بالأسماء...

تحقيق يكشف تفاصيل حسابات سرية لقادة عرب في سويسرا

تابعنا على:   15:32 2022-02-21

أمد/ عواصم: كشف تحقيق صحفي استند إلى تسريب كبير للبيانات، أن مصرف "كريدي سويس" تورط في معاملات بمليارات الدولارات من "الأموال القذرة" طيلة عقود، وكان مركزًا لحسابات شخصية سياسية وعامة عربية، في ما يعد انتكاسة جديدة لثاني أكبر بنك سويسري.

وبحسب التحقيق، الذي أجرته مجموعة تضم عشرات المؤسسات الإعلامية، فإن البنك يحتفظ بأكثر من 8 مليارات دولار في حسابات لمجرمين وديكتاتوريين ومنتهكي حقوق الإنسان وغيرهم.

من جانبه، قال بنك "كريدي سويس" في بيان إنه يرفض "الادعاءات والتلميحات"، مضيفًا أن العديد من القضايا التي أثيرت تاريخية، وبعضها يعود إلى أكثر من 70 عاما، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

نتائج التحقيق

وفقا لمشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد، وهو مجموعة صحفية غير هادفة للربح، بدأ تحقيق "أسرار سويس" بعدما شارك مصدر مجهول بيانات مصرفية مع صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية منذ أكثر من عام.

وتغطي هذه المعلومات حسابات بقيمة 100 مليار دولار، وفحصت من قبل 48 منفذا إعلاميا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك "نيويورك تايمز" و"لو موند" و"الغارديان".

وخلص التحقيق إلى أن الحسابات التي أثارت الشكوك تضمنت أصولا تزيد قيمتها على 8 مليارات دولار.وفقا للمشروع كان هذا أكبر تسريب للبيانات من بنك سويسري عريق.

ومن بين أصحاب هذه الحسابات؛ رئيس المخابرات اليمنية المتورط في التعذيب، وأبناء رجل أذربيجاني "قوي"، وتاجر مخدرات صربي، وموظفون بيروقراطيون متهمون بنهب ثروة فنزويلا النفطية.

زعماء وقادة عرب

قال التحقيق إنه اكتشف عشرات "الشخصيات المشكوك فيها" ضمن البيانات، بعضها مرتبط بمسؤولين حكوميين. كان من بين المدرجين على قائمة حساباتهم لدى البنك ابنا الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والملك الأردني عبد الله الثاني.

وفقا لما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز"، كان لدى الأخوين مبارك 6 حسابات في بنك "كريدي سويس"، بما في ذلك حساب مشترك "تضخم" إلى نحو 196 مليون دولار في عام 2003.

وكان الزعيم الوحيد الذي لا يزال في منصبه، هو ملك الأردن عبد الله الثاني، والذي امتلك - وفقا للبيانات المسربة - 6 حسابات سويسرية أيضا، بما في ذلك حساب كان يحتوي على أكثر من 224 مليون دولار في عام 2015.

وذكر التحقيق أن زوجته الملكة رانيا امتلكت حسابا تجاوز 40 مليون دولار في عام 2013، لكنه أغلق هذه الحسابات في عامي 2015 و2016.

ومع ذلك، أشار التحقيق إلى أن معظم الأموال الموجودة في أكبر حسابات الملك كانت من عائد بيع طائرة في مايو/ آيار عام 2015 مقابل 212 مليون دولار، وكان الباقي "ثروته الشخصية" التي ورثها عن والده الملك السابق واستثمرها منذ ذلك الحين.

أظهرت البيانات المسربة أيضا أن الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، والذي أطيح به من الحكم في عام 2019 وتوفي عام 2021، كان لديه حساب مشترك مع عدد من الأقارب يمتلك به 1.1 مليون دولار في 2005.

