"ناتو آسيوي" ضد الصين.. هل نضجت الفكرة؟

تابعنا على:   08:27 2021-12-17

محمد خرّوب

أمد/ على وقع التوترات المتدحرجة بين أميركا/ وحلف الناتو وروسيا, كذلك بين الصين والولايات المتحدة, التأمت يوم أمس القمة الإفتراضية الثانية بين الرئيسين بوتين وشي.. خلال هذا العام، ما قد يسهم في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين, وربما يدفع بها نحو «تحالف عسكري", في ظل التهديدات الأميركية ومحاولات واشنطن التي لا تتوقف لـ"إحتوائهما» وعرقلة مساعيهما لبلورة نظام دولي متعدد الأقطاب.

في الوقت ذاته الذي يتمسّك فيه حلف شمال الأطلسي/الناتو, بمواقفه الرافضة تقديم أي ضمانات لروسيا بشأن أمنها القومي, والتعهّد بعدم التمدّد في دول شرق أوروبا, خصوصاً سحب دعوت الناتو أوكرانيا (وجورجيا أيضاً) للانضمام إليه, ما يزيد من حدة التوتر واحتمالات الانزلاق إلى حرب قد تتدحرج إلى حرب نووية لا منتصِر فيها. خاصة في ظل تدفق الأسلحة الأوروبية/والأميركية النوعية/الفتاكة إلى كييف, إضافة إلى تواصل طلعات طائرات التجسس, والطائرات الحربية الأميركية/والفرنسية/والبريطانية, ناهيك عبور المدمرات والبوارج والفرقاطات الأطلسية إلى البحر الأسود.

في أجواء محمومة وخطيرة كهذه, تبرز مؤشرات على سعي الولايات المتحدة إلى إنشاء «ناتو» آسيوي في مواجهة الصين, بعدما كرّست الناتو (الأطلسي) في المشهد الأوروبي لمواجهة روسيا، رغم انتفاء الحاجة إليه بعد إنتهاء الحرب الباردة, و"اختفاء» حلف وارسو حيث تشكّل الأخير/حلف وارسو لمواجهة حلف الأطلسي, الذي أعلِن عنه/نيسان 1949، فيما أعلن عن قيام حلف وارسو بعد ستّ سنوات/أيار 1955، لكن السياسات التوسعية والعدوانية الغربية وبخاصة الأميركية التي وجدت في الحلف وسيلة للهيمنة على أوروبا ونشر القواعد العسكرية والاستراتيجية، والصواريخ النووية متوسطة، عبر إخافتها من الخطر السوفياتي سابقاً ولاحقاً الروسي.

صحيح أنّ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن كان أعلن مؤخراً أنّ بلاده «لا» تخطط لتأسيس «نسخة» آسيوية عن حلف شمال الأطلسي/الناتو، وأنّ واشنطن «لا» تحاول بناء تحالف مناهض للصين، وأنّها «لا» تطلب من الدول الاختيار بين الولايات المتّحدة والصين، بل أضاف نفياً يكاد يكون أقرب إلى تأكيد وجود نية كهذه, بقوله: «لا نسعى إلى مواجهة أو صراع، «لا» نبحث عن حرب باردة جديدة, وعالم مقسّم إلى كتل جامدة"

الواقع الميداني في المحيطين الهندي والهادي والتحركات العسكرية الأميركية المحمومة والجهود السياسية والدبلوماسية التي تبذلها واشنطن، لا تنسجم مع أقوال الجنرال أوستن، ليس فقط لجهة تداعيات الإعلان عن قيام تحالف «أوكوس» الثلاثي بين بريطانيا وأستراليا والولايات المتّحدة، ناهيك رباعية «الكواد» التي ضمّت الهند، أستراليا، اليابان والولايات المتحدة والتي نظرت إليها الصين على أنّها أكثر خطورة من «ثلاثية أوكوس»، لم تتردد صحيفة «غلوبال تايمز» الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني في التحذير منه ووصفه بأنّه «عصابة شريرة أعضاؤها أربعة زملاء في مستشفى مصابون بأمراض مختلفة، سوف -أضافت الصحيفة- يُصبحون وقوداً للمدافع إن تجرّؤوا على مهاجمة الصين».

وإذ تبدو «مسألة تايوان» وكأنّها العنوان الرئيس للصراع الدائر في تلك المنطقة، خاصّة بعد إعلان الرئيس بايدن أنّ واشنطن ستدافع عن تايوان «عسكرياً» إذا ما غزتها الصين، ثمّ ما لبث أن تراجع عن ذلك وبدت وكأنها زلة لسان, مُعلناً أنّ واشنطن ما تزال ملتزمة بمبدأ «صين واحدة»، غير أن تصريحات كبار المسؤولين الأميركيين ما تزال تتواصل, حول استعداد الولايات المتّحدة لاتخاذ كافة الإجراءات لمنع الصين من السيطرة على تايوان، بما فيها «الدبلوماسية وإجراءات الردع, لمنع وقوع هذا السيناريو مع تايوان» على ما قال مستشار الأمن القومي الأميركي/جيك ساليفان، فيما أكّد وزير الدفاع الجنرال لويد أوستن أنّ بلاده «ستعمل في مواجهة الصين, على تعميق علاقاتها مع الدول الصديقة في المنطقة، لا سيما -أضاف- عبر مناورات عسكرية مشتركة». وجاءت أحدث المواقف الأميركية على لسان رئيس الدبلوماسية الأميركية/بلينكن في أول جولة له في جنوب شرق آسيا، ومن قاعة جامعة أندونيسيا قائلاً: نحن مُصممون على ضمان حرية الملاحة في بحر جنوب الصين، حيث تهّدد أعمال بيجين العدوانية, تبادلات تجارية تزيد قيمتها عن (3) تريليونات دولار كلّ عام، مُشدداً على رغبة واشنطن في تعزيز «التحالفات» مع دول المنطقة، مُتعهداً «حماية حقّ كلّ الدول في اختيار طريقها الخاصّ بلا ضغط أو ترهيب».

تراشق كلامي عنيف وتحركات أميركية محمومة ذات طابع عسكري إستفزازي تستهدف لإحكام الطوق على الصين, تماماً، على النحو الذي مارسته وتمارسه واشنطن لتطويق روسيا عسكرياً, عبر تمدّد الناتو إلى حدودها وتحويل البحر الأسود إلى بحيرة أطلسية. ما يؤسس أو يغري بوضع فكرة «ناتو» آسيوي موضع التنفيذ, خاصّة بعد نجاح واشنطن في استمالة معظم دول المنطقة, إضافة إلى وجود حكومة تايوانية إنفصالية وأميركية الهوى، تناشد الولايات المتحدة التواجد العسكري الميداني على أراضيها لحمايتها وردع الصين, تماماً كما يفعل الرئيس الأوكراني.. زيلنسكي.

كلمات دلالية

اخر الأخبار