تركيا تتصالح مع العرب وتسقط الإخوان من حساباتها

تابعنا على:   15:51 2022-04-30

فاضل المناصفة

أمد/ م تأتي زيارة أردوغان إلى المملكة العربية السعودية على حين غفلة، لقد مهدت لها الزيارات المتبادلة بين أبو ظبي وأنقرة ما بين نهاية 2021 وبداية السنة الحالية، والتي حاولت من خلالها تركيا فتح صفحة جديدة من العلاقات السياسية مع دول الخليج عبر بوابة أبو ظبي، الوسيط الذي أزال جبلا جليديا كان يحول بين الرياض وأنقرة.

رغبة تركيا في فتح صفحة جديدة مع دول الخليج قراءة سليمة وخطوة ضرورية لأردوغان، بعد أن أدرك أن التغيرات الإقليمية التي حصلت في المنطقة تحتاج لإعادة تموقع تركيا وصياغة سياسة خارجية جديدة تكون فيها الحاجة الاقتصادية أولوية تركيا التي لم تمر كورونا على اقتصادها مرور الكرام، بل كانت قاب قوسين أو أدنى من تدمر تعود بالليرة والاقتصاد التركي إلى السنوات العجاف.

تركيا اليوم عادت إلى حجمها الطبيعي في المنطقة بعد ان كانت تتصور انه بإمكانها ان تمارس مهنة شرطي الشرق الأوسط وأدركت أن العالم بعد الجائحة يحتاج إلى إعادة قراءة المشهد على حسب مقتضيات المصلحة الاقتصادية للبلاد، لا بأحلام  استعادة المجد العثماني على المنطقة : في مدة زمنية قصيرة اقتربت تركيا من أبوظبي وها هي تقترب من الرياض وقريبا ستقترب من القاهرة، وربما ستحاول أن تجد مخرجا من المأزق السوري من خلال مصالحة مع نظام بشار الأسد لتعيد بذلك رص علاقاتها مع العالم العربي على أساس المصلحة المشتركة والتكتل الاقتصادي الذي تفرضه التطورات التي حصلت وتحصل مع غزو روسيا لأوكرانيا.

الوضع اختلف أيضا مع إسرائيل : في شهر مايو من العام الماضي قامت وسائل الإعلام التركية الرسمية والخاصة بإحياء الذكرى الحادية عشرة لحادثة سفينة مرمرة واصفة إياها بالجريمة ومطالبة بمحاسبة إسرائيل على قتلها 10 أبرياء من طاقم السفينة، ولكن زيارة الرئيس الإسرائيلي الشهر الماضي كشفت أن الاتصالات بين الدولتين قد عادت إلى سابق عهدها وان تركيا لا تمانع في عودة تطبيع العلاقات، ليس هذا فحسب بل إنها عرفت تحولا جوهريا في توصيفها للمشهد الفلسطيني، خاصة فيما كان يشاع عن طلاق بينها وبين حماس ومنع قيادات الحركة من العودة إلى تركيا مع منح فرصة لباقي القيادات المتواجدين على أراضيها لترتيب شؤون الحركة والمغادرة بدون طرد حفاظا على سمعة تركيا في فلسطين إلى حد ما.

وتأكدت الأخبار بما لا يدع مجالا للشك حين استنكرت تركيا عملية بني براك في تل أبيب مما استعدى المتحدث باسم حماس للاستهجان من رد فعل تركيا مما جرى في تل أبيب وهو يعلم تماما أن تركيا لم تطلق بيانها للاستنكار فحسب بل هي رسالة واضحة وصريحة بأنها لأتقبل وجود شخصيات ترحب بمن يتبنى '' أعمالا إرهابية '' ضد شركائها.

وحتى على خلفية التصعيد الذي حصل في القدس مؤخرا، اختارت تركيا مفردات بيانها بعناية فائقة ووقفت على مسافة واحدة من طرفي الصراع كما طالبت بعدم السماح بالاستفزازات في أماكن العبادة، وكأنها تريد تحميل المتطرفين اليهود مسؤولية ما حدث من دون توجيه اللوم للحكومة الإسرائيلية. في حين أدانت وبشدة العام الماضي ما جرى في الشيخ جراح وقتل الأبرياء في غزة.

يفهم من كل هذه التحولات في الموقف السياسي التركي تجاه العديد من القضايا على أنها محاولة للتكيف مع محيطها الإقليمي وتفكير براغماتي سليم لأردوغان يحفظ مصالح بلاده ويسكت به الأصوات المعارضة التي تتهمه بإدخال تركيا في عزلة إقليمية.

ستكون هناك زيارة مرتقبة لمصر كما ستلعب تركيا دور غير مباشر في دعم بشار الأسد من خلال دعم مقترح عودته للجامعة العربية. ولا استبعد ان تكون حركة حماس والاخوان في تركيا الورقة التي سقطت واستهلكت بما فيه الكفاية، وستكون خارج المعادلة التركية الجديدة.

كلمات دلالية

اخر الأخبار