كما امتلك سلطان عمان قابوس بن سعيد، الذي حكم لما يقرب من 5 عقود حتى وفاته في عام 2020، حسابين؛ أحدهما كان يحتوي على ما يقرب من 126 مليون دولار في عام 2003 والآخر به 57 مليون دولار في عام 2015.

وأظهرت البيانات أنه في عام 2003، فتح أقارب عمر سليمان، رئيس الاستخبارات المصرية في عهد مبارك، حسابا مشتركا وصلت مدخراته إلى 52 مليون دولار بعد بضع سنوات. توفي سليمان في عام 2012، لكن الحساب ظل مفتوحا حتى عام 2016.

كما فتح سعد خير، قائد وكالة المخابرات الأردنية بين عامي 2000 و2005، حسابا وصل رصيده إلى 21.6 مليون دولار قبل إغلاقه بعد وفاته في عام 2009.

ماذا قال البنك

تضمن التسريب معلومات عن أكثر من 18 ألف حساب مصرفي، ظل العديد منها مفتوحا حتى عام 2010، بينها حسابات تتضمن مئات الملايين لشخصيات عربية شهيرة.

رد البنك في بيان الأحد: "يرفض كريدي سويس بشدة المزاعم والتلميحات بشأن الممارسات التجارية المزعومة للبنك. المسائل المعروضة تاريخية في الغالب".

وأضاف أنها تعود في بعض الحالات إلى أربعينيات القرن الماضي، وتستند حسابات هذه الأمور إلى معلومات جزئية أو غير دقيقة أو انتقائية مقطوعة من سياقها، مما أدى إلى تفسيرات متحيزة لسلوك البنك التجاري.

وأشار إلى أن نحو 90% من الحسابات التي خضعت للمراجعة أغلقت - أو كانت في طور الإغلاق - قبل أن تتواصل الصحافة مع البنك، مضيفا أنه أغلق أكثر من 60% منها قبل عام 2015.

مع ذلك، قال مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد، في بيان على موقعه على الإنترنت: "نعتقد أن العشرات من الأمثلة التي ذكرناها تثير تساؤلات جدية حول فعالية كريدي سويس والتزامه بالوفاء بمسؤولياته".

عند سؤالهم عن سبب وجود العديد من هذه الحسابات، أشار موظفو "كريدي سويس" الحاليون والسابقون إلى ثقافة العمل التي حفزت على المخاطرة لتحقيق أقصى قدر من الأرباح.

وقال المؤسس المشارك للمشروع بول رادو في بيان: "لقد رأيت في كثير من الأحيان مجرمين وسياسيين فاسدين يمكنهم تحمل تكاليف الاستمرار في القيام بأعمالهم كالمعتاد، بغض النظر عن الظروف، لأنهم على يقين من أن مكاسبهم غير المشروعة ستظل آمنة وستظل دائما في متناولهم".

ليست الفضيحة الأولى

التحقيق الدولي هو الأحدث في سلسلة الانتكاسات التي عانى منها بنك "كريدي سويس" أخيرا. في مارس/ آذار 2021، تعرض البنك لضغوط بعد انهيار شركة "غرينسيل كابيتال" التي دعمها بنحو 10 مليارات دولار. وتكبد أكثر من 5 مليارات دولار بسبب انهيار صندوق "أركيغوس" الأمريكي.

في سويسرا، كان موظف سابق لدى البنك من بين المتهمين في محاكمة فساد كبرى بدأت لتوها، وتنطوي على مزاعم غسل الأموال والجريمة المنظمة في بلغاريا. قال البنك إنه سيدافع عن نفسه بقوة في المحكمة.

يرى الخبراء أن قوانين السرية المصرفية الصارمة في سويسرا تُسكِت فعليا المطلعين أو الصحفيين الذين قد يرغبون في كشف المخالفات داخل أحد البنوك السويسرية.

قال مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد إن مجموعة إعلامية سويسرية لم تتمكن من المشاركة في التحقيق بسبب خطر الملاحقة الجنائية.

اخر الأخبار