أبعاد تصريحات "لازاريني" حول تقديم خدمات "الأونروا" بالإنابة

تابعنا على:   15:01 2022-05-26

فادي الشافعي

أمد/ مقدمة

أعلن فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، في 23 نيسان/أبريل 2022، في رسالة إلى اللاجئين الفلسطينيين[1] عن خيار جديد تدرسه "الأونروا"، يتمثل في "زيادة الشراكات داخل منظومة الأمم المتحدة الأوسع إلى أقصى حد"؛ لتقوم برامج ومؤسسات أخرى بتقديم الخدمات نيابة عن "الأونروا" وتحت توجيهها؛ ما أثار حفيظة اللاجئين الفلسطينيين على مستويات عدة[2]، فما هي تداعياته على قضية اللاجئين؟

لا تمثل "الأونروا" بالنسبة إلى اللاجئين الفلسطينيين مقدمًا للخدمة فحسب، بل شاهدًا تاريخيًا على تهجيرهم قسرًا. لذلك، لا يمكن تفسير ما طرحه لازاريني بمعزل عن المساعي والضغوطات الكبيرة التي تهدف إلى تقويض دور الأونروا ومحوها، وهذا يتطلب خطة عمل فلسطينية فعّالة لحشد الدعم السياسي والتمويل المالي للأونروا، عربيًا ودوليًا.

التأسيس وخصوصية فلسطين
تأسست الأونروا في أعقاب الصراع العربي الإسرائيلي العام 1948، بموجب القرار رقم 302 (الدورة الرابعة) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول/ديسمبر 1949؛ بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين. وبدأت "الأونروا" عملياتها في الأول من شهر أيار/مايو 1950. وفي غياب الحل لمسألة لاجئي فلسطين، عملت الجمعية العامة وبشكل متكرر على تجديد ولاية "الأونروا" مرة تلو مرة آخرها في 2019 لغاية 2023.
أسست الجمعية العامة للأمم المتحدة، في العام 1949، وكالتَيْن منفصلتَيْن تابعتَيْن لها، هما: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بهدف الاستجابة لأزمات اللاجئين المختلفة؛ و"الأونروا" لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى حصرًا. ولا يمكن للأونروا ولا للمفوضية تغيير هذه المهمات من جانب واحد، وفق قرارات المجتمع الدولي المنصوص عليها في اتفاقية اللاجئين للعام 1951، والنظام الأساسي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.[3] وتوطدت مهمات ولاية "الأونروا"، عبر السنين، لتصل إلى تقديم الخدمات للاجئي فلسطين في خمسة أقاليم، وهي: الضفة الغربية (بما فيها شرقي القدس)، وقطاع غزة، وسوريا، ولبنان، والأردن.

تمايز بذلك اللاجئ الفلسطيني في الأقاليم الخمسة عن اللاجئين حول العالم بسبب فرادة النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي في التاريخ المعاصر، ولأنّ المجتمع الدولي ظل ينتظر الوصول إلى حل سياسي، ما زال بعيد المنال، لقضية اللاجئين الفلسطينيين على مدار 74 عامًا الماضية.

أزمة مالية تراكمية
عانت "الأونروا"، التي تعتمد في موازنتها المالية - سواء العادية أو الطارئة - بصورة شبه حصرية على المساهمات الطوعية لأعضاء المجتمع الدولي، من مشكلات مالية منذ تشكيلها، إلا أنّ العام 2015 شهد عجزًا ماليًا غير مسبوق أثّر تأثيرًا كميًا ونوعيًا في الخدمات التي تقدمها في مناطق عملياتها الخمس.
دفعت الاحتجاجات الشعبية والديبلوماسية التي قادتها مجموعات من اللاجئين والدول المضيفة في الشرق الأدنى، على مدار السنوات الماضية، المانحين إلى زيادة دعمهم المادّي للوكالة. فمثلًا، ساهمت الاحتجاجات خلال الأزمة المالية التي مرت بها "الأونروا" العام 2015 في زيادة الضغط على الدول لزيادة الدعم المادي بشكل سريع؛ ما أدى إلى تفادي خطر تأجيل افتتاح المدارس ومراكز التدريب التابعة لها في مطلع العام الأكاديمي في العام نفسه.[4]

