أبو مازن أنتَ المسؤول ..!

تابعنا على:   17:17 2021-10-09

د. عبد الرحيم جاموس

أمد/  أمس الأول وفي أمسيتنا الثقافية الخميسية الأسبوعية، التي مضى على انعقادها أسبوعيا ما يزيد عن خمسة وثلاثين عاما، فاجأني أحد الإخوة الأعزاء من الرواد للأمسية ومنذ ما يزيد على عقدين من الزمن، أنك أنت وحدك المسؤول عن إضعاف السلطة الوطنية، وعن اضعاف منظمة التحرير الفلسطينية، وعن اضعاف حركة فتح، وعما آلت إليه أوضاع الفلسطينيين في كل مكان ... في الوطن وفي الشتات وعما آل إليه المشروع الوطني وما وصل إليه من إنسداد.   

إذا كنت فعلا مسؤولا وحيدا عن كل ذلك، فما هي مسؤولية خمسة عشر فصيل أو يزيد، وماهي مسؤولية  منظمات المجتمع المدني، والإتحادات والنقابات والمنظمات الشعبية، وماهي مسؤولية أعضاء المكاتب السياسية واللجان المركزية والقيادات للمنظمات والفصائل الفلسطينية، وما هي مسؤولية أعضاء اللجنة التنفيذية السابقين والحاليين، وأعضاء المجلس المركزي وأعضاء المجلس الوطني، وما هي مسؤولية النخب المختلفة من كتاب وأدباء وشعراء واعلاميين وصحفيين ومفكرين وباحثين، وقبل كل هذا وذاك ماهي مسؤولية الحكومات المتعاقبة ووزرائها وموظفي دوائرها، منذ نشأة السلطة الفلسطينية (سلطة الحكم الذاتي) في عام1994م إلى الآن ...! 

سيادة الأخ الرئيس أبو مازن لستَ المسؤول الوحيد كما عبر عن ذلك أخانا الكريم، ولكنكم فعلا أنتم المسؤول الأول ولكن ليس الأخير، إنما كل من اشرتُ إليهم أعلاءه، هم شركاء في المسؤولية، وأنا واحد منهم، ولا أعفي أحداً منهم، ولقد سبق لي أن كتبتُ ونشرتُ مقالا فصيرا اعترفت فيه بالتقصير. 

إن كفاحنا الوطني الممتد منذ وقعت فلسطين تحت الإستعمار البريطاني في6/12/1917م، مرورا بكافة مراحل النضال من هبات وانتفاضات وثورات مسلحة ، إلى هذه اللحظة التي أخط فيها مقالتي، كان شعبنا بكل قواه وفئاته وتياراته ونخبه المختلفة، وقواعده ومنظماته الشعبية متضامنا وشريكا في هذا الكفاح الوطني، الذي لم ولن يتوقف حتى يحقق الشعب الفلسطيني أهدافه في العودة والمساواة، وفي الحرية والإستقلال، وبناء دولة فلسطين الديمقراطية على كامل تراب فلسطين من النهر إلى البحر، وهذا هو محلُ إجماع شعبنا وأمتنا ... واذا كانت القدس عاصمتها المقدسة، فكل ذرة تراب في فلسطين هي مقدسة أيضا، وسيستمر النضال والكفاح الوطني حتى  يتم تحريرها، إذا لم يكن على عهدِ جيلنا، فقد يكون على عهدِ جيل الأبناء أو الأحفاد أو من يأتي بعدهم، فمعركة شعبنا مع الإحتلال والإستعمار الصهيوني مستمرة، جيلا بعد جيل .. فها نحن أحفاد وأبناء جيلِ الثوار والشهداء الأوائل .. لا زلنا ممسكين برايات الكفاح والنضال والمقاومة لكل مشاريع الإجهاض والتصفية لقضية شعبنا وأمتنا، تلكَ القضية العادلة والمركزية للمنطقة وللأمة العربية ولكل أحرار العالم. 

