في ذكرى النّكبة سأسكن اسدود

تابعنا على:   07:45 2022-05-16

عائد زقوت

أمد/ بلدتي اسدود طال الفراق، ولكنّني على يقين، أنّ موعدنا قريب، أنا لم أتذوق مرارة الهجرة منك، ولا من أي مدينة أخرى قَتَل الاحتلال رجالها واستحيى نسائها، أنا لم تحرق دموع الحسرة وجنتيًّ، ولم يَمُت طفلي بين يديَّ .

حقًا أنّي قد رأيت كسرًا يحذوه الأمل في العودة في عيون جدتي، والذي لا زال يراودها حتى رمقها الأخير، ولامستُ خوف أبي وحسرته على ترك سلاحه استجابةً لتعليمات الجيش العربي، فلم أشعر بالوجَل، أو الجَزع أو الحسرة .

أربع وسبعون عامًا انقضت ولم يخبُ الأمل في العودة يومًا، أربع وسبعون عامًا أضاءها الشعب الفلسطيني بالصبر والصمود والتحدي، سطّر فيها ملحمة بطولية في مواجهة المحتل .

‏ اسدود يا ملاذي ومُعتَصَمي لقد عشت الأشدّ قسوة، والأكثر إيلامًا وألمًا وخوفًا ووجلًا، وجدت نفسي شاهدًا وشهيدًا على نكبات عديدة تلعن الواحدة منها أختها، فمن نكبة الانقسام المُصَنّع في مختبرات الاستعمار، إلى نكبة تقسيم المسجد الأقصى وأسرلة القدس، إلى نكبة التطبيع، ولازالت نكبة التّهجير والتّشريد في الشيخ جراح، والخان الأحمر، ومسافر يطا، حاضرةً حائرةً تبحث عن ركنٍ شديد لها .

أمّا أُمّ النكبات فهي تبييض المواقف السياسة وغسيلها، حيث سيطر هذا النّهج على المشهد السياسي المحلي والإقليمي والدّولي، فدولة الاحتلال مستمرّة في غطرستها وجبروتها وجعلت من إراقة دم الفلسطينيّين شعارًا لها، وإسقاط الستاتسكو هدفًا لها، والاستيلاء على ما تبقّى من فلسطين وحصارها، وقرصنة أموالها ديْدنًا لها .

وفي مقابل هذا السّطو الاحتلالي لم يقدّم العالم أكثر من التصريحات الدّاعية والرّافضة لممارسات الاحتلال، دون أن ترتقي لإدانة الاحتلال وعربدته، فردّة الفعل الدولية الهابطة هذه قد تجد لها مبررًا لديهم في ظلّ سياسة ازدواجية المعايير، ولكن من غير المفهوم أنْ تتبنى الفصائل الفلسطينية وقياداتها هذا النهج، وكأنّها تنفض يديها من تحمّل مسؤولية التراجع على الحالة الفلسطينية الرسميّة، والفصائلية غير المتوافقة مع المعركة المفتوحة التي يشعلها الشعب الفلسطيني .

تنويه : حالة غسل اليدين السياسية مستمرة، فقد كشف استشهاد شيرين أبو عاقلة زيْف مواقف وأراء الكثيرين، وفي مقدمتهم قناة الجزيرة التي لم تكن موضوعيّة يومًا ما، حيث استُخدِمت كجيش لتدمير بعضًا من الدول العربيّة حسب تصريح رئيس الحكومة القطرية السابق حمد بن جاسم .

واليوم استغلّت استشهاد شيرين لتُبيّض مواقفها، فعلى الرغم من الأسى والحزن الذي اعتلى وجوه بعضًا من مراسليها وهم ينعوْنها، فلم يتجرأ أحدٌ منهم على وصف قتلة شيرين بالإرهاب أو على الأقل باستخدام عبارة جيش الاحتلال، ولكنّهم مصرّون على وصفهم بالجيش الإسرائيلي، فهل يستقيم هذا مع دموع...... .

كلمات دلالية

اخر الأخبار