دلالات نتائج استطلاع ائتلاف أمان السنوي

تابعنا على:   14:39 2021-12-17

جهاد حرب

أمد/ حملت نتائج استطلاعات الرأي العام للعام 2021 الذي أعلنها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، الثلاثاء الفارط، مجموعة من انطباعات ومواقف المواطنين وآرائهم حول واقع الفساد ومكافحته بما فيها جهود الأطراف الحكومية المختلفة ذات دلالة وتحتاج إلى مراجعات عميقة من تلك الأطراف. فقد أشارت نتائج استطلاع ائتلاف أمان إلى أن أغلبية واسعة من المواطنين "المستطلعة آرائهم كما يرغب البعض" (84%)، يعتقدون أنّ جهود مكافحة الفساد غير كافية. ويعيد هؤلاء ذلك لأسباب متعددة أهمها؛ ضعف الإرادة السياسية في مساءلة ومحاسبة الفاسدين؛ أي يرغبون بمعرفة حالات بخاصة القطط السماء وليس سماع ارقام عن عدد المحكومين أو الشكاوى، وأن العقوبات التي تطبق على مرتكبي جرائم الفساد غير رادعة، وافتقاد القدوة في التزام المسؤولين بقيم النزاهة والمحافظة على الموارد والمصلحة العامة، وضعف الشفافية في إدارة مؤسسات الدولة.

كما أظهرت نتائج استطلاع ائتلاف أمان أن المواطنين متشائمون من تقييمهم لحالة الفساد؛ فقد قال حوالي ثلثي المواطنين (63%) أن الفساد ازداد في العام 2021 وقال حوالي 60% أيضا أن الفساد سيزداد في العام 2022. ويرجع المواطنون ذلك لاعتقادهم بعدم محاسبة وملاحقة مرتكبي هذه الجرائم من جهة، وباستخدام الواسطة والمحسوبية والمحاباة لغض النظر عن تلك الجرائم من جهة ثانية، وبأن القانون لا يوفر عقوبات رادعة، وبضعف وعي المواطنين بهذه الجرائم.

ووفقا لنتائج ذات الاستطلاع، فإن المواطنين يرون أنّ الواسطة وسيلة ممارسة للحصول على الخدمات العامة، حيث يعتقد 25% منهم أنّ السبب الأهم هو تقصير الوقت بعدم اتباع الإجراءات البيروقراطية، ويرى 20% منهم أنّ السبب الأهم هو الخوف من أن يأخذها شخص آخر غير مستحق بسبب الفساد، و17% أشاروا إلى أنّ أهم سبب يعود إلى عدم الثقة بنزاهة مقدّمي الخدمات.

وبغض النظر عن النِّسب، على أهميتها، والفروق بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن دراسة معمقة للمتغيرات الديموغرافية التي يتضمنها التحليل، وفهم التحولات المجتمعية والبنى الثقافية المؤثرة على مواقف المواطنين وآرائهم وانطباعاتهم ضروري؛ لوضع سياسات أو إجراءات أو تدابير حمائية أو وقائية لتحصين المؤسسة وتقوية مناعتها من جهة، وتطوير برامج تستهدف رفع الوعي المجتمعي سواء في إجراءات محاربة الفساد أو في الجهود المبذولة من قبل الأطراف الحكومية المختلفة من جهة ثانية، وتعميق الفهم لدى المسؤولين والجهات الحكومية بمغازي ومعاني ودلالات نتائج استطلاعات الرأي العام من جهة ثالثة.       

 مما لا شك فيه أن معالجة رؤية المواطنين لماهية الفساد وأسبابه من خلال منهج أمبريقي يفتح الآفاق للنظر إلى تأثير الاعتقاد بوجود فساد في أجهزة الحكم على ثقة المواطنين بالنظام السياسي بمجمله، وإلى تأثير ذلك الاعتقاد على مواقف الجمهور تجاه قضايا سياسية رئيسية تشغل بال الفلسطينيين؛ فقد أظهر الاستطلاع الأخير لائتلاف أمان أن تفشي الفساد واستمرار الاحتلال والأزمة الاقتصادية وبقاء الانقسام هي المشكلات الأربع الأساسية التي تشغل بال المواطنين الفلسطينيين.

إن استطلاعات الرأي العام تحمل في نتائجها مواقف وآراء وانطباعات المواطنين عن العمل العام وممارسات الجهات الحاكمة، وكذلك الأشخاص الذين على رأس الحكم. كما توضح في بعض الأحيان محركات هذه الانطباعات والعوامل الكامنة خلف الآراء والمؤشرات الدافعة لمواقف المواطنين؛ فمهمة استطلاعات الرأي العام بمعنى آخر توضيح هذه الاتجاهات. الأمر الذي يدعو الجهات الحكومية اليوم، بعد التجربة الفلسطينية في استطلاعات الرأي العام التي تجريها مراكز وشركات مهنية، إلى الإجابة عن السؤال التالي "كيف يمكن تغيير هذه الانطباعات والمواقف بشكل إيجابي لصالحها".

اخر الأخبار