إن مسؤولياتك أخي الرئيس أبو مازن وان عظمت، بما تحملهُ من رمزية تمثيليةِ سياسية وكفاحية ونضالية، هي مسؤولية الموقع الأول، على رأس الهرم المؤسسي والبنيوي والكفاحي الفلسطيني، فإننا نشارككَ المسؤولية عن أي الإخفاق قبلَ الإنجاز، فلا يمكن أن تكون وحدك مسؤولاً عن الإخفاق، كما لا يمكن أن تكون وحدك مسؤولاً عن الإنجاز.  

إن المسؤولية تشاركية جماعية وشعبية بكل ما تعني الكلمة، ولذا لن نقول لكَ إذهب أنت وربك فقاتلا، كما قال قوم موسى لموسى ...، إننا نقول لك، إننا معك شركاء أصيلون في كل معارك شعبنا الكفاحية والنضالية، وشعبنا يرفض تقزيم نضاله وتقزيم المسؤولية عنه لتختزل فيكَ أو في أي فرد غيرك، قبلكَ أو بعدكَ بعد عمر طويل، مهما علا شأنه وموقعه ومهما اتسعت قدراته وصلاحياته ومسؤولياته، وإلا سنكون شعباً امعياً، وشعبنا ليس كذلك، بل هو شعب حيٌ حيويٌ واعٍ ومشارك بكل أطيافه وجهاته وأماكن تواجده صراعه مع العدو. 

إن معركة تحرير فلسطين لن تأتي بالضربة القاضية، لا من فرد ولا من مجموعة معينة بعينها، إنما تأتي فقط بتراكم النضال وتراكم الإنجازات وتراكم البناء عليها، وحسن إدارة الصراع في كل مرحلة من مراحله، حتى تكتمل شروط الإنتصار الكامل والنهائي على كيان الإستعمار العنصري الإحلالي. 

هذا ليس دفاعا عنكَ أخي الرئيس أبو مازن ولا إعفاءً لكَ من المسؤولية التي تقع على عاتقك عن أي تقصير قد يعتري الوضع الفلسطيني في كل مستوياته المؤسسية والبنيوية، وإنما اقرارا للموضوعية والمنهجية العلمية في القراءة للواقع والتحليل والتشخيص والتخريج، ولا شك في أن المسؤولية تتوزع على كل المستويات (فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، وكل واحد منا يقف على ثغرة من ثغور العمل والبناء والكفاح والصراع .. حتى تتحقق أهداف شعبنا، وستبقى ثقتنا في شعبنا وقدراته المتعددة والمتباينة والمتجددة بعد الله عز وجل، هي موئل ومصدر قوتنا والهامنا في مواجهاتنا ومعاركنا المختلفة في كل المستويات والكيفيات وفي اختلاف الساحات والميادين. 

ففلسطين ليست (نيوزيلانده) أو (استراليا) أو جزيرة عزلاء منسية منفية في أعالي البحار، إن فلسطين هي قلب العالم العربي والإسلامي، وقلب العالم أجمع، وشعبها ثابت صامد في أرضه، مكافح مناضل، لن يستسلم للمشروع الإستعماري الإستيطاني الإحلالي العنصري فيها، ولن يرفع له الراية البيضاء وغير قابل للإنصهار والذوبان ... 

لذا وبملءِ فمي، اقرر وأعلن وأكتب وأقول: 

إن المشروع الصهيوني في أرض فلسطين قد جاء في الوقت والزمان الخطأ والمكان الخطأ، فهو مشرع كيان استيطاني استعماري فاشل ومنكسر، وآيل إلى الزوال، وما نشهده من تطرف لليمين المسيطر على القرار فيه إلا لضعفه ولإدراكه هذه الحقائق الصادمة له ولحلفائه ولملاكه ورعاته من الإنجلوا سكسون. 

كلمات دلالية

اخر الأخبار