مراجعات وطنية

تابعنا على:   20:05 2022-05-12

د. سامي محمد الأخرس

أمد/ في العهدة الوطنية الحالية التي تتلاحق متغيرات الكون من حولنا عامة؛ أصبح من المتوجب علينا بحتمية المراجعة المنهجية العلمية القادرة على تجاوز مخرجات الترهلات التي لحقت بمنظومتنا؛ وبمنظومة فهمنا التكتيكي من جهة والاستراتيجي من جهة أخرى.

امام العديد من المخرجات الرئيسية التي لا يمكن غض البصر عنها أكثر من ذلك أو القفز عن صهوة مواجهة الحقيقية فلابد من اعتماد الركائز الأساسية لمفهوم المراجعات كمدخل ممنهج للوقوف على شمولية القضايا بعيدا عن هامشية الشعار؛ وللارتكاز لجوهر الحقائق فلابد من اعتماد قانون أساسي في محاكاة وعينا الوطني من جهة؛ ومحاكاة حقيقة مكوننا المفاهيمي؛ على قاعدة المحتوى الوطني الفاعل والناجز الذي من خلاله يمكن الالتحام في معترك المتحولات والمتغيرات الجوهرية التي تنساب في مجرى الوجود الذاتي والوطني؛ من خلال:

اولا: المراجعة الأساسية لمفهوم المصلحة

هذه المراجعة لا يمكن تحييدها أو الوقوف في منطقة الحياد الرمادية التي تعودنا أن نقف فيها في كل دوائر المواجهة المتقدة في جوهرها الاساسي؛ فنحن ومنذ انطلاق نضالنا التحرري سواء ضد الانتداب البريطاني أو ملحقاته الاحتلال الصهيوني استندنا وارتكزنا إلى مفهوم المنطقة الرمادية في التعاطي مع مدخلات المتغيرات الكونية؛ رغم حالة التأرجح الهامشي والشكلي في العديد من المواقف التي كانت مخرجاتها بالغة الضرر بقضيتتا ومصلحتنا الوطنية التي انتهجت اسلوبان أولهما الحزبية العشائرية الأقرب لحزب القبيلة أو الحزب الاقطاعي المؤسس على مفاهيم الوراثة أو التوريث القبلي الذي عمل على عقلية التنافس بين كبار العائلات والأسر المنحدرة من قواعد أرستقراطية أو برجوازية تبحث عن مصالحها الذاتية عبر العنوان الأضيق (الوطني)؛ وثانيهما عقلية التنافس الأيديولوجي الذي شهد معارك محتدمة وقاسية شكلت مدخلا لاحتواء القرار الفلسطيني في مراحل متعددة اتخذت مناحي التبعية في الكثير من مراحلة نتيجة استحواذ الانتهازيةالمثقفة على زمام الأمور وهي بذاتها اقرب لترف ورفاهية طبقة الارستقراطيين الذين اتخذوا من شعارات الحماسة الثورية مدخلا وارتكازا للمصلحة الذاتية عبر أثير (الوطن) مما عمق مفهوم التفرد والاقصاء والاستحواذ والاحتواء لدى بعض الفئات والمكونات؛ وان اختلف الشعار في الفلسفتين السابقتين إلا أن الهدف ومكونات الفعل اتفقت في الجوهر. وعليه فإن هذه المراجعة تتطلب عمقا في قراءة مفاهيم الثورة والتثوير الناجزة معا؛ ووضوح الفكرة الوطنية الأساسية أو الفكرة الام في فهم النخب لهذا الشعار او هذا المدخل كمراجعة ناجزة تصوب مدخلات الفهم الجوهري (لثورة) الأحزاب والتعدد الأيديولوجي في التنوع الثوري مع مقاربة فعلية لتاريخ ومسيرة ثورات الشعوب الحية التي نالت حريتها؛ واستطاعت أن تهزم احتلالها أو استعمارها؛ وهذه المراجعة تستوجب استدعاء التاريخ مرة أخرى وتوجه اسئلة حية عن مدى التنوع الأيديولوجي للثورة الفيتنامية كمثال أو الثورة الجزائرية كمثال اخر.

