئيس إلى المنطقة، بما في ذلك زيارته المهمة للسعودية، وشكر جهود الرئيس بايدن لتعزيز المصالح المشتركة مع السعودية خلال زيارته المنتظرة".

واعتبر أن زيارته إلى "إسرائيل ستساهم في تعميق العلاقات الخاصة والشراكة الاستراتيجية القائمة بين الدولتين، بالإضافة إلى تعميق الالتزام الأميركي بأمن واستقرار إسرائيل والمنطقة".

وأوضح أنه "في إطار زيارة الرئيس المرتقبة، سيتم الكشف عن خطوات تعني بتعزيز اندماج إسرائيل في الشرق الأوسط وبتعزيز ازدهار المنطقة برمتها".

ولا يعتقد رئيس مركز القرن العربي للدراسات، الباحث السعودي سعد بن عمر، أن الزيارة ستكون مقدمة لتطبيع بين إسرائيل والسعودية، قائلا إن رحلات الرؤساء الأميركيين إلى المنطقة منذ عقود كانت تشمل إسرائيل ودولا عربية.

ولا يعتقد أن "هذا الخط الجوي المباشر سيكون له دور مؤثر في استشراف علاقات مستقبلية من عدمه".

واتخذت السعودية وإسرائيل، خلال الشهور الماضية، خطوات أظهرت تقاربا بين البلدين اللذين تجمعهما مصالح أمنية مشتركة في حين أعلنت الرياض في الوقت ذاته تمسكها بشرط التوصل إلى حل "عادل" للقضية الفلسطينية لاتخاذ خطوات نحو التطبيع.

وهذا الموقف يحظى بأهمية كبرى إقليميا ودوليا باعتبار أن المملكة تقدم نفسها على أنها قائدة العالم الإسلامي ومدافعة عن القضية الفلسطينية.

ولطالما كانت الرياض شديدة الحساسية حيال إي إعلان عن تقارب مع إسرائيل خشية حدوث ردود فعل وانتقادات، بما في ذلك في الداخل السعودي.

لكن في السنوات الماضية، زادت السعودية من التواصل مع شخصيات يهودية، وتم تناول العلاقات مع إسرائيل وتاريخ الديانة اليهودية في وسائل الإعلام الحكومية.

وبعد أن وقعت الإمارات والبحرين، حليفتا السعودية، اتفاقي تطبيع مع إسرائيل في أيلول 2020، وتلاهما كل من السودان والمغرب، سمحت المملكة للمرة الأولى للرحلات الجوية المباشرة بين الإمارات والبحرين وإسرائيل بعبور أجوائها.

وأفادت وسائل إعلام عبرية، مؤخرا، بأن مسؤولا إسرائيليا رفيعا زار مؤخرا المملكة وأن "الاجتماع عقد مؤخرا في قصر بالرياض، وشمل استقبالا حارا للمندوب الإسرائيلي"، وفق موقع "تايمز أوف إسرائيل".

وذكر الموقع أن "الجانبين ناقشا المصالح الأمنية الإقليمية التي ازدادت خلال السنوات الأخيرة نتيجة التهديدات المشتركة التي تمثلها إيران".

وفي مارس، قال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة إن بلاده لا تنظر الى إسرائيل "كعدو" بل "كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معا، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك".

وذكر موقع أكسيوس الأميركي، مؤخرا، أن إدارة بايدن، تتوسط "بهدوء" بين السعودية وإسرائيل ومصر بشأن استكمال نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر من السيادة المصرية إلى السيادة السعودية، وهي "يمكن أن يكون خطوة أولى على طريق تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل".

ولم ينف وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، ما ورد في تقرير "أكسيوس" إلا أنه قال إنه يجب اتخاذ المزيد من الخطوات لإيجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ويقول الباحث السعودي، سعد بن عمر، في تصريحاته لموقع الحرة إن المملكة تولي أهمية كبيرة "لقضية بحجم القضية الفلسطينية" وإن موقفها "ثابت من هذا الأمر وقد أعادت تكرار هذا الموقف بالتأكيد أن العلاقة السعودية الإسرائيلية تعتمد بالدرجة الأولى على حق الفلسطينيين في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام 1967".

ويشير إلى أن المملكة "لن تتزحزح عن هذا الموقف، لكن قد تعبر عن نوع من الاعتدال والتسامح تجاه قضايا أخرى".

واستبعد الباحث والمحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، في تصريح لموقع الحرة أيضا أن تقدم الرياض حاليا على "تطبيع كامل للعلاقات مع إسرائيل"، مع التزامها موقفها من القضية الفلسطينية.

لكن الباحث توقع أن تقدم الرياض "العديد التسهيلات وأن تصبح العلاقات أكثر انفتاحات وتعاونا في المجالات المختلفة، بعد أن كانت سرية لفترة".

