طريق الحرير رؤى ومصالح إستراتيجية خفية(الجزء الثاني) صراع الموانئ

تابعنا على:   14:18 2022-01-31

أمين سامي

أمد/ بمرور طريق الحرير الصيني الجديد من باكستان، تتغير اللعبة الاقتصادية في المنطقة ويظهر وجهٍ اقتصاديٍّ جغرافيٍّ جديد في اللعبة تقف الدول جميعها لتنظر من سيكون الخاسر الأكبر.

تُعدُّ توسعة ميناء غوادر الواقع في باكستان والذي يحتل موقع استراتيجي مشروعًا مُغيِّرًا لقواعد اللعبة، من شأنه أن يعيد صياغة الأجندة الاقتصادية للمنطقة بأسرها. ويعتقد العديد من المحللين الاقتصاديين أن غوادر هي دبي أخرى ناشئة على خريطة العالم، والأمر المقلق هنا هو أنَّ القوة الاقتصادية تعني تهديد التأثير الإستراتيجي لدبي في المنطقة.

تقع مدينة دبي على الساحل الجنوبي الشرقي للخليج، وتعد هي أكبر المدن وأكثرها اكتظاظا بالسكان في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد وضعت دبي استثمارها في البنية التحتية للتغلب على قلة مواردها الطبيعية، فأصبحت مركزا عالميا للأعمال والتجارة والسياحة. وهكذا، برزت دبي باعتبارها مدينة متعددة الثقافات تتمتع باستقبال الملايين من الزوار سواء كان ذلك للترفيه أو الأعمال من جميع أنحاء العالم كل عام.

يعد ميناء غوادر منافسا خطيرا لدبي، كما يعتبر الميناء موقعا إستراتيجيا يمنح الصين ووسط آسيا إمكانية الوصول إلى منطقة الخليج والشرق الأوسط.

وبالمقابل تأتي إيرادات دبي الرئيسية من السياحة والطيران والعقارات والخدمات المالية. ومن وسائل دخلها الأخرى أيضا: مشاريع البناء الكبيرة، وناطحات السحاب الشهيرة واستضافة الأحداث الرياضية، كما يقع أطول برج في العالم وهو برج خليفة في هذه الإمارة.

من الجلي إذن أن المنطقة التي تقع فيها دبي يمكن أن تقدم ميزة جغرافية متميزة للشركات، حيث يوجد ميناءان تجاريان رئيسيان في دبي وهما ميناء راشد وميناء جبل علي. ويعد الأخير أكبر ميناء صنعه الإنسان في العالم والأكبر كذلك في الشرق الأوسط، وهو موطن لأكثر من 5000 شركة من 120 بلدا.

وفي شهر (أكتوبر/تشرين الأول) القادم سيُعقد منتدى دبي للاستثمار -الذي يهدف إلى جذب وإقناع المستثمرين المحليين والدوليين- تحت رعاية ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم. وبلا شك، يعتبر هذا المنتدى أمرا بالغ الأهمية لمستقبل دبي لكي تتمكن من مواصلة تطورها؛ خاصة مع بزوغ هذا المنافس القوي الذي يدعى غوادر في الأفق.

وقد أعلن الدكتور أحمد البنا، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الهند أن استثمار الصين في توسيع ميناء غوادر الواقع في دولة باكستان سوف يكون له تأثير سلبي على مصالح دولته.

والخلاصة أن الحالة الجغرافية الاقتصادية وكذلك الحالة الجغرافية السياسية في جنوب آسيا آخذة في التغير بسرعة فائقة. ويمكن أن يعزى ذلك إلى حقيقة أن القوى الناشئة في المنطقة تعيد تحديد وجودها.

وبالمقابل فإن المملكة العربية السعوديةوالكويت تتوفر على موارد طبيعية من النفط، ولقطر مواردها للغاز الطبيعي، وبالتالي إذا ما نظرنا للإمارات، حيث لا تملك أي موارد خاصة بها وتعتمد في الغالب على عائداتها من السياحة والنقل.

ولذلك، فإن استثمار المملكة العربية السعودية الكبير لجذب السياحة من خلال تحويل 50 جزيرة في البحر الأحمر إلى منتجعات سياحية فاخرة، وخلق مدينة نيوم الجديدة التي تعتبر مدينة مواكبة للثورة الصناعية الرابعة وتطوير وتوسعة ميناء جدة الدولي للاستفادة من التجارة العالمية التي تمر عبر قناة السويس والتي تشكل 10% من التجارة العالمية التي تمر بالمنطقة تبقى الإمارات العربية المتحدة هي الخاسر الأكبر من هذه اللعبة العظيمة؛ حيث لن يبقى لدبي أية امتيازات في السياحة ولا في النقل بعد مضي عشر سنوات من الآن.

المصادر :
١. تقرير قناة الجزيرة حول : ميناء غودار صراع الموانئ الصامت بين باكستان والإمارات

كلمات دلالية

اخر الأخبار