ومنذ العام 2010، احتلت الولايات المتحدة الأميركية المركز الأول في قائمة أعلى عشرين ممولًا لبرامج "الأونروا" العادية، متفوقة على الاتحاد الأوروبي الذي تراجع إلى المركز الثاني. ثم تراجعت في العام 2018 إلى المركز الخامس، واختفت تمامًا عن قائمة الداعمين خلال العامين 2019-2020 في عهد الرئيس دونالد ترامب، لتصعد مرة أخرى في العام 2021 إلى المركز الأول، بينما حافظت دول، مثل: السويد، والنرويج، وألمانيا، على حضور دائم في قائمة الداعمين الأعلى مساهمةً.[5]

واشنطن و"الأونروا": جدل مستمر
صاحب مساهمة الولايات المتحدة الأعلى في موازنة "الأونروا" على مدى عقود[6] جدلٌ لم يتوقف في الكونغرس، أثاره النواب المؤيدون لـ"إسرائيل". بينما لم تحظ مبادراتهم ضد "الأونروا" بدعم حقيقي من لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية ،(AIPAC) الذراع السياسي للوبي المؤيد لـ"إسرائيل" في الولايات المتحدة؛ لأنّ الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اعتبرت "الأونروا" عنصرًا يعزز الاستقرار في الضفة والقطاع، ويعفيها من المسؤوليات المدنية التي تقع على عاتقها بوصفها قوة قائمة بالاحتلال.[7] وأكدت حكومات "إسرائيل" المتعاقبة التزامها باتفاق "كوماي–ميشيلمور"[8] للتعاون مع "الأونروا"، وهو تعاون يجري حصرًا عبر وزارة الحرب الإسرائيلية.
ظل التوازن موجودًا بين نظرة اللوبي الإسرائيلي في أميركا تجاه "الأونروا" والمصالح الأمنية لحكومات "إسرائيل"؛ حتى تلقى اللوبي نداءً بتغيير سياسته تجاه "الأونروا"، في حزيران/يونيو 2017، عندما طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو بدمج "الأونروا" بعد تفكيكها، في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، خلال لقاء جمعه مع نيكي هيلي، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة[9]. ونشرت صحيفة فورن بوليسي، في 11 كانون الثاني/يناير 2018، مراسلة مسربة لجاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاريه، دعا فيها صراحة إلى العمل بشكل فعّال لتعطيل "الأونروا"؛ ما يعني أنّ نظرة اللوبي الإسرائيلي تجاه "الأونروا" تقاطعت مع نظرة الحكومة "الإسرائيلية" في ضرورة التوجه نحو تفكيكها.[10]
تَرْجَمَتْ إدارة ترامب هذا التقاطع بخفض مساعدتها المالية للأونروا. وأعلنت، في كانون الثاني/يناير 2018، تقليص الدعم بتقديم 60 مليون دولار مقابل 364 قدمت في العام 2017.

المجتمع الدولي و"الأونروا"
على الرغم الموقف الأميركي، حصلت "الأونروا" في العام 2019 على تأييد ساحق من 170 دولة صوتت لصالح تجديد ولايتها، ويعد ذلك اعترافًا باستمرار الحاجة إلى خدماتها، وبضرورة الحفاظ على حقوق اللاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم. في المقابل ساهم عاملان اثنان في تململ المانحين: أولًا، تعطُّل عملية السلام الإسرائيلية -الفلسطينية؛ ما جعل المانحين يواجهون احتمال تمديد وجود "الأونروا" إلى أجل غير مسمّى. وثانيًا، ظهور العديد من أزمات اللاجئين الكبرى على المسرح الدولي، أبرزها، أزمة اللاجئين السوريين في العام 2011، وأزمة اللاجئين الأوكرانيين في العام 2022.
تغيّرت القيادة في "أميركا وفي "إسرائيل". ومع استلام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للحكم، خلفًا لترامب، قدمت إدارته، في العام 2021، حزمة مالية فورية باعتبارها مساعدة للفلسطينيين، من بينها 150 مليون دولار للأونروا، ثم وقّعت مع "الأونروا" اتفاقية إطار تعاون للعامين 2021 و2022 تضمنت شروطًا أميركية جديدة للاستمرار في الدعم، من بينها: مراجعة المناهج التي تدرس في مدارسها، والتدقيق "في سلوك الموظفين والمستفيدين" من "الأونروا"، و"التزام الحياد"[11]. فيما لم تعلّق حكومة نفتالي بينيت على عودة تدفق التمويل الأميركي إلى "الأونروا".

