حول ما نشرته الغارديان...عائلة المهدي بن بركة ترد على اتهامه بالجاسوسية

تابعنا على:   15:45 2021-12-30

أمد/ عواصم: وصفت عائلة المهدي بن بركة، المناضل المغربي اليساري الذي اختطف سنة 1965 في باريس، ما نشر مؤخرًا حول ارتباطه بالاستخبارات التشيكية بأنه مجرد "افتراء واعتداء" على ذكراه.

وكانت صحيفة "الغارديان" البريطانية، قد نشرت في 26 ديسمبر الجاري مقالًا بعنوان "زعيم المعارضة المغربية كان جاسوسا بحسب سجلات الحرب الباردة"، واستندت في معلوماتها إلى إصدار يعود إلى نوفمبر من عام 2020 لباحث تشيكي يحمل اسم جان كورا.

وعبرت العائلة عن الصدمة والغضب من هذه "الاكتشافات الزائفة" الملفقة دون أي تحليل للسياق التاريخي والسياسي لتلك الفترة، معتبرة أن ما نشر هدفه "الاعتداء على ذاكرة المهدي بن بركة، وتشويه عمله السياسي وفكره لصالح نضالات الشعوب ضد الاستعمار والإمبريالية والصهيونية من أجل تحررهم سياسيا واجتماعيا ومن أجل الديمقراطية".

ورأت عائلة المناضل المهدي بن بركة في بيان بالخصوص أن هذه "الاعتداءات على ذاكرة أحد أهم قادة العالم الثالث ورمز مقاومة الكولونيالية والصهيونية والإمبريالية تكررت في السنوات الأخيرة بشكل كبير من خلال التضليل والافتراء".

وأشارت عائلة بن بركة إلى أن صحيفة الغارديان البريطانية، نشرت أطروحات جان كورا بشكل كامل، التي تنسخ بالتفصيل مقالًا للصحافي التشيكي بيتر زيديك نشرته صحيفة "ليكسبريس" الفرنسية في يوليوز 2007، معلقة في هذا السياق بقولها: "لا جديد تحت شمس الافتراء".

وقال بيان عائلة بن بركة: "ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها ذكرى بن بركة للهجوم، فبدل مهاجمة أفكاره وسيرته النضالية، يحاول أعداؤه وخصومه ومنتقدوه تصويره على أنه مجرد جاسوس لدى جهاز مخابرات، اليوم لدى المخابرات التشيكوسلوفاكية، وسابقا لدى الموساد الإسرائيلي، ولم لا غدا سنسمع أنه مخبر لدى وكالة الاستخبارات الأميركية أو الكاب1 المغربية؟".

وفي معرض انتقادها لما قاله هذا الباحث، لفتت عائلة بن بركة إلى أن المعني بالأمر استند إلى وثائق رفعت عنها السرية، وأنه يدعي  من دون عين ناقدة أن المهدي كانت له علاقة بالاستخبارات التشيكوسلوفاكية وتلقى أموالا مقابل ذلك.

ووصف البيان جان كورا بأنه "أغفل أن الأمر يتعلق بمادة خام أنتجها جهاز استخبارات ربما لم يتم تنقيحها أو غير مكتملة وتبقى مشكوكا فيها، كما أن مقال غارديان يتبع المنطق نفسه دون مزيد من التحقيق بحيث لم يتم التعامل مع الملاحظات التي أدليت من طرف العائلة لمراسل الصحيفة حين اتصل بها".

وفي وقت سابق، نشرت الغارديان البريطانية، وثائق تعود إلى زمن الحرب الباردة، كتبت عنها أن القيادي اليساري المعارض المهدي بنبركة، الذي اغتيل في سنة 1965، "كان جاسوسا".

وذكرت الصحيفة أن وثائق تشيكوسلوفاكية من فترة الحرب الباردة تسائل “استقلالية” بنبركة، وكونه كان جاسوسًا، ولم يكن قريبا فقط من الأجهزة السرية التشيكوسلوفاكية، بل حصل على تمويلات معتبرة منها، ماديًا ونوعيًا.

وتعود الوسيلة الإعلامية في فقرات لاحقة لتسجل على يد الباحث الذي درس هذه الوثائق أن “بنبركة لم يقر يوما بأنه كان يتعاون مع المخابرات التشيكوسلوفاكية، وهذا الجهاز لم يضع اسمه يوما كعميل، بل فقط كمصدر سري، ولكنه كان يوفر معلومات، وكان يتقاضى مقابلا”.

