اضراب الأسرى : معركة أمعاء قد تتحول الى معارك شوارع

تابعنا على:   18:44 2021-10-25

فاضل المناصفة

أمد/ شهد الأسبوع الماضي احتجاجا لعشرات من الفلسطينيين في ساحة المنارة وسط مدينة رام الله، مطالبين بالإفراج عن ستة أسرى مضربين عن الطعام في سجون الاحتلال، وبعضهم معرض لخطر الموت الوشيك وكان السجناء الستة قد شرعوا في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على احتجازهم بناءً على أوامر "الاعتقال الإداري"، ويعاني المحتجزون من تدهور خطير لحالتهم الصحية التي استدعت نقل السجين مقداد القواسمي، الذي رفض الطعام والشراب لمدة 91 يومًا، إلى وحدة العناية المركزة في مستشفى كابلان الإسرائيلي بالقرب من الرملة. وقال محاميه، إن صحته تدهورت بسرعة وإنه "يواجه الموت المفاجئ". 

 ويجري الاعتقال الإداري دون محاكمة استنادًا إلى أمر يصدره قائد المنطقة وباعتماد أدلّة وبيّنات سرّية -لا يطّلع عليها حتّى المعتقل نفسه. هذا الإجراء يجعل المعتقل في وضع لا يُحتمَل إذ يقف عاجزًا في مواجهة ادّعاءات لا يعرفها وبالتالي لا يملك طريقة لتفنيدها ودحضها بلا لائحة اتّهام ولا محاكمة وبالتالي دون إدانة ودون أن يعرف متى سيتمّ إطلاق سراحه. 

معركة الأمعاء التي يقودها الأسرى المضربون والتي أكلت من أجسادهم وجعلتها نحيلة، لم تنجح في الحصول على تنازلات من سلطات الاحتلال هذه المرة، بالرغم من أنها كانت ناجحة في مرات سابقة كان أخرها في يوليو الماضي، حيث ثم الافراج عن شاب فلسطيني بعد أكثر من شهرين من الاضراب عن الطعام، ولكن لماذا تصر سلطات الاحتلال هذه المرة في المخاطرة بحياة الأسير مقداد الهاشمي، الذي تجاوزت فترة اضرابه عن الطعام مدة ثلاثة أشهر ؟؟؟ ولماذا لا تخشى إسرائيل أن تتحول هذه الاحتجاجات السلمية الى مواجهات مباشرة مع أهالي الضحايا في حال ما حصلت حالات وفات في صفوف الأسرى المضربين؟ أليس هذا نوعا من المخاطرة في وقت حساس يتطلب البحث عن تتبيث الهدنة بدلا من اللعب بملف قد يجر أهالي الضفة الى التصعيد؟  

يتضح من ردة فعل سلطات الاحتلال بالنظر الى تعاملها مع حالة الأسرى المضربين أنها جاءت أقسى من اجراء الاعتقال الإداري نفسه ويبدوا أن إسرائيل تحاول اظهار نوع من القسوة لإحباط محاولة الاضراب الجديد في السجون الإسرائيلية الذي بدأه 250 سجينا من حركة الجهاد الإسلامي إضرابا عن الطعام الأسبوع الفارط وذلك احتجاجا على إعادة توزيعهم على الأجنحة التي يحتلها سجناء من فصائل أخرى، وبالتالي فأنها تحاول تمرير رسالة لهؤلاء مفادها أن “معركة الأمعاء لن تجدي نفعا الان، ولن نعطيكم فرصة للوي الذراع خاصة وأنكم تريدون استغلال حاجتنا الى الهدوء لإتمام صفقة تبادل الأسرى مع حماس “. 

ومن جهة أخرى، قد يقرأ أن الاضراب الأخير الذي باشره سجناء الجهاد الإسلامي على أنه أتى على غير سببه الحقيقي بل طبخ في الخارج في محاولة لجر الاحتلال الى التخلص من التكتلات الموجودة داخل السجون في صفقة المفاوضات التي تجري بوساطة مصرية وتأتي الرسالة من خارج الأسوار لتقول للاحتلال ’’ تخلصوا من أكبر عدد ممكن من هؤلاء السجناء في صفقة التفاوض القادمة بدل أن يحركوا الالة الإعلامية ضدكم عندما يمارسون الاضراب عن الجوع ويفتحوا الباب لانتقاد منظومة سجونكم ’’ . 

ان مصير الهدنة وصفقة تبادل الاسرى قد يصبح على كف عفريت في حال ما إذا امتدت معركة الأمعاء الى معركة شوارع ومواجهات بسبب ما قد ينجر عن الوضع الصحي الخطير للأسرى المضربين عن الطعام بل أن هذا الملف قد يعتبر بمثابة اللغم الموقوت الذي قد ينفجر مخلفا فشل المفاوضات وعودتنا الى المواجهات التي لا تخدم الطرفين فلا غزة بحاجة الى تأجيل اخر لملف الاعمار ولا الاحتلال مستعد الى خطوة تصعيدية جديدة قد تحرك الأقلام الإعلامية ضد حكومة بينيت وتتهمها بالفشل في إدارة ملف الهدنة مع غزة، قد يبدوا الربط بين ملف الاضراب والهدنة امرا من الخيال للبعض ولكن قراءة التاريخ علمتنا أن الاحداث الصغيرة التي لا تأخذ بعين الاعتبار قد تكون الشرارة المحركة للأحداث الكبيرة .

اخر الأخبار