ستُعطي رسالة المفوض العام للأونروا إلى اللاجئين الفلسطينيين العمل على تفكيك الوكالة، وجهًا جديدًا، هذ المرة، عبر طرح خيار زيادة الشراكات داخل منظومة الأمم المتحدة الأوسع إلى أقصى حد، باعتباره حلًا لأزمة التمويل التراكمية والمركبة التي تعاني منها بسبب مواجهتها لسياسات داخلية في بعض البلدان المانحة التقليدية، والحملات المنسقة التي تقوم بها منظمات مؤيدة لـ"إسرائيل"؛ بهدف نزع الشرعية عن الوكالة الأممية، وسحب تمويلها، وتقويض حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

الموقف الفلسطيني والعربي
الموقف الفلسطيني والعربي من الخيار الذي طرحه "لارازيني" موّحد. وعبرت منظمة التحرير الفلسطينية عنه بثلاثة بيانات متطابقة صدرت عن لجنتها التنفيذية، ومجلسها الوطني، ودائرة شؤون اللاجئين التابعة لها.
رفضت منظمة التحرير مضمون رسالة لارازيني، لافتة إلى أنّه ليس من صلاحياته طرح حلول لمعالجة العجز المالي في ميزانية وكالة الغوث تمس بتفويض عملها، ولا بنقل صلاحياتها إلى منظمات دولية أخرى تحت شعارات الشراكات، وطالبته بمزيدٍ من التوضيح[12]، واعتبرت أنّ ما طرحه يتناقض بوضوح مع القرار الدولي (302) المنشِئ للوكالة، ورأت فيه تساوقًا مع الدعوات التي أعلنتها حكومة الاحتلال مرارًا لتصفية الوكالة، وإحالة خدماتها ومهماتها إلى الدول المضيفة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين على طريق تصفية قضية اللاجئين.

ورأت منظمة التحرير أن الحل لتجاوز الصعوبات المالية الراهنة هو القيام بجهود استثنائية لتوفير التمويل اللازم لمواصلة خدمات الوكالة بالمستوى والجودة اللازمَيْن لتلبية احتياجات اللاجئين، من خلال مطالبة الأمم المتحدة والدول المانحة بالوفاء بالتزاماتها، واعتماد موازنة ثابتة للوكالة أسوة بمؤسسات الأمم المتحدة الأخرى، والتعاون بين جميع الأطراف المعنية، خاصة الدول المانحة والمضيفة، وشددت على أنّ "الأونروا" شاهدٌ تاريخيٌ على مأساة اللجوء الفلسطيني، وعلى المسؤولية السياسية والأخلاقية للمجتمع الدولي.[13]

لم يصدر عن الدول العربية ذات الصلة المباشرة بقضية اللاجئين، كالأردن وسوريا ولبنان، مواقف منفصلة، بل جاء الموقف العربي الموحد من خلال جامعة الدول العربية والبرلمان العربي محذرًا من "المحاولات والمخططات والمشاريع الإسرائيلية المتواصلة" لتصفية "الأونروا"، مشددًا على أنها عامل أمن واستقرار في المنطقة.
أما الموقف العربي، فعبّر عنه سعيد أبو علي، الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية، برفض الأمانة العامة المطلق لأي اقتراحات أو محاولات للمساس بمسؤولية "الأونروا"، واختصاصاتها الكاملة، السياسية والإنسانية، تجاه مجتمع اللاجئين الفلسطينيين أيًا كان تأويلها أو تبريرها، حتى إيجاد الحل العادل لقضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية، مؤكدًا أنّ هذا الأمر تحرص عليه الدول العربية جميعها، خاصة الدول المستضيفة، حفاظًا على دور "الأونروا"، وتمكينها من القيام بواجباتها ووظائفها من دون أي انتقاص في مناطق عملياتها الخمس. وحذر من تداعيات هذا الاستهداف على قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم، وبالتالي على القضية الفلسطينية، كما على الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة.[14]
وفي السياق ذاته، دعا البرلمان العربي إلى تمكين "الأونروا" من تحمل مسؤولياتها الاجتماعية تجاه اللاجئين، ومسؤولياتها السياسية والقانونية بتأمين حقوقهم وحقوق الدول المستضيفة لهم.[15]
في غضون ذلك، لم تصدر الدول المانحة أيّ تعليق رسمي على خيار لازاريني الجديد، وما تزال تؤثر الصمت، وهو ما يشير إلى أن لا تغيير معلنًا في موقفها بدعم "الأونروا" ماليًا، وفي التصويت على تجديد ولايتها، وكذلك صمتت "إسرائيل".
خاتمة
لا يمكن النظر إلى الخيار الذي طرحه لازاريني في رسالته إلى اللاجئين الفلسطينيين إلا في سياق يخدم نهج تصفية "الأونروا"، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقضية اللاجئين الفلسطينيين، وهي قضية سياسية ما تزال منذ 74 عامًا بلا حل.
في كل الأحوال، سيؤدي نقل صلاحيات "الأونروا" إلى منظمات دولية أخرى، بالضرورة إلى تفكيك الربط السياسي الوثيق بين "الأونروا" وقضية اللاجئين الفلسطينيين؛ لتتحول قضيتهم من قضية بحاحة إلى حل سياسي إلى مجرد قضية إنسانية مفرغة من جوهرها السياسي؛ ما يتطلب تحركًا فلسطينيًا وعربيًا فعّالًا لمواجهة هذه الخيارات، وحشد الدعم السياسي والتمويل المالي الدولي للأونروا.
الهوامش
** ما يرد في هذه الورقة من آراء يعبر عن رأي كاتبها، ولا يعكس بالضرورة موقف مركز مسارات.