ووفق جان كورا، أستاذ مساعد بجامعة “شارلز” ببراغ، فإن “بنبركة الذي يقدم عادة بوصفه مناهضا للمصالح الاستعمارية لصالح العالم الثالث، تظهر الوثائق صورة مختلفة كثيرا عنه: رجل يلعب مع أطراف متعددة، ويعرف الكثير، ويعرف أيضا أن المعلومات ثمينة جدا خلال الحرب الباردة، وباحث عن الفرص كان يلعب لعبة خطيرة جدا”.

وذكرت “غارديان” أن هذه الاكتشافات ستكون مثيرة للجدل؛ لأن بنبركة “لا يزال بطلا في أعين الكثيرين في اليسار، وتنفي عائلته أي اتهامات بكونه كان ضالعا في التجسس أو كانت لديه أي ارتباطات قريبة بأي دولة”.

ووفق الأستاذ نفسه فإن علاقة بنبركة بـ”الأمن القومي التشيكوسلوفاكي”، المعروف اختصارا بتسمية “StB، بدأت في الستينيات من القرن العشرين عندما التقى أعلى جواسيسهم مرتبة في باريس، بعدما فرّ من المغرب في نهاية حكم الملك محمد الخامس. وأضاف الأستاذ الجامعي أن جواسيس براغ كانوا يأملون أن يستقوا من هذا القيادي اليساري البارز معلومات ليس فقط عن التطورات السياسية بالمغرب، بل أيضا عن طريقة تفكير القادة العرب مثل الرئيس المصري جمال عبد الناصر.

وسجلت الوثائق ذاتها أن بنبركة كان بارزا في “الحركة المناهضة للإمبريالية بإفريقيا والدول الآسيوية”، وهي لائحة تضم أيضا “مالكوم إكس وتشي غيفارا ونيلسون مانديلا”.

وسجلت الوثائق أن المناضل المغربي المهدي بنبركة كان “مصدرا فائق الأهمية فيما يتعلق بنوعية معلوماته”، وأُعطِي له لقب خاص في الأرشيفات هو “الشيخ”.

كما ذكرت “غارديان” أنه بحلول شتنبر 1961 كان بنبركة قد حصل على 1000 فرنك فرنسي من المخابرات التشيكوسلوفاكية مقابل تقارير عن المغرب، ثم وفرت له رحلة مدفوعة التكاليف إلى جنوب إفريقيا لجمع معلومات حول الأنشطة الأمريكية بغينيا الاستوائية، وهي عملية “اعتبرت ناجحة”.

وبعد فترة قليلة، بدأ شك التشيكوسلوفاكيين، وفق المصدر نفسه، بأن لبنبركة علاقات مع فاعلين آخرين في الحرب الباردة، حيث سجلت إحدى الوثائق أنه التقى في فبراير 1962 بنقابي أمريكي في باريس، وحصل على شيك بالدولار الأمريكي، كما استقبل الجهاز المخابراتي تقارير تدعي وجود اتصال لبنبركة مع أمريكا، لكن العلاقة استمرت رغم ذلك، ودعي بنبركة إلى براغ، حيث اتفق على التأثير في السياسة وفي قياديين أفارقة مقابل ما قيمته الآن 1500 باوند سنويا.

ويواصل المقال أن بنبركة أرسل إلى العراق لاستقاء معلومات عن انقلاب فبراير 1963، وحصل مقابل ذلك على ما قيمته 250 باوندا، وفق الوثائق. وفي الجزائر التقى مرارا بأحمد بنبلة، الرئيس الجزائري، ونقل معلومات عن الوضع في الدولة حديثة العهد بالاستقلال.

وفي القاهرة طلب من بنبركة، وفق المصدر، جمع معلومات عن مسؤولين مصريين رفيعي المستوى لمساعدة المفاوضات السوفييتية خلال زيارة حاكم الاتحاد السوفييتي نيكيتا خروتشوف، وهي معلومات وصفت بـ”ذات الأهمية العالية”، وكمكافأة لخدماته تلقى دعوة لقضاء عطلة بتشيكوسلوفاكيا مع أطفاله الأربعة.

ويورد المقال اقتباسا للبشير بنبركة، نجل القيادي اليساري الراحل، يقول فيه إن علاقات أبيه مع دول اشتراكية ودول أخرى كانت منتظرة من أي شخص كان مرتبطا بعمق مع النضال العالمي ضد الإمبريالية والاستغلال الاستعماري آنذاك، مضيفا أن الوثائق التي درست من طرف الباحث كورا “أنتجت من طرف مخابرات، وقد تكون معدلة أو غير مكتملة”.

اخر الأخبار