ويضيف: "سيكون هناك تقارب بين الدولتين لكنه لن يكون تطبيعا في الوقت الحاضر.. سأكون متفاجئا لو أعلنت السعودية ذلك".

ويرى أن الهدف من زيارة بايدن السعودية تحسين العلاقات مع الرياض بعد تردي هذه العلاقة بسبب قضية مقتل الصحفي جمال جاشقجي، وكذلك مع الدول العربية التي تخشى انسحابا أميركيا من المنطقة.
ويرى الباحث الرئيس في مركز الخليج للأبحاث، الدكتور هشام الغنام، في تصريح لموقع الحرة أنه "بغض النظر عن المبررات التي يتم ترديدها لإدارة الصراع السياسي الأميركي، فهذا شأن داخلي لا يعنينا بشكل مباشر".

ويعتقد الباحث السعودي أن "عنوان هذه الزيارة هو إيجاد ميزان مناسب للمخرجات للقاء المرتقب، وقضايا ملحة مثل أزمة روسيا وأوكرانيا وأسعار الطاقة العالمية وتصاعد الخطر الإيراني النووي جعلت من المحتم على إدارة بايدن محاولة ترتيب علاقتها مع المملكة".

ويضيف أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وبايدن "سيجريان محادثات رسمية تركز على مختلف مجالات التعاون الثنائي. فكل ما يقع تحت هذا العنوان سيتم نقاشه والتباحث بشأنه ويبدو أن الهدف الأميركي ليس فقط تنشيط العلاقات الأميركية بالمنطقة، ولكن أيضا محاولة خلق مشتركات مع السعودية وغير السعودية بعد أن تبين أن ما يسمى بالانسحاب الأميركي من المنطقة ليس ممكنا بالتصور الذي كان لدى إدارة بايدن".

ويقول أن إدارة بايدن "تساهلت" مع إيران و"استهترت"بالشراكة السياسية والاقتصادية مع المملكة "ولم تقدر مواقف المملكة التاريخية مع الولايات المتحدة".
ويرى أن "التغيرات الجيوسياسية في العالم والإقليم"، مثل ملف إيران النووي ودور واشنطن في المنطقة وصعود الصين "والتفاهمات الاقتصادية المهمة مع روسيا يتوقع لها أن تكون ذات أثر كبير على شكل خارطة العلاقات وربما تحالفات دول المنطقة عموما والمملكة خصوصا".

ورغم ذلك، يؤكد أن "العلاقة السعودية الأميركية هي أهم علاقة لدى المملكة، والأسس موجودة لاتفاقية متجددة مع المملكة تقوي هذه العلاقة في ظل الظرف البترولي العالمي مع احترام علاقة المملكة مع الدول المؤثرة في العالم كافة".

ويرى ديفيد بولوك، الباحث الأميركي في معهد واشنطن للدراسات، أن انطلاق بايدن إلى السعودية من الأراضي الإسرائيلية "خطوة صغيرة تجاه تطبيع العلاقات".

لكنه لا يعتقد أنه يحدث ذلك "تحولا نحو علاقة رسمية كاملة على غرار العلاقات بين إسرائيل الإمارات والبحرين" على الأقل في المستقبل القريب.

ويشير إلى تعاون فني قائم بالفعل، فالرياض سمحت بتحليق الطائرات الإسرائيلية فوق أراضيها خلال العامين الماضيين، وتعاونت مع إسرائيل في إطار "القيادة الأميركية المركزية" في المنطقة وهناك حديث عن ترتيبات بشأن وضع تيران وصنافير.

ولا يتوقع حدوث تطبيع كامل حاليا وتبادل للسفارات ولكن "خطوات أخرى" على صعيد تطوير العلاقات الاقتصادية وإقامة علاقات أمنية "هادئة" وتبادل للمعلومات الاستخباراتية وربما إبرام صفقات تكنولوجية وعسكرية.

ويلفت إلى أن وزير الخارجية السعودي لم يطالب إسرائيل في تصريحاته الأخيرة بحل القضية الفلسطينية، ولكنه دعا إلى إحراز تقدم في هذا الهدف، وهو موقف يختلف عن المواقف السابقة بهذا الخصوص.

ويعتقد المحلل الأميركي بولوك أنه قد يفهم من هذا التصريح أن "هناك تحركا نحو التطبيع قبل التوصل لحل نهائي للقضية"، لكن هناك "طريقا طويلا سيقطعه البدان قبل التوصل إلى اتفاق على غرار "اتفاقات إبراهيم".

وكان محللان تواصل معهم موقع الحرة في وقت سابق قد اتفقا على صعوبة تلبية الشرط السعودي بشأن القضية الفسلطينية، لكن إسرائيل والسعودية ربما يكون بإمكانهما التوصل إلى صيغ معينة بشأن القضية.

كلمات دلالية

اخر الأخبار