العقوبات الأمريكية أخطر من المواجهة العسكرية

تابعنا على:   13:12 2022-02-24

جلال نشوان

أمد/ منذ بداية الأزمة الأوكرانية الروسية ، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية بأنها ، لن تتدخل عسكرياً ، وكذلك معظم الدول الأعضاء في حلف الناتو لكنها لوحت بفرض عقوبات قاسية جداً وهنا يداهمنا السؤال :
مانوع العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة الأمريكية؟ وما انعكاساتها على روسيا ؟
معظم الصحف الأمريكية سربت العقوبات الأمريكية ، وهي عقوبات قاسية ، تنم عن البلطجة الأمريكية البشعة ، والعقوبات التي تنتظر موسكو في حال تصاعدت أزمة أوكرانيا
أهمها وقف خط (نوردستريم 2) وتشمل إضافة قيود تجارية ومالية تجعل تصدير الطاقة من روسيا أصعب
الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تحول الى (مراسل حربي) يتابع تطورات الأزمة وعلى مدار الساعة، هدد نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بفرض عقوبات اقتصادية، وغير اقتصادية، على موسكو إذا حاولت غزو وضم أوكرانيا
يذكر أن هناك بالفعل حزمة عقوبات مختلفة مفروضة على روسيا من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لأسباب مختلفة، ربما أهمها حزم العقوبات المفروضة على موسكو منذ عام 2014 بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم التي كانت جزءاً من أوكرانيا. وبالطبع، ستشمل أي عقوبات جديدة في حال أي تصعيد عسكري روسي جديد ضد أوكرانيا تشديد أنظمة العقوبات الموجودة تلك، إضافة إلى فرض عقوبات جديدة أميركياً وأوروبياً على الأرجح ، وهنا نتساءل :
ما الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة وأوروبا لتشديد العقوبات على روسيا وفرض عقوبات جديدة؟
(نوردستريم 2) ربما يكون أول وأهم تلك العقوبات المحتملة على روسيا هو وقف خط أنابيب نقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا ( نوردستريم 2). صحيح أنه قد تم الانتهاء بالفعل من بناء خط الأنابيب بين روسيا وألمانيا، بتكلفة مليارات الدولارات، لكنه لم يعمل بعد.
الإدارة الأميركية تمارس ضغوطات هاىلة على الحكومة الألمانية الجديدة لوقف عمل "نوردستريم 2 ويبدو أن اولاف شولتس استسلم لضغوطات البيت الأبيض
الغرب وضع نصب عينيه خلخلة الاقتصاد الروسي وذلك بغرض عقوبات مؤلمة ، فصادرات الغاز الطبيعي مصدر مهم وأساسي للدخل القومي الروسي، والسوق الكبرى لتصديره هي أوروبا.
وفي الحقيقة :
ستشمل أي عقوبات محتملة حظراً أميركياً على تحويل (العملة الروسية الروبل) ، إلى( الدولار الأميركي ) ومن شأن ذلك أن يجعل تصدير روسيا للنفط في غاية الصعوبة، لكنه لن يكون مؤثراً بشدة ما لم يحظر أيضاً تحويل الروبل إلى العملات الأوروبية، بخاصة العملة الموحدة، اليورو.
كما يمكن أن تتضمن العقوبات فرض إجراءات عدم تعامل مع (البنوك الروسية) ، بالتالي يصبح تحويل عائدات صادرات الطاقة في غاية الصعوبة ويحرم الاقتصاد الروسي من المصدر الرئيس للعملة الصعبة. ويضاعف من الأذى للاقتصاد الروسي فرض عقوبات تشمل حظر روسيا من استخدام نظام (سويفت ) لتحويل الأموال، كما فعلت العقوبات الأميركية على إيران، فعزلت الاقتصاد الإيراني تماماً خارج الاقتصاد العالمي.
كما يمكن أن تشمل العقوبات الجديدة حظراً شاملاً على شركات( الطاقة الروسية المملوكة للدولة ) وأيضاً على شركات أخرى في القطاع المالي. والأرجح أن تستهدف العقوبات المحتملة أيضاً فرض حظر تعامل على رجال المال والأعمال الروس وعائلاتهم لمنع الحكومة الروسية من الالتفاف على العقوبات المفروضة على الكيانات الحكومية.
