توماس فريدمان مبشرا بفشل الصين في المنافسة

تابعنا على:   15:04 2021-10-21

محمد مشارقة

أمد/ لفت الكاتب الأمريكي توماس فريدمان في نيويورك تايمز النظر الى الأسباب الحقيقية التي دفعت الدولة الصينية وحزبها الشيوعي الحاكم الى الارتداد على شركات التقنية الصينية العملاقة وكذلك شركات التطوير العقاري وصولا الى حد تصفيتها واجبارها على الإفلاس والاستيلاء على ممتلكاتها ، واعتبر تلك الإجراءات بانها ستؤدي الى تخلف الصين عن ركب الثورة الرقمية وربما الى توترات اجتماعية وسياسية تتجاوز حدودها . وكان فريدمان يشير الى شركات علي بابا ومؤسسها جاك ما الذي اختفى نهائيا عن الانظار وانفو غراند وتينسنت وبايدو وغيرها من الشركات العملاقة. ورغم انه لامس بعض المسوغات الفلسفية والسياسية التي تقف وراء تلك الإجراءات الا ان مقارباته في فهم الصين المتفردة في ثقافتها وتجربتها المختلفة والعميقة، ظلت غربية واستعلائية، فهو لا يرى غير قصة النجاح الغربية ونموذجها الاقتصادي والسياسي المسيطر منذ قرنين على العالم محمولا على عربة الاستعمار والاستغلال والنهب.  
اقترب فريدمان من جوهر التفكير الجديد بعد تجربة الانفتاح الاقتصادي  "فالرئيس الصينيّ يرى ، كيف ساهمت الشركات التكنولوجيّة في تفاقم التوتّرات الاجتماعية في مجتمعاتها، وزيادة فجوات الدخل، عدا عن الاحتكار وتعبيد الطريق للهيمنة على الحكومات"، بمعنى أوضح ، لا ترغب القيادة الصينية تكرار كوارث الاقتصادات الغربية وازماتها الدورية ، بدءا من بالون العقارات الذي أدى انفجاره في العام 2008 الى خسارات هائلة لمدخرات المواطنين في العالم الغربي ، او ان تصبح خمسة شركات ترليونية اكبر من الدخل القومي لستة وعشرين دولة متوسطة الحجم في أوروبا واسيا  ، ولهذا عبر الرئيس الصيني صراحة ان بلاده لن تنقذ أي من شركات التطوير العقاري الفاشلة بعد ان انتفخ هذا القطاع بصورة غير طبيعية ، وصل الى حد ان 90 مليون شقة فارغة او غير مكتملة في البلاد ، ويدير نحو 5 ترليون دولار استثمارات داخلية وخارجية غير حقيقية ، وقال كلمته المشهورة ان البيوت ليست للمضاربة وانما للسكن وان بكين لا تريد لقطاع العقارات ان يكون قاطرة الاقتصاد ، بل الصناعة والتكنلوجيا الجديدة والاقتصاد الأخضر صديق البيئة . هنا خلط فريدمان الامر ليقول ان القيادة الصينية تدمر كل الشركات الكبرى التي انتعشت في العقدين الماضيين ومعها طبقة من أصحاب المليارات والملايين. فيما الامر بحسب بكين، لا يتعدى إعادة تصويب مسار الاقتصاد واولوياته الاجتماعية. 
يفترض فريدمان ان الصين متخلفة سياسيا ويحكمها حزب واحد مستبد، لا يمكنها الصمود في المنافسة القادمة والتي سيكون مركزها الحرب على الرقائق الالكترونية، ركيزة الاقتصاد الرقمي الأساسية في القرن الحادي والعشرين
يشير فريدمان في مقاله الى ان الصين تمارس غطرسة القوة مع تايوان وأستراليا وعادت الى لغة التهديد، في دلالة 
على فشلها في المنافسة على أشباه الموصلات، وان الصين لم تستطع إتقان تصنيع الشرائح المتقدّمة التي تصنعها الشركات التايوانيّة التي تمتلك حوالي 50% من السوق العالمي، وتمتلك هي ومنافستها الكورية الجنوبية "سامسونغ" المسابك الوحيدة في العالم القادرة على صنع رقائق بقطر 5 نانومتر. ومن المتوقّع أن تبدأ الشركة التايوانيّة بإنتاج رقائق بقطر 3 نانومتر في عام 2022. هذا وتقف أكبر شركة لتصنيع الرقائق في الصين عند حدّ 28 نانومتراً، وقد بدأت أخيراً في إنتاج بعض الرقائق التي يبلغ قطرها 14 نانومتراً. هنا وفي هذا المجال التقني المتقدم يقترح فريدمان ان تكون الحرب الامريكية القادمة مع الصين، باعتبار هذا المجال هو الذي سيؤمن استمرار التفوق الامريكي على اقتصادات العالم مستقبلا، بسبب إنّ الصينيين قاموا بالتقليد والنسخ والسرقة، وانّهم لم يخلقوا نظاماً مشابهاً لأشقائهم في تايوان.
 تبدو منطلقات فريدمان ونموذجه الغربي وكأنها منطقية، لكنه يتناسى حقيقة ان 10 بالمئة من سكان العالم البالغ تعدادهم سبعة مليارات نسمة يسيطرون على 83 بالمئة من ثروات العالم قاطبة، وان الصيني يفكر في مصلحة ورفاهية مليار واربعمئة مليون نسمة وليس 200 مليونير وملياردير. واذا كانت خلاصات السيد فريدمان ان الصين متخلفة في مجال أشباه الموصلات، فلماذا كل هذا الذعر وكل هذه المعارك والضغوط على الحلفاء والأصدقاء لمنعهم من استخدام هواوي الصينية ومعها نظام 5G  بحجة ان كل بيانات العالم ستصبح عند الصينيين .

كلمات دلالية

اخر الأخبار