الإرهاب الصهيوني يولد المقاومة

تابعنا على:   23:37 2022-04-08

عمر حلمي الغول

أمد/ المقولة العلمية تقول "كل فعل له رد فعل مواز له في القوة والتأثير." فما بال العالم وهو يتابع منذ قرن خلا قبل إقامة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية بثلاثة عقود، وإرهاب المنظمات الصهيونية مدعومة من دولة الانتداب البريطانية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وبعد إقامة الدولة الشيطانية في اعقاب نكبة الفلسطينيين الكبرى في أيار / مايو 1948 تعاظمت عمليات القتل والتهجير والمذابح والتهويد والمصادرة والعنصرية في اجلى صورها، ثم احتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية في حزيران / يونيو 1967 بالإضافة لسيناء المصرية والجولان السورية وبعض الأراضي اللبنانية مع ما رافق هذا الاستعمار من مظاهر الاستعلاء والغطرسة واستخدام عصا الاعتقال والاغتيال والجريمة المنظمة وتعميق المشروع الكولونيالي الصهيوني بخطط التوسع والعدوان والمصادرة والتهويد، ونفي الحق الوطني الفلسطيني حتى على جزء متواضع من ارض وطنه الام، وشطب حقه في تقرير المصير، فضلا عن الحروب والاجتياحات والاقتحامات للأراضي والمدن والقرى والمخيمات وللمعابد المسيحية والإسلامية وحرق ونسف المساجد والاديرة والكنائس ... إلخ من جرائم العصر الحديث، وإعادة انتاج المحرقة النازية بنماذج تتوافق مع طبيعة المخططات الاجتثاثية للإنسان الفلسطيني العربي، وتغول المجتمع الصهيوني العسكرتاري الفاشي في الدم الفلسطيني.

هذا الواقع ومنذ أيضا اليوم الأول لوجوده الاجرامي واللا شرعي على الأرض الفلسطينية وجد رد فعل وطني فلسطيني عربي منذ مطلع القرن الماضي عبر سلسلة طويلة من الثورات والهبات والانتفاضات الشعبية، التي للأسف الشديد تآمر عليها بعض الزعماء العرب في المحطات المختلفة، لا بل ان بعض اهل النظام العربي الرسمي كانوا شركاء في النكبة عام 1948( وهذا لا يشمل الاشقاء العرب الذين دافعوا واستشهدوا على ثرى فلسطين، ومازالوا مستعدين للدفاع عنها وعن عروبتها ومركزيتها) وفي كل نكبة وارتداد حصل في فلسطين تنفيذا لمآرب العدو الصهيو الاميركي. ومع ذلك لم يستسلم الشعب العربي الفلسطيني ولا قيادته الشرعية ولا ممثلي قواه وفصائله السياسية، وذهاب القيادة لخيار السلام، كان ذهابا استراتيجيا. لان الكفاح التحرري الوطني كان لبناء ركائز السلام، وانتهاء وإزالة الاستعمار عن جزء من ارض الوطن الام فلسطين.

غير ان إسرائيل المارقة وحكوماتها المتعاقبة ذهبت بعيدا في غطرستها وفاشيتها، ولم تترك نافذة من نوافذ السلام فاتحة، بل قامت عن سابق تصميم وإصرار باغلاق كل بصيص امل لبناء خطوة صغيرة على طريق التسوية السياسية الممكنة والمقبولة، وغاصت حتى الركب في استباحة الدم والحقوق والأرض الفلسطينية، وارفقت جرائمها وارهابها المنظم بسن جملة متواصلة من القوانين العنصرية الاستعمارية ذروتها ما يسمى "قانون القومية الأساس للدولة اليهودية" الذي صادقت عليه الكنيست في 19 تموز / يوليو 2018، وقبله قانون النكبة، وبعده الغاء قانون لم الشمل ... الخ

