في يوم الأرض فلسطين تؤكد أنها عصيةٌ على التجاوزِ والتغييب ..!

تابعنا على:   13:51 2022-03-30

د. عبد الرحيم جاموس

أمد/ مسيرة طويلة من محاولات الغياب والتغييب، والتجاوز والإنكار، استهدفت فلسطين الأرض والشعب والسلطة، أي عناصر الدولة الثلاثة، استهدفها المشروع الصهيوني، واستهدفتها شبكة تحالفاته الإقليمية والدولية، لكن مسيرة الكفاح والنضال للشعب الفلسطيني عبر قرن كامل من الكفاح، والذي مثل فيها يوم الأرض حلقة مركزية قد كسرت حالة الغياب والتغييب والإنكار، لأن فلسطين ستبقى عصية على الغياب والتغييب حية بتاريخها وبكفاح شعبها، كما بقي شعبها عصياً على الذوبان والفناء والإندثار أو الإستسلام، كما هو عصي على الانكسار، وبقيت مقدساتها الإسلامية والمسيحية شاهدة شامخة، تعلن هوية فلسطين العربية وتثبت انتصار روايتها وعدالة قضيتها.
هكذا واصل الإنسان الفلسطيني تمسكه بأرضه ووطنه وهويته وثقافته، وكافة حقوقه المشروعة في وطنه فلسطين جيلا بعد جيل، فحال دون ارساء قواعد الغياب، ومع انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة على يد قوات العاصفة ورجال الفتح في الأول من يناير 1965م، بدأت معركة مراكمة الإنجازات الوطنية من جديد، لتبدأ فلسطين مسيرة العودة نحو فلسطين، ومسيرة العودة إلى الخارطة السياسية الدولية، وإلى الجغرافيا الشرق أوسطية، رقماً صعباً عصياً على التجاوز والإنكار، وعصياً على الإهمال.
وقد راكم النضال الوطني الفلسطيني الإنجاز تلو الإنجاز، في مسيرة نضال طويلة قدم فيها الشعب الفلسطيني التضحيات الجسام، في الوطن وفي الشتات، سعياً للوصول إلى تحقيق أهدافه المشروعة، وتمكينه من ممارسة كافة حقوقه المشروعة في العودة إلى وطنه، وحق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
فلسطين اليوم تمرُّ بلحظة تاريخية حاسمة في سياق نضالها الطويل في ظل جملة من المتغيرات الإقليمية والدولية، واستمرار مراكمة الإنجازات، فالمعركة الدبلوماسية والسياسية والقانونية والديمغرافية المحتدمة، والمقاومة الشعبية والمسلحة والمتصاعدة بكل اشكالها، التي تخوضها فلسطين متعددة الصور والأشكال والجبهات، مع المشروع الصهيوني وحلفائه، الذين ما زالوا ينكرون على فلسطين وشعبها حقوقهم المشروعة ويسعون لاستمرار اغتصاب وتغييب هذه الحقوق.
لكن الإرادة الصلبة، والصمود الذي تحلى ويتحلى به الشعب الفلسطيني، على مدى سنوات نضاله الطويل، والحكمة والصبر الذي تتحلى به قيادته الشرعية، وما أظهرته القيادة الفلسطينية من حنكة وصلابة قلَّ نظيرها في إدارة ملفات هذه المواجهة، وإدارة الصراع على كل المستويات، وهي تتحدي الضغوط المختلفة، المباشرة وغير المباشرة، من الصغار والكبار على السواء، من القريب ومن البعيد، لم ولن تثني القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني عن خوض هذه المواجهة المصيرية حتى تحقق أهداف شعبها.
فلسطين اليوم تضع الأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي بأسره أمام مسؤولياتهم وأمام الإمتحان الأخلاقي الكبير في عصر الحرية والاستقلال والديمقراطية... العالم اليوم عليه أن يختار ما بين استمرار الظلم والعدوان والاحتلال والعنصرية والإستيطان والفاشية الصهيونية، وما بين إنجاز الحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني، وإقرار العدل والأمن والسلام لدول المنطقة وللعالم أجمع.
إن فلسطين تضع العالم أمام مسؤولياته في زمن لم يعد فيه مكان لشرعنة الاحتلال والإستيطان والعنصرية، ولا مكان فيه للفاشية أو الديكتاتورية، العالم اليوم معني بوضع حدٍ للتسلط والتطرف والإرهاب الصهيوني، ووقف سياسة الكيل بمكيالين، والعمل على إنهاء احتلاله للأراضي الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة، وقبول فلسطين عضواً كامل العضوية في المجتمع الدولي.
اليوم في الذكرى السادسة والأربعين ليوم الأرض المجيد (30/3/1976_30/3/2022)، يأتي لتأكيد الشعب الفلسطيني وقيادته في الداخل والخارج، على الإستمرار في هذا الكفاح والنضال الشاق والطويل، حتى تتحقق الأهداف التي إنطلقت من أجلها الثورة الفلسطينية المعاصرة بقيادة الشهيد القائد ياسر عرفات ورفاقه من الشهداء الأبرار رحمهم الله، فقد خطوا بدمائهم طريق العودة والتحرير والبناء، ليتواصل النضال وتتواصل المقاومة الشعبية والمسلحة بكل اشكالها جيلا بعد جيل ولن تخبوا شعلة المقاومة والثورة، مهما جرى من مؤامرات ومؤتمرات مشبوهة تسعى لتجاوز الشعب الفلسطيني وتجاوز حقوقه الراسخة والثابتة في وطنه، كما تجلى ذلك مؤخرا في قمة النقب (الصهيوعربية أمريكية)، أن رضوخ البعض العربي والإقليمي لإملاءات العدو لن يكسر شوكة النضال الوطني الفلسطيني والعربي، ولم يتأخر الرد الفاعل والحاسم من أبطال فلسطين المقاومين على هذه القمة المشبوهة والمفرطة بحقوق الشعب الفلسطيني وحقوق الأمة العربية، جاء الرد في النقب وفي الخضيرا وفي تل ام الربيع مباشرة ليذكروا المتغافلين والراضخين والمطبعين أن فلسطين وشعبها حقيقة عصية على التجاوز والتغييب والإنكار، وقدم المقاومون الأبطال بهذه العمليات الجريئة والنوعية أبلغ رسالة لكيان المستعمرة وحلفائها وللمطبعين معها، مفادها (أن للسلام طريق واضح وواحد وهو انهاء الإحتلال والتسليم بحقوق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس) وأن السلام يبدأ من القدس، والحرب تندلع من القدس، وليس من أي مكان آخر لا من دبي ولا من الرباط أو غيرهن، فهل يدرك قادة المستعمرة ومعهم دول التطبيع العربية هذه البديهية السياسية قبل فوات الأوان ؟! ...

اخر الأخبار