أولويات حمدوك وأجندة البرهان

السودان: ما هي أسباب إقالات الشرطة والمخابرات وتعيين مدير للجهاز مقرب من "جماعة البشير" ؟!

تابعنا على:   22:00 2021-11-28

أمد/ الخرطوم: شهد السودان يوم السبت، عددا من الإقالات والتعيينات الجديدة في عدد من الأجهزة الأمنية المختلفة، من بينها قيادات المخابرات والشرطة، في وقت تتُهم فيها هاتان المؤسستان بتنفيذ الكثير من الانتهاكات ضد الاحتجاجات الأخيرة، مما أدى إلى مقتل العشرات وإصابة المئات.

وأحال قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، مدير جهاز المخابرات العامة، عوض الكريم القرشي للتقاعد، وعين بدلا منه نائبه أحمد مفضل. 

وعزا الباحث السياسي السوداني، محيي الدين محمد، إقالة القرشي، في حديثه مع موقع "الحرة" الأمريكي، إلى "ظروف صحية وكونه مريضا وكبيرا في العمر"، مشيرا إلى أنه كان في رحلة علاج خارج السودان قبل فترة. 

ووفقا لمحمد، فإن المدير الجديد لجهاز المخابرات، أحمد مفضل، أحد المقربين للرئيس السابق عمر البشير الذي انتفض ضده الشعب السوداني في نهاية 2018، مما أدى إلى إطاحة الجيش به بعد أربعة أشهر تقريبا. 

ويقول محيي الدين محمد "إن البشير اختاره ضمن الولاة العسكريين الذين عينهم في أواخر فترة حكمه أثناء الحديث على ترشحه للانتخابات في 2020، لتعزيز قبضته وسيطرته على سائر البلاد، كما أنه كان مؤيدا للبشير بشكل واضح وكان يدعوا إلى انتخابه". 

واختير مفضل في مارس 2018 ليكون في منصب والي ولاية جنوب كردفان، في عهد البشير، كما شغل منصب مدير هيئة المخابرات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الوطني. 

وأشارت وسائل إعلام سودانية، إلى أن مفضل معروف بأنه ينتمي لحركة الإخوان المسلمين منذ الجامعة، وشغل منصب رئيس حزب المؤتمر الوطني المنحل في ولاية جنوب كردفان في مايو 2018. 

من جانبه يقول الباحث السياسي الرشيد إبراهيم "نعم هذا كلام صحيح، لكن البشير أيضا كان قد عين عبد العزيز الحلو أيضا نائبا للمفضل، عندما كان واليا على جنوب كردفان". 

وأضاف في حديثه مع موقع "الحرة" أن "البشير أيضا قام بترقية عبد الفتاح البرهان نفسه وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، لذا أنا لا أتفق مع وجهة النظر التي تختزل المفضل في علاقته بالبشير". 

تغيير قيادة الشرطة

والسبت أيضا، أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، إقالة قائد الشرطة ومساعده بعد مقتل 42 شخصا في قمع التظاهرات المعارضة لانقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر. 

وأعلن بيان الحكومة إقالة مدير عام الشرطة السودانية خالد مهدي إبراهيم، ونائبه الصادق علي إبراهيم من منصبيهما، وتعيين الفريق عنان حامد مديرا للشرطة واللواء مدثر عبد الرحمن نائبا له.

ويقول محيي الدين محمد "يبدو أنه ليس هناك رضا من قبل الشعب على أداء الشرطة في تعاملها مع المتظاهرين، ولذا فإن الحكومة أقدمت على هذه التغييرات حتى تقول إنها غير راضية أيضا على الانتهاكات".

ويوضح أن "القوى الاحتجاجية تتحدث عن 42 قتيلا في التظاهرات، فيما تتحدث الشرطة عن قتيلين أو ثلاثة فقط، وهو ما أحدث امتعاضا واستنكارا كبيرا بين الرأي العام". 

وأضاف أن القرار يأتي أيضا في إطار الاستعداد للمظاهرات المقبلة، والمستمرة ضد الاتفاق السياسي الذي أبرم بين البرهان وحمدوك الأحد الماضي: "فالحكومة تقول إنها تريد أن تتعامل بنهج جديد مع الاحتجاجات". 

يشير أيضا إلى أن حمدوك يريد من هذا القرار أن يؤكد للمشككين، أنه يملك السلطة على المؤسسات المدنية، وعنده صلاحية تامة في التعامل مع المؤسسات المختلفة"، لكن إبراهيم يرى أن قرارات إقالة وتعيينات قيادة الشرطة الجديدة، جاءت من قبل البرهان، وأصدرها حمدوك. 

وقال "أرجح أن البرهان يسعى بقراراته الأخيرة، لأن يحكم القبضة الأمنية ويحجم الانفلات والجرائم التي شهدها السودان خلال الفترة الماضية". 

وأضاف "أعتقد أن التعيينات الجديدة قادرة على تنفيذ أجندة البرهان الهادفة إلى استعادة هيبة الدولة، والتعامل مع التظاهرات بشكل أكثر احترافية، خاصة بعد مقتل العديد من المتظاهرين". 

ورغم أن الشرطة نفت قيامها بإطلاق النار على المتظاهرين، الا أن نقابة الأطباء اتهمت قوات الأمن بأنها "استهدفت رؤوس وأعناق وصدور" المتظاهرين بالرصاص الحي والمطاطي، كما أطلقت عليهم الغازات المسيلة للدموع.

وتم خلال الأسابيع الأخيرة توقيف مئات من ناشطين سياسيين وصحفيين وأحيانا مجرد مارة.

وشدد رئيس الوزراء حمدوك على أن أولويته هي "وقف إراقة الدماء".

وقالت وسائل إعلام سودانية إن المدير الجديد للشرطة، ينحدر من "قندتو"، وهي نفس قرية قائد الجيش البرهان، الذي كان قد حل في 25 أكتوبر الماضي، كل مؤسسات السلطة الانتقالية منقلبا بذلك على شركائه المدنيين الذين كان يتقاسم معهم السلطة بموجب اتفاق أبرم عام 2019 عقب إطاحة عمر البشير.

وبالتزامن مع هذه القرارات تم اعتقال رئيس الوزراء وعديد من أعضاء حكومته والسياسيين، قبل أن يتم الإفراج عن حمدوك، ووضعه تحت الإقامة الجبرية، إلى أن تم توقيع اتفاق سياسي معه بعد نحو شهر من الانقلاب العسكري. 

ولكن بعد الاتفاق مع حمدوك، بدا أن البرهان استجاب لمطالب المجتمع الدولي مع احتفاظه بالهيمنة في ذات الوقت على سلطات المرحلة الانتقالية، وهو ما رفضته قوى سياسية في السودان.

اخر الأخبار