ثانيا: المراجعة المرحلية لمفهوم مشاريع السلام

وهنا لا يمكن لنا الابتعاد كثيرا عن حاضرنا الذي نعيش في سكونة وشجونة منذ ثمانية وعشرون عام؛الا وهو مشروع أوسلو كمدخل لعملية السلام المزعومة مع كيان الاحتلال؛ وهذه المراجعة ترتكز للمراجعة الاولى في جزء منها حيث يتطلب الأمر إعادة القراءة وفق المفهوم التعددي للأيديولوجيا الثورية التي تستنبطها قوى التعدد الفلسطيني التي جنحت للتفرد والهيمنة على حساب المراجعة الوطنية العميقة لانجازات ومكاسب هذا المشروع؛ وشاركت كل هياكل التعدد الأيديولوجي في التعاطي مع المشروع باختلاف درجات الاستفادة من جهة؛ والاعتراف المعلن والضمني الصريح لنسبة الموافقة للمشروع سواء بعلنية الاعتراف أو سرية الموافقة.

وهنا لابد من المواجهة الذاتية داخل أروقة هذه المكونات دون المزايدة أو المساومة أو التسويف الاستقطابي مع استبعاد مفهوم التربح الذي ينتهجه البعض دون الإقرار علانية. فماذا حقق مشروع اوسلو؟ وبماذا عاد على القضية من خلاله؟ وماذا فعلت قوى الرفض لمحاربته؟ والى أين نسير به؟

ثالثا: مراجعة الكيانية الفلسطينية

منذ عام ١٩٦٤ بدأت تلوح مفاهيم الكيانية الفلسطينية على أرض الواقع حتى أخذ المرحوم الشقيري زمام المبادرة للاعلان عن م ت ف ككيان موحد للشعب الفلسطيني؛ وخاض هذا الكيان معاركه السياسية والشرعية والتمثيلية ليؤكد هوية القضية وهوية الشعب الفلسطيني؛ هذه المعارك سواء على مستوى الإقرار الدولي أو الإقليمي أو حتى المحلي الفلسطيني الذي شهد صراعا وتجاذبا داخليا للاستحواذ على هذه الكيانية التي جسدت الهوية الوطنية من جهة والعنوان الثوري النضالي من جهة اخرى؛ ومنذ النشأة حتى يومنا هذا ومعركة الاستحواذ تدور رحاها بين قوى التعدد الأيديولوجي؛ ولم تشهد هذه الكيانية اي مفهوم أو معنى حقيقي لديمقراطية النهج؛بل سادتها ديمقراطية البندقية التي خضعت للتصنيف الأيديولوجي للفئات التي سيطرت على بنادق الأحزاب الأقرب للطبقية منها؛ وعليه فإن المراجعة الناجزة هي دراسة عمق هذه الكيانية ودورها التاصيلي المفاهيمي في فهم وتحديد الهدف والدور والهوية؛ والاعتماد على قراءات عميقة للمشروع الأساسي في فهم معاني (التحرير) ومشروع التحرير.
هذه المراجعات الثلاث لا يمكن أن تتم في ضوء حالة التعدد المفاهيمي للمشاريع الخاصة للأحزاب التي تلتحم خلف ايديولوجيتعا وفهمها الخاص لمشروعها الحزبي الأساس في فعلها وحركتها الوطني؛ خاصة وأن معظم أحزابنا تسلقت إلى سدة قيادتها نخب إن جازت التسمية لم تطور من واقعها الحزبي بل طورت من واقعها الشخصي وعلى وجه التحديد الأحزاب المتعنونة بعنوان الدمقرطة؛ولكي تنجح المراجعات سالفة الذكر لابد وأن تنتهج هذه الأحزاب مفهوم المراجعات العميقة لذاتها ولمفاهبمها الذاتية كمحرك للمراجعات الاكثر شمولية.

كلمات دلالية

اخر الأخبار