بن غفير الفاشي الكاهاني

تابعنا على:   09:25 2021-12-11

عمر حلمي الغول

أمد/ الوعي والسلوك المجتمعي لا يولد مع الانسان، حتى لو افترضنا ان الجينات تساهم في توريث الأطفال بعض السلوكيات الخاطئة وغير الحميدة، بيد ان الوعي العام والمقترن بممارسات اجتماعية بعينها تنتجه المنظومة الفكرية السياسية والاقتصادية والقانونية والثقافية في مجتمع معين، وبدورها تؤصل للمفاهيم والمعايير القيمية والأخلاقية بشقيها الإيجابي والسلبي، وترسخ ممارسات وسلوكيات تتناسب طرديا مع المنظومة التربوية والثقافية حاملة الوعي. وبالمقابل فان أبناء المجتمع يثرون الوعي، ويعمقونه سلبا او إيجابا. بتعبير اخر، هناك عملية تبادلية بين المنتج للوعي والمتلقي له، والعكس صحيح في آن. لان العملية مرتبطة ارتباطا ديالكتيكيا.

ولو توقفنا امام المجتمع الصهيوني والقينا نظرة موضوعية بعيدا عن الصراع الدائر، ماذا نجد؟ وما هي الملامح والسمات التي يتسم بها عن غيره من المجتمعات البشرية؟ أولا واساسا هو مجتمع غير طبيعي، لا جذور له، ولم يشهد تطورا طبيعيا، انما هو مجتمع لقيط، كما اسميته فيما سبق؛ ثانيا المنظومة الفكرية السياسية المنتجة لوعي أعضائه، هي منظومة قائمة على الفلسفة النفعية الاستعمارية، ونهب وسرقة ارض وتاريخ وهوية شعب آخر. لانه جاء من شعوب وقوميات وثقافات مختلفة لدور وظيفي استعماري محدد؛ ثالثا كل ما هو قائم وموجود في المجتمع مغتصب، بما في ذلك الديانة اليهودية، لان الحركة الصهيونية وقادتها استخدموها لغايتهم الكولونيالية؛ رابعا الناظم الأساس لترسيخ الوجود على ارض الشعب العربي الفلسطيني يقوم على مبدأ النفي المستند لشعار "ارض بلا شعب، لشعب بلا ارض" و"ارض الميعاد" و"العمل العبري" ... الخ، ولتحقيق ما تقدم، فانه مطالب بالادعاء والكذب والتزوير مقترنة مباشرة ومتلازمة مع ارتكاب المذابح والمجازر والحروب، التي تعمم وتشيع وتغذي مركبات الوعي الفكري والسياسي والاجتماعي والثقافي والتربوي والديني، وتعمقها بالسلوكيات ذات الصلة بعمليات التطهير العرقي والعنصرية البغيضة رافعة الفاشية في مطلق مجتمع من المجتمعات؛ خامسا فضلا عن ان العنصرية نمت مع ارضاع حليب الأمهات الصهيونيات لابنائهن تحت راية المقولة التوراتية غير الدقيقة، وهي "شعب الله المختار"، الشعب الذي يعتبر نفسه فوق كل شعوب الأرض.

اذا بالقراءة العلمية الواقعية نحن امام مجتمع عنصري وفاشي بامتياز، وحدود التباين الفكرية صغيرة وضيقة. لان المنظومة الفكرية متركزة في نظرية فكرية سياسية عنصرية ورجعية واحدة. وكل التقسيمات بين يمين ويسار ووسط تتوزع على ذات النظرية، وتسبح وتنضح كل الفرق والأحزاب والمكونات الصهيونية من ذلك الوعاء الاسن. وفقط يخرج عن هذه المنظومة الشيوعيين والأحزاب الوطنية والقومية العربية والدينية، بغض النظر عن خلفياتها وارتباطاتها. غير ذلك لا يوجد، الا من اعلن الطلاق الكامل مع الحركة الصهيونية وتخلى كليا عنها. اما من بقي يعوم في الدوامة الصهيونية شاء ام ابى، هو جزء منها، وحدود ابفتراقه عنها جزئية ومحدودة جدا، أي في الهوامش السياسية.

ما تقدم أوردته للتأكيد على مسألتين الأولى ان المجتمع الصهيوني، مجتمع عنصري وفاشي، ولا يمكن الا ان يكون بسمته العامة كذلك؛ ثانيا تصريح المجرم الفاشي ايتمار بن غفير الكاهاني على حسابه على "تويتر" يوم الاحد الموافق 5 /12 الحالي، الذي دعا فيه مصلحة السجون باطلاق الرصاص الحي على اسرى الحرية في السجون الإسرائيلية، وأضاف القاتل المجرم قائلا "نحتاج غطاء يفوض مصلحة السجون باطلاق النار والقتل في المواقف التي تهدد حياة السجانين." وتبجح بفجور حينما ادعى ان الجلادين الصهاينة يقومون بعمل "مقدس" في مواجهتهم "أسوأ اعدائنا، وعدم قدرتهم على التعامل مع الإرهابيين في ظل غياب القانون."، وهذا الاعتراف يؤكد بطولة وشجاعة وجدارة اسرى الحرية بمكانتهم ومنزلتهم الوطنية الرائدة.

وعودة للفاشي خليفة كاهانا نلاحظ كيف قلب الحقائق، وزور وشوه الصورة الكفاحية لابطال السلام والحرية، رموز الوطنية، الذين انتسبوا لفصائلهم واحزابهم وحركاتهم دفاعا عن خيار السلام، ولبناء مستقبل افضل للأجيال الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء عبر تخليصهم وانقاذهم من وحول دولة الاستعمار الإسرائيلية الفاشية. التي لا تؤمن بالسلام ولا بالتعايش ولا بقيم العدالة والمساواة. لانها نقيض كل ذلك، وقامت على ركائز عنصرية صرفة. وبالتالي ما طرحه الفاشي المجرم بن غفير ليس مستغربا ولا مستهجنا، وانما المستغرب والمستنكر صمت اميركا ودول الاتحاد الأوروبي وكل دول العالم على هكذا تصريح لنائب في الكنيست الإسرائيلي. ومع ذلك يخرج علينا الاميركيون والاوروبيون ويتحدثون عن معاداة السامية. عن اية معاداة للسامية تتحدثون، وهل هناك معاد للسامية اكثر من الصهيونية والمجتمع الإسرائيلي اللقيط، مرتكب اعظم الموبقات وجرائم الحرب وإرهاب الدولة المنظم. على العالم وقف المهزلة، وكفى لقلب الحقائق، وضرورة تأمين الحماية للشعب العربي الفلسطيني عموما واسراه خصوصا، جنرالات الحرية والسلام الشجاع، وفرض الانسحاب الكامل لدولة المشروع الصهيوني من ارض دولة فلسطين المحتلة وضمان عودة اللاجئين لديارهم التي طردوا منها في العام 1948 و1967، وتأمين المساواة الكاملة لابناء فلسطين في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة.

اخر الأخبار