
الأسيرة وئام...صورة تبكي الحجر
خالد معالي
الإنسان الذي لا تؤثر فيه صورة أسيرة وهي معتقلة في قفص؛ يكون قد تجرد من المشاعر والأحاسيس الإنسانية النبيلة؛ فصورة الأسيرة وئام عصيدة وهي محجوزة في قفص الاعتقال والانتظار على حاجز حواره اللعين؛ تبكي حتى الحجر، وأشد القلوب قساوة، وتضرب أعماق كل من عنده ذرة من شرف وكرامة.
أليست مفارقة عجيبة؛ أن يلتف جنود مدججين بالأسلحة الفتاكة والقوية، حول فتاة ضعيفة عاجزة، لا تملك من أمرها شيئا، ولا ترى من حولها، ومقيدة اليدين؟! هل توجد في الدنيا خسة ونذالة كهذه التي لدى دولة الاحتلال؟!
تعسا لأمة المليار ونصف مسلم؛ وهي ترى صورة الأسيرة وئام، ولا تحرك ساكنا، وكأن وامعتصماه باتت من الماضي.
فقدان الحرية لوحده كفيل بتعذيب النفس وقهرها إن لم تصبر وتتحمل وتوكل أمرها إلى الله؛ فكيف بنا المشهد عندما يكون؛ فتاة مسلمة وفلسطينية، مكبلة، ومغمغة العينين وحولها جنود مدججين بمختلف أنواع الأسلحة، يزعمون أنهم من جيش لا يقهر.
أنت يا وئام برغم أسرك وضعفك؛ إلا انك قوية بإيمانك بالله وإرادتك التي لا تلين، وفخر الشعب الفلسطيني؛ لا بل فخر هذه الأمة؛ برغم تقاعسها وترددها في نصرتك وأخواتك الأسيرات وإخوانك الأسرى.
يصم الغرب وأمريكا آذاننا حول حقوق المرأة، ولكنهم يصمتون ولا نسمع لهم قولا عندما تعتقل وتعذب فيتات وطفلات ونساء فلسطين المحتلة.
صورتك يا وئام؛ أجبرت الأحرار ومن يجري في عروقه دم النخوة والشرف، على أن لا يناموا وهم يفكروا في خلاصك من القيد وزرد السلاسل. درسك قاس يا وئام، فأنت لم تنكسري ولم تعبئي بجنود الاجرام، الذين اعتقلوك بحجة زائفة كعادتهم.
كل من عنده غيرة وشرف، ويرى صورتك على الحاجز اللعين؛ يؤنبه ضميره، ويشعر بالتقصير والتقاعس عن نصرة الأسرى والأسيرات اللواتي يعانين من ظلم الاحتلال بأبشع صوره، وهو الأسر وبدون تهمة تذكر، اللهم سوى أنهن أحببن وطنهن وتمسكن به، ورفضن الظلم.
ذكرتنا صورتك يا وئام؛ بأن لا تخضع لظالم مهما علا ظلمه وغيه، وان الحق ينتزع من حلوق الأعداء نزعا، وان الاحتلال مهما طال زمانه إلى زوال بهمم الأبطال الشجعان الواثقين بنصر الله.
ما أثقل الدموع، وهي تنهمر حزنا بالنظر لصورتك، حزنا على ضعفنا وانقسامنا وهواننا على أعدائنا. أنت يا وئام؛ وجع في قلب كل حر وغيور في هذا العالم، ونخزة ضمير لكل حر وأبي في الوطن المأسور والمقهور.
نحني خجلا لك يا وئام، ول 16 أسيرة أخريات في سجون الاحتلال، اللواتي يوجعن ضمائرنا على الدوام، ويوجعن أيضا بقاء 5000 أسير في سجون الاحتلال، ولكن قليلا من الصبر، فالفجر، آت ...آت...، "أوليس الصبح بقريب".