أسباب ازمة الاخوان المسلمين

تابعنا على:   23:45 2021-10-19

عمر حلمي الغول

أمد/ بالأمس كتبت هنا عن "تداعيات ازمة الاخوان المسلمين"، واليوم اود التوقف امام الأسباب المولدة والمفاقمة للازمة، واطلاع المتابعين والمهتمين على العوامل الذاتية والموضوعية، التي أسهمت فيما الت اليه الامور، وبلوغها لحظة الانفجار والانشقاق للعلن. رغم ان إبراهيم منير، نائب المرشد العام، والقائم بدور المرشد، أنكر في لقائه مع "قناة الحوار" الاخوانية يوم الجمعة الماضي الموافق 15/10/2021 ان يكون ما حصل انشقاق، وانما خروج مجموعة عن الأطر التنظيمية للتنظيم. وهذا امر مفهوم يستهدف التقليل من حجم الحدث، مع انه يعترف ان ما جرى حدث كبير.

واذا توقفنا امام عوامل تصاعد التناقضات الداخلية وصولها إلى نقطة الذروة والانقسام، فأنها تعود للاتي: أولا فشل الجماعة في إدارة دفة الحكم بعدما تولوا مقاليده عام 2012 نتاج غياب البرنامج والرؤية الجامعة لمواجهة التحديات، وأيضا لقلة الخبرة والتخبط على الصعد والمستويات كافة؛ ثانيا عدم الفصل بين الجماعة ومكتب ارشادها والحكم، فكان الرئيس المعزول محمد مرسي عبارة عن صدى لسياسة وقرار مكتب الارشاد، وكان خيرت الشاطر، نائب المرشد جالسا في قصر الاتحادية يدير الأمور مباشرة؛ ثالثا التناقض بين الوعود والشعارات، التي اطلقوها في الانتخابات الرئاسية وبين التطبيق والممارسة العملية، مما اوجد فجوة بينهم وبين الشارع المصري، وفي داخل اطرهم الداخلية؛ رابعا السطو على القانون والنظام السياسي بمرتكزاته الثلاث عبر ما سمي الإعلان الدستوري الثالث خلال عام، وتحديدا اعلان 22 تشرين ثاني/ نوفمبر 2012 الذي سعت من خلاله جماعة الاخوان المسلمين لمنح صلاحيات واسعة للرئيس على حساب السلطة التشريعية والقضاء في آن. وهذا البعد لم تنحصر تداعياته على تعمق التناقض بين الحاكم والمحكوم، وانما داخل صفوف الجماعة، لأنه حصل فرز داخل صفوف الجماعة وخاصة النخب المقربة من مكتب الارشاد؛ خامسا الاختلاف في وجهات النظر داخل صفوف مكتب الارشاد ومجلس الشورى في إدارة الحكم، ورفض أحد التيارات اللجوء للتطرف والبلطجة في معالجة التناقضات مع الخصوم والشعب، بعدما شعروا ان هناك تصاعدا في حدة السخط والنقمة الشعبية على منظومة الحكم الاخواني وخاصة بعدما تمترسوا في رابعة ولجؤهم للإرهاب لاستعادة الحكم؛ سادسا الارباك والتخبط والفوضى التي نجمت عن سقوط نظامهم السياسي بعد ثورة 30 يونيو و3 يوليو 2013 التصحيحية، وما نجم عنها من حملة اعتقالات طالت عددا من الرؤوس القيادية، وتفكك الأطر التنظيمية لشعب ودوائر جماعة الاخوان في مصر كلها؛ سابعا حصول ارتدادات داخل الجماعة، والانقلاب على القيادات التاريخية من شباب الجماعة، وتعمقت التناقضات نتيجة الانهيارات داخل مركبات ومؤسسات الجماعة؛ ثامنا الخلل والانقطاع في التواصل بين الهيئات القيادية، ومحاولة البعض إخفاء معلومات عن التيار النقيض، وارسال معلومات مغلوطة ولا أساس لها من الصحة، كما أشار لها القائم بأعمال المرشد منير؛ تاسعا قيام تيار محمود حسين، الأمين العام السابق للجماعة بسن لوائح متناقضة مع اللوائح المقرة من الهيئات المركزية للجماعة وفق ما اعلن القائم بأعمال المرشد؛ عاشرا الاختلاف بين التيارين، تيار الستة بقيادة حسين، وتيار نائب المرشد حول اجراء الانتخابات من عدمه. تيار منير أراد اجراء الانتخابات، وتيار حسين دعا لتأجيلها لحين نضوج الظروف، مما فاقم الوضع المتأزم أصلا؛ حادي عشر التناقضات حول كيفية إدارة الصراع مع نظام الحكم في مصر، تيار تمسك بخيار تخفيف حدة التناقض مع الحكم، واللجوء لمناورة الحوار، وتيار رفض من حيث المبدأ ذلك، وأصر على اتهام نظام السيسي الشرعي باعتباره "انقلابا"، واختار التيار الأخير مواصلة طريق العنف والإرهاب في حل التناقض مع النظام؛ ثاني عشر تمكن النظام من السيطرة على مقاليد الحكم فورا، وبأسرع مما توقع الاخوان المسلمين، ليس هذا فحسب، وانما الاندفاع في هجوم مضاد وسريع وقوي لمواجهة إرهاب الجماعة في المحافظات المصرية كلها وخاصة سيناء وحتى في الدول المجاورة، والتمكن من اعتقال الرؤوس الكبيرة للجماعة بمن فيهم محمود عزت، المرشد العام للجماعة، وغيره من أعضاء مكتب الارشاد، مما ضاعف من ازمة الجماعة، وافقدهم الثقة بقياداتهم، وزاد من سخطهم وغضبهم على الذين ولوا الادبار إلى الدوحة وتركيا وغيرها من الدول العربية والإسلامية والأوروبية .. إلخ    

من المؤكد هناك عدد من العوامل والأسباب الداخلية والموضوعية، التي ساهمت فيما حصل من انشقاق داخل صفوف الجماعة، قد اعود لها لاحقا في قراءة اشمل وأعمق.

اخر الأخبار