إدارة حكيمة لاضراب الأسرى بنسبة العشرة من عشرة

تابعنا على:   12:25 2021-10-23

د. رأفت حمدونة

أمد/ حينما قامت إدارة مصلحة السجون الاسرائيلية بالهجمة المسعورة على الأسرى خاصة أسرى حركة الجهاد الاسلامى ، في أعقاب عملية انتزاع الحرية في السادس من سبتمبر الماضى ، وكانت الأزمة الحقيقية بتفريق الأسرى والهيئة القيادية العليا بين الفصائل والسجون ، وهنا يبرز الموقف الاستثنائى والفريد بمواجهة عنيدة وشجاعة متسلحة بالايمان وقوة الحق (في لحظات أسرع لقلب الطاولة على رأس الكل بلا استثناء ) .

في هذه الأثناء نجحت قيادة أسرى حركة الجهاد الاسلامى  في السجون بدعم وتوافق الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة بنسبة العشرة من عشرة بلا خلاف بانقاذ الموقف وتحقيق الكرامة والحقوق الأساسية والانسانية بمغامرة خاضها ( الأسير البطل سامح الشوبكى عضو الهيئة القيادية العليا بمشورة المقربين ) وكانت الخيار الأوحد حينها للأسرى خاضها البعض باضراب مفتوح عن الطعام في 12 /10/2021  بحماسة وقوة وجرأة منقطعة النظير وتحمل عبئها وقلقها ، وكانت القيادة الاستثنائية بتحمل المسئولية وتكملة المشوار رغم عدم القناعة بالخطوة إلا أنه خاضها ببسالة ونخوة وشهامة حينما حاور الأسير البطل ثابت المرداوى عضو الهيئة القيادية العليا وممثل  لجنة الحوار مع إدارة السجون بعد دراسة حكيمة للموقف في السجون والحكومة الاسرائيلية وأجهزة الأمن وحرج إدارة مصلحة السجون الاسرائيلية ، ونجح في 21/10/2021  ورفاقه بنسبة العشرة من عشرة بالتنسيق مع باقى أعضاء الهيئة القيادية العليا " وعددهم 11 عضو " في إدارة الحوار حتى نال الأسرى غالبية مطالبهم وهى :

- اعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه ما قبل السادس من سبتمبر .

- اعادة الاعتراف بالهيئة القيادية العليا لحركة الجهاد

- تخفيض الغرامات .

- إلغاء العقوبات .

- استئناف الزيارات للجميع في ديسمبر القادم .

- عودة الأسرى لأماكنهم .

- تحسين ظروف الأسيرات .

- وقضايا وتفاصيل أخرى .

وبقيت المعضلة النهائية في المفاوضات برفض إدارة السجون لخروج  الأسيرين زيد بسيسى أمير الهيئة القيادية العليا ، وعبد الله العارضة  الأمير السابق للهيئة من العزل لفترة محدودة ، كنوع من حفظ مية الوجه لإدارة السجون في أعقاب انتصار الأسرى فكان قرار المتسلح بالمسئولية والتضحية الكبيرين أن يقبلا ( زيد وعبد الله ) بالارادة والتوافق بالابقاء في العزل لفترة محددة بالثلاثة أشهر لانقاذ النصر وأرواح الأخوة واستدراك الموقف فكانا ناجحان بنسبة العشرة من عشرة ، ولا ننسى أن هذا الموقف وافقه  متابعة كاملة من المؤسسات الفاعلة في مجال الأسرى والمؤسسات الحقوقية والانسانية وقيادة الجهاد الاسلامى في الخارج وعلى رأسه الأمين العام للحركة المجاهد الحبيب أبو طارق النخالة .

أعتقد أن نجاح الاضراب يؤكد على ابداع الحركة الأسيرة في إدارة المعركة مع المحتل بحكمة ، خاصة في مواجهة الاحتلال والسجان الذى يعمل ليل نهار لتحطيم معنويات الشعب الفلسطينى والأسرى ( بلا جدوى )  وللحيلولة دون تطوير إمكانياتهم وقدراتهم، ولا ننسى أن الأسرى كما نجحوا في اضرابهم فقد نجحوا في إيجاد المؤسسات الديمقراطية للتنظيمات الفلسطينية في السجون، فقد أبدعوا في ايجاد معادلة توازنٍ بينهم وبين إدارة مصلحة السجون، رغم الإمكانيات الأخيرة مقابل افتقار الأولى من الإمكانيات المادية، وأبدعوا في أشكال التواصل والاتصال بين السجون وخارجها، وفي تجارب التعليم وحصولهم على الدراسات العليا من جامعاتٍ إسرائيلية وعربية ودولية، وأبدعوا في البناء الثقافي، وفي التأثير السياسي، وصياغتهم لوثيقة الأسرى التي تحولت لوثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني لتحقيق الوحدة الوطنية، وأبدعوا في إدخال الهواتف النقالة لداخل السجون لتوفير الاتصال بالأهل في ظل منع الزيارات لسنواتٍ طويلة، وفي إخراج النطف وإنجاب الأطفال كتجربةٍ غير مسبوقة على مستوى حركات التحرر العالمية.

وتؤكد هذه التجربة أن السجون كانت ولا زالت مدرسةً وطنيةً وتربويةً ودائرة من دوائر العمل النضالي الإبداعي فصاغت وبلورت طلائع الأسرى والمعتقلين، الذين كان لهم عظيم التأثير في بلورة الوعي النضالي والديمقراطي في المجتمع الفلسطيني، وكان لآلاف الأسرى المحررين دورهم في هذا الاتجاه، بعد أن تخرجوا من أكاديمية السجون وتصدروا المواقع والمراكز المتنوعة، وتبوؤوا مواقع سياسية وأماكن مهمة في المؤسسات المجتمعية المختلفة ولعبوا ولا زالوا دوراً مؤثراً في الحياة السياسية، والفكرية، والاجتماعية، والإعلامية، كقادة سياسيين وعسكريين، ووزراء ونواب وأمناء عامّين وأعضاء مكاتب سياسية لفصائل وحركات ثورية، وأعضاء فى المجلسين " الوطني والتشريعي"، ومدراء لمؤسسات رسمية وأهلية، وخبراء ومفكرين، ونخب أكاديمية وإدارية.

اخر الأخبار