ويمكن أن تشمل العقوبات المحتملة أيضاً فرض حظر تعامل على سياسيين كبار في الحكومة بشكل تصاعدي في حال نشوب نزاع حول أوكرانيا، كأداة لردع روسيا للتراجع عن موقفها عندئذٍ. وحتى بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم، ترددت الخزانة الأميركية في استهداف كثير من الشخصيات، حتى رجال الأعمال الروس الكبار، لكن ذلك سيتغير في حال أي تصعيد روسي جديد ضد أوكرانيا
ونتساءل :
ما مبرر فرض صناع القرار في أمريكا عقوبات على رجال الأعمال الروس الكبار ؟
بالتاكيد أن ذلك سيضر باقتصادات دول أخرى تستثمر فيها بكثافة، مثل تضرر مشروع صناعة الألومنيوم (روسال) في جمهورية إيرلندا الذي يملكه الملياردير الروسي( أوليغ دريباسكا) بعد أن فرضت عليه الإدارة الأميركية عقوبات قبل سنوات.
لكن، في حالة عمل عسكري روسي ضد أوكرانيا، ستتغاضى الإدارة الأميركية عن تلك التبعات، لتشدد العقوبات المفروضة حالياً على روسيا، بل وتطالب الشركاء الأوروبيين بالقيام بالمثل. وكان الرئيس بايدن قد استبق قمته الافتراضية مع بوتين بلقاء تشاوري مع القادة الأوروبيين، الاثنين، ولا شك أنه تناول ما يمكن أن تفعله أوروبا ضمن التهديد بتشديد العقوبات على روسيا.
ويقارن بعض المحللين بين العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة حالياً على روسيا ونظام العقوبات الذي شددته الولايات المتحدة وأوروبا على إيران بسبب برنامجها النووي، وأسباب أخرى. وإذا كان نظام العقوبات على إيران، الذي يشكل "أقصى ضغط"، هو النموذج الذي يتحتذيه الغرب، فإن مستوى العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الغرب منذ 2014 أقل من ثلث العقوبات على إيران، بالتالي هناك خيارات واسعة لتشديد العقوبات الحالية على روسيا بإضافة عقوبات جديدة.
و تشمل العقوبات الأوروبية على روسيا (185 شخصاً ) و(48 كياناً روسيا ) وتتضمن حظر دخل هؤلاء دول الإتحاد الأوروبي، وتجميد أصولهم في أوروبا ومنع المؤسسات الأوروبية من توفير الأموال والخدمات لهم. كما تشمل العقوبات أيضاً تقييد التعاون الاقتصادي مع روسيا ومنع بنك الإستثمار الأوروبي وبنك الإنشاء والتنمية الأوروبي من الاستثمار في روسيا
عن تشديد العقوبات الحالية المفروضة من قبل الولايات المتحدة يتعلق بسوق السندات.فلقد فرضت الحكومة الأميركية حظراً على المؤسسات المالية الأميركية أن تشتري سندات الخزانة الصادرة عن الحكومة الروسية، ولم يكن لذلك القرار تأثير كبير على سوق السندات الروسية، ولا مزادات سندات الخزانة. ويمكن للإدارة الأميركية تصعيد ذلك الحظر ليشمل سوق السندات الثانوية، حيث يتم تداول المشتقات التي تتضمن توريق سندت الدين السيادي الروسي، كما يمكن توسيع نطاق الحظر أيضاً ليشمل سندات الدين للشركات العام،
كيف ستتعامل تركيا مع هذه الأزمة ؟
العديد من الدول ستتضرر من هذه الأزمة ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، مصر ، فمصر تعتبر من أكثر الدول في العالم التي تستورد القمح الروسي والأوكراني ، بالإضافة لذلك تضرر قطاع السياحة ،
فالسائحون الروس الأوكرانيون ، يفضلون السياحة في مصر للعديد من الأسباب ، لكن ربما يتم التفاهم مع مصر ويتم التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط وبواسطة شركات أمريكية ، للاستغناء عن الغاز الروسي
البلطجة الأمريكية جعلت من الدب الروسي خياران ، أحلامها مُر ، فإذا لم يبادر ، فالغرب على الحدود ، لذا بادر واقدم على خطوات صعبة
الأيام القادمة تحمل في طياتها الكثير وان غداً لناظره قريب

كلمات دلالية

اخر الأخبار