وتعاظمت جرائم حكومة بينت / لبيد ضد أبناء الشعب في العاصمة الفلسطينية الأبدية، القدس ضد احيائها الستة، وفي الاقتحامات المتواترة للمسجد الأقصى، حتى يئير لبيد حاول تلميع صفحته الاجرامية امام قطعان اليمين المستعمر، وتلاه زعيم الليكود الفاسد قبل يومين وقبلهم الفاشي خليفة مائير كهانا، ايتمار بن غفير، وقبله سموتيريتش وغليك، وكل زعران العصابات الصهيونية بهدف فرض التقسيم الزماني  والمكاني في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، كما فعلوا في الحرم الابراهيمي الشريف، ومازالوا يعيثون فسادا في الأرض الفاسطينية، وترافق مع ذلك اقتحامات لاحياء وقرى ومخيم جنين وطولكرم ونابلس ورام الله واريحا وقلقيلية وطوباس وسلفيت والبيرة والخليل وبيت لحم وبيت جالا والخضر ، وحدث ولا حرج عن النقب ومدن وبلدات وقرى الجليل والمثلث والمختلطة وتقريبا كل يوم ترتكب مجازر قتل واغتيال والاف المعتقلين غير الحواجز ومصادرة الحقوق والحريات والثروات الطبيعية.

في ضوء كل ذلك ماذا يتوقع الإسرائيليون الصهاينة؟ هل مطلوب من الفلسطيني ان يرش الورود عليهم ويبارك مجازرهم ووحشيتهم، ويسلم بروايتهم، ويرفع راية الاستسلام في ظل عالم قائم على المعايير المزدوجة، تقوده الولايات المتحدة الأميركية المتوحشة، وتقدم الدعم المطلق بكل معايير الكلمة لدولة الإرهاب الصهيونية، ام الدفاع عن النفس الوطنية والقومية؟ لم تكن عملية الشهيد رعد حازم الزيداني اول امس، وقبله عملية ضياء حمارشة وغيرهم الا دفاعا عن الذات الوطنية، ودفاع عن حق الأطفال الفلسطينيين بحياة كريمة، ودفاعا عن التراب الوطني المستباح، ودفاعا عن الرواية التاريخية الفلسطينية العربية.

لا رعد ولا ضياء ولا أي من الشهداء الابرار يريد الموت، جمعيهم رواد حياة مقبلين عليها لا مدبرين، ولكن عندما تغلق إسرائيل الاستعمارية ومن خلفها اميركا وكل من لف لفهم افاق السلام، وتمارس القتل على الهوية الوطنية، وتغتصب الحقوق جهارا نهارا وعلى مرآى ومسمع من العالم اختاروا طريق الدفاع المشروع لفتح أبواب السلام والاستقلال الوطني ومجددا اثبتت العمليات البطولية الأخيرة عن شجاعة وكفاءة نادرة للمناضل الفلسطيني، وادخلت الرعب في إسرائيل، وزلزلت أجهزة الامن كلها، ووضعتهم في دوامة من الارباك غير المسبوق منذ عقود. تسع ساعات ورعد يقاوم جيش من القتلة، ولم يستسلم، وحول ليل تل ابيب وشارع ديزنكوف الى نهار، وأخيرا ذهب وصلى في الجامع في يافا عروس البحر الفلسطينية، وأَم في المصلين قبل ان يطلق رصاصاته الأخيرة على قتلة "الشاباك" الصهاينة، وأوقع فيهم قتيلان و23 جريحا.

ومع ذلك سيبقى الفلسطيني قيادة وشعبا معنيا ومتمسكا بخيار السلام، ولكنه لن يقبل بالاستسلام، ولن يرفع الراية البيضاء فاما ان تقبل إسرائيل السلام او تواصل جرائم المحرقة الجديدة، بيد ان الفلسطيني سيبقى متمسكا بالدفاع عن الحقوق والمصالح الوطنية مهما كان الثمن. ولا امل بالسلام الا باعطاء الشعب العربي الفلسطيني الحد الأدنى من حقوقه الوطنية.

اخر الأخبار