اليمين وإرهاب "معاداة السامية"

تابعنا على:   08:03 2021-12-16

عمر حلمي الغول

أمد/ من المتابعة لاساليب التحريض والتشهير بين القوى الصهيونية المتنافسة والمتصارعة، نلاحظ انها لا تتوانى عن استخدام ابشع اشكال الإرهاب بما في ذلك القتل، كما حصل مع اسحق رابين، رئيس الوزراء الأسبق، ولا يقتصر الترهيب عند حدود اتهام القوى لبعضها ب"وصمة اليسار"، التي لا وجود لها في المنظومة الحزبية الصهيونية، حتى حزبي "العمل" و"ميرتس" لا يمكن وصفهما ب"اليسار"، بغض النظر عن تصنيفات القوى الصهيونية لبعضها البعض، لان لا علاقة لها باليسار. المهم ان القوى الصهيونية لا تتورع عن استخدام ابشع واقذر الأساليب لتصفية الحسابات فيما بينها، او لترهيب بعضها البعض.

لكن ان يصل اتهام وزيرا من الائتلاف الحاكم من قبل رئيس الوزراء وجوقته الأكثر تطرفا ب"معاداة السامية"، هذه تعتبر خطوة في الاتجاه الخاطىء، ولا تخدم تماسك الائتلاف. لان حكومة بينت / لبيد لا تحتمل تصعيدا للخلافات بين مكوناتها، لانها مهددة في كل لحظة بالانهيار، وهي قاب قوسين او ادنى من التفكك، لانها مركبة من تحالف عريض موزع الميول والمشارب السياسية، لذا تسير القوى الثمانية على البيض حتى لا تكسر بيضة، وتغادر المشهد السياسي، لانه لا يجمعها سوى قضية واحدة، هي اسقاط نتنياهو، وهذا حصل، والنقطة الأخرى المرتبطة بها، هي الخشية من عودته ثانية لرئاسة الوزارة، واعتقد رغم قوة الليكود حتى الان، الا انني اعتقد ان بيبي انتهى ولو مؤقتا سياسيا.

غير ان ما تقدم، لم يمنع نفتالي بينت، رئيس الوزراء، وشاكيد، وزيرة الداخلية واقطاب اليمين المتطرف من توجيه سهامهم لوزير الامن الداخلي، عومير بار ليف بسب انتقاده اعتداءات عصابات وقطعان المستعمرين الإرهابية على الفلسطينيين واملاكهم، ووصفوه ب"معاداة السامية" و"الحقير"، وادعوا ان يروج ل"رواية كاذبة" اول امس الثلاثاء الموافق 14 /12 الحالي. وادعى زعيم حزب "يمينا" أن "المستوطنين يعانون من العنف والإرهاب يوميا." وهذا افتراء فاضح على الحقيقة والشواهد والواقع اليومي الملموس. لانهم أدوات قاتلة ومجرمة، وليسوا لصوصا فقط، وانما قطاع طرق متوحشين.

وجاء هذا الهجوم من اقطاب الائتلاف ورئيس الحكومة في اعقاب ما نشره عومير بار ليف، احد ممثلي حزب العمل في الائتلاف الحاكم يوم الثلاثاء الماضي في تغريدته على "تويتر"، التي جاء فيها، انه خلال لقائه مع نائبة وزير الخارجية الأميركي، فيكتوريا نولند، سألته عن اعتداءات المستوطنين، التي تصاعدت في الأشهر الأخيرة، وكيف بالإمكان خفض التوتر وتعزيز السلطة الفلسطينية. فكان رده "قلت ان زيادة عدد تصاريح العمل في إسرائيل للفلسطينيين، من "يهودا والسامرة" (الضفة الفلسطينية)، وكذلك من غزة، الذي بتنا ننفذه، هو المفتاح لخفض التوتر، وإقامة مناطق صناعية مشتركة عند مشارف غزة وخطوات أخرى، ومساعدة أميركية لهكذا مشاريع، يمكن ان تساعد كثيرا.  وطبعا ما ذكره الوزير ليس صحيحا، ولا يمكن ان يعود الهدوء وينخفض التوتر الا اذا انتهى الاستعمار الإسرائيلي كليا. لكن هذا ليس عنوان ورسالة مقالتي اليوم. وتابع وزير الامن الداخلي قائلا، أن إسرائيل تنظر بخطورة الى العنف من جانب المستوطنين، وانه يعمل سوية مع وزارة الامن من اجل "اجتثاث هذه الظاهرة." وهذا بيت القصيد وسبب الهجوم المعلن.

وردا على الهجمة المسعورة ضد ممثل حزب العمل، كتب على "توتير" امس الأربعاء "انني افهم فعلا انه يصعب على بعضكم ان توضع مرآة مقابل وجهه تظهر له، ان عنف المستوطنين المتطرفين يتجاوز العالم كله، وان حكومات اجنبية مهتمة بهذا الموضوع، وانصح من يواجه صعوبة حيال ذلك ان يشرب كأس ماء بارد."

ودون الاستشهاد بالمواقف المعلنة من جوقة اليمين المتطرف، وبالاكتفاء بما ورد انفا، لانه يكشف عن احد ملامح الشخصية الصهيونية القاتلة، والتي لا تفرق بين صهيوني وغير صهيوني طالما قام احدهم مسؤولا ام غير ذلك بفضح وتعرية زيف الرواية الصهيونية، واماط اللثام عن وجه جرائم الحرب التي يرتكبها قطعان المستعمرون ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وتكون النقمة وحملة التحريض اعنف واشد تغولا على الصهيوني الكاشف لبعض الحقائق امام ضيف اجنبي، وخاصة امام مسؤول أميركي. فهذا كاف لتجريد حملة تحريض قد تؤدي بالمستقبل بشخص بار ليف إلى المقبرة، كما حصل مع رابين.

ولعل العالم الغربي تحديدا يستيقظ ويرى ويلمس الحقيقة للحظة، ويدرك (وهو يدرك ذلك، لكنه يغطي الشمس بغربال) ان الدولة التي انشأوها على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني، هي دولة منتجة للموت والقتل والجريمة المنظمة، ولا صلة لها بالديمقراطية من قريب او بعيد. كما انها دولة معادية للسلام، وترفضه من حيث المبدأ، وبالتالي ان كانوا جادين في تحقيق السلام، عليهم ان يقلموا اظافر الصهيونية الحاكمة على اقل تقدير، ويفرضوا عليها الالتزام باستحقاقات خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وتأمين حق العودة للاجئين على أساس القرار الدولي 194، والمساواة لابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة.

اخر الأخبار