شلتونة

تابعنا على:   12:05 2021-10-03

د. خالد معالي

أمد/ حال الضفة الغربية، شلتونة، حيث يصف المزارعون الفلسطينيون السنة التي لا يكون فيه محصول الزيتون وفيرا، بأنها سنة "شلتونة"؛ فالموسم لهذا العام 2021 اقل من المعتاد بكثير ، بسبب موجة الحر وعوامل اخرى، ويبدو انها من ناحية سياسية كذلك.

كي تستمر حياة المزارعين بسلاسة ورتابة دون منغصات فانهم يحتاطون بتخزين كميات اكبر من الزيت المبارك من فوق سبع سموات، لكن سياسيا لا يوجد رصيد عالي ومرتفع من باب الاحتياط لمواجهة كحط وقلة الامكانيات.

 قالها بصراحة "نفتالي بينت" انه لن يعطي الفلسطينيين شيئا وحتى انه قال انه لن يلتقي الرئيس الفلسطيني، فهو طبعا لا يعطي شيء بالمجان. بل بوجود ضغوط عليه تجبره على ذلك، وهي غير موجودة من ناحية الضفة، والوضع العام بالنسبة له اكثر من عادي فلماذا يتنازل او يلتقي الرئيس؟1

"نتفالي بينت" يكرس سياسة الأمر الواقع، ولسان حاله يقول: " قبلتم أم رفضتم، سوف ابتلع ما تبقى من الضفة الغربية، ولا يوجد ما يمنعني من ذلك، فرضا المستوطنين اهم واكبر فهم لديهم قوة اصوات انتخابية كبيرة.

لكن بالمقابل هل "بينت" ليس لديه نقاط ضعف؟! فهناك عوامل قوة لدى الفلسطينيين رغم ضعفهم الظاهر وقوة الاحتلال الوهمية، فمهما بلغ "بينت " من عنترية وبطش بالشعب الفلسطيني الا انه له نقاط ضعف.

من عوامل ضعف "بينت" هو هشاشة حكومته، وتخبطه مع غزة، ومواصلة استنزاف جيشه من خلال المواجهات اليومية بعد منتصف الليل في الضفة الغربية، واطلاق الرصاص على مركبات جيشه وجنوده وغيرها الكثير.

يبقى السؤال المحرج والحساس هو: ماذا أعد الفلسطينيون لما تبقى من  سنة  2021 ؟ وهو سؤال مشروع. لكن الأهم منه ماذا أعد العرب والمسلمون لنصرة الفلسطينيين؟ وعدم تركهم وحيدين يستفرد بهم الاحتلال في الميدان، ووحيدين بمقارعة أعتى قوة ظلم وطغيان منذ فجر التاريخ؟

فلسطينيا هناك عوامل قوة ببلورة آلية إعلامية تفضح الاحتلال وممارسته، ومقاومة مدروسة وموجهة بعناية وواعية تراعي ظروف المرحلة الحساسة، ووحدة ومصالحة فلسطينية تفعل الطاقات الكامنة، كلها تشكل عوامل ضغط متفاوتة على الاحتلال بحسب الزمان والمكان المناسبين، وهذا كله في حال وجهت البوصلة الفلسطينية لوجهتها الصحيحة، وهذا منوط ومحصور بالقيادات الفلسطينية المؤتمنة على الشعب ومقدراته وطاقاته.

حتى تصوب البوصلة بالشكل الاصح والامثل، الأصل أخذ واستقاء العبر من كل خطأ حصل وعدم تكراره وهذا يشمل جميع القوى الفلسطينية، فلا يصح افتعال فبركات وقصص وحكايات تستنزف الطاقات الفلسطينية بين فترة واخرى لتسجيل نقاط هنا وهناك.

أن نبقى أسرى للماضي وعثراته لا يجوز. بل علينا جميعا أن نتجاوز صفحة الماضي وننطلق للأمام، فالاحتلال يتربص ويترصد وينتظر الفرصة المواتية لابتلاع الجميع، وعدم ترتيب البيت الفلسطيني ولو بالحد الادنى يعطي الفرصة للاحتلال لكي يجهز على الشعب الفلسطيني الذي يرنو للانعتاق والتخلص من الاحتلال.

يا لوقاحة الاحتلال الذي زعم السماح ببناء الف شقة فلسطينية في مناطق "ج" ، حتى ارضنا يمن علينا بالبناء فيها وهو حتى ما لم يحصل، وادعائه بتحسين معيشة الفلسطينيين المقهورين، في الوقت الذي يواصل مصادرة الأراضي، وتوسعة مستوطناته، وبناء الجدار، واقتحام المدن والقرى، وقتل من يريد، واعتقال من يشاء، ومتى شاء، بحجة المحافظة على أمنه المزعوم الواهي الذي اخترقه ستة اسرى وخرقوا اسوار سجن "جلبوع"

الضعيف هو من ينتظر الأحداث والتغيرات الاقليمية والدولية أن تأتي بما يحب ويرضى ولتحل مشاكله، والقوي هو من يصنع الأحداث ويتحكم في انعكاساتها. فهل انتظرت طالبان التغيرات الاقليمية والدولية او انتظرت امريكا حتى تتغير لتنتزع منهم حرية افغانستان"؟!

كل ما تستعد له دولة الاحتلال من حرب عدوانية قادمة طاحنة والتي لن تكون في هذه السنة مع غزة، سيبوء بالفشل حال خسارتها المتوقعة، حيث ما عاد الزمن يعمل لصالحها وعلامات انحسارها بدأت منذ زمن. فسنة الله في خلقة ونواميس الكون قضت بالتبدل والتغير.

لم نسمع عن استعدادات وخطط تكتيكية وإستراتيجية فلسطينية في مواجهة الاحتلال ومخططاتها الهادفة لابتلاع كل شيء، وهذا يعني أن الأحداث قد تدهمنا نحن الفلسطينيون ولا نعرف ماذا نصنع فيها، اللهم الا في غزة التي عرفت كيف تتعامل مع المحتل الغاصب.

الأصل أن نستشرف المستقبل ونتوقع الأحداث حتى نستطيع مواكبتها والتغلب على الصعاب المتوقعة. وجود الاحتلال يجب أن يدفعنا لإيجاد أفكار خلاقه إبداعية للتخلص منه، كما فعلت كل الشعوب التي تعرضت للاحتلال. ما تبقى من هذه السنة على ما يبدو سنة "شلتونة" في الأفكار والخطط والاستشراف .

بعد 28 عاما  من "اوسلو " الذي ثبت فشله، وبعد سنوات الاحتلال الطوال، لا بديل عن الوحدة والمصالحة الفلسطينية لإفشال سياسة الاحتلال القائمة على "فرق تسد"، وتفعيل كل الطاقات العربية والإسلامية نحو التحرير وبناء الدولة وعاصمتها القدس الشريف، وطرد الاحتلال إلى مزابل التاريخ غير مأسوف عليه. فهل نحن فاعلون؟!

كلمات دلالية

اخر الأخبار