[1] رسالة من المفوّض العام للأونروا إلى اللاجئين الفلسطينيين، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، 23/4/2022: bit.ly/39iEwMb

[2] تنفيذية المنظمة تؤكد رفضها لأي مساس بوظائف وخدمات "الأونروا" وتحذر من محاولات تصفيتها، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، 25/4/2022: bit.ly/3Lgnpsl

[3] المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ليست مسؤولة عن لاجئي فلسطين، لماذا؟، الأونروا: bit.ly/3EZNV6X

[4] جلال الحسيني، تمويل الأونروا ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 22/1/2016: bit.ly/3s19lvr

[5] Donor Charts, UNRWA, 10/5/2022: bit.ly/3L551BL

[6] واشنطن توقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فرانس برس، 1/9/2018: bit.ly/3Kieh5r

[7] Steven J. Rosen, Why Has the U.S. Congress Done So Little About UNRWA?, Middle East Forum, Winter 2014-2015: bit.ly/3OMEvjF

[8] وقع مايكل كوماي، سفير "إسرائيل" لدى الأمم المتحدة، ولورانس ميشيلمور، المفوّض العام للأونروا، اتفاقيةً رسميةً تنصّ على اعتراف دولة إسرائيل بنشاط "الأونروا" في الضفة الغربية وقطاع غزة. ألزمت الحكومة الإسرائيلية نفسها بـ "عدم التدخل" في شؤون وكالة الأمم المتحدة في المجال الإنساني، واحتفظت بالحق في التدخل فقط في حالة وجود تهديدات للأمن القومي.

[9] لماذا طالب "نتنياهو" بتفكيك وكالة الأونروا؟، الأناضول، 14/6/2017: bit.ly/3vo2Q83

[10] Colum Lynch, Document of the Week: Jared Kushner’s Mideast Peace Email, Foreign Policy, 19/4/2019: bit.ly/3kWgv08

[11] جيمس ليندسي، فرصة ضائعة لإعادة التمويل الأميركي للأونروا، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، 2/9/2021: bit.ly/3so6vAN

[12] "شؤون اللاجئين" ترفض نقل بعض صلاحيات "الأونروا" لمنظمات دولية أخرى، وكالة وفا، 25/4/2022: bit.ly/3vSAl19

[13] تنفيذية المنظمة تؤكد رفضها لأي مساس بوظائف وخدمات "الأونروا" وتحذر من محاولات تصفيتها، وكالة وفا، 25/4/2022: bit.ly/3MDnyGz

[14] الجامعة العربية تحذر من محاولات ومخططات تصفية "الأونروا"، وكالة وفا، 26/4/2022: bit.ly/3vKYc2E

[15] البرلمان العربي يرفض المساس بالأونروا واختصاصاتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وكالة وفا، 26/4/2022: bit.ly/3OEnkkm

كلمات دلالية

اخر الأخبار