عَجِيبَ، وغَرِيِبَ!!

تابعنا على:   17:54 2021-10-02

 جمال عبد الناصر أبو نحل

أمد/ كأننا نعيش في آخر الزمان، والله تعالى أعلى، وأعلم، لأننا نري أمور  مريبة، وعجيبة، وغريبة، لم نسمع بهِا من قبل!؛ حيثُ تري العجب العُجاب، وإن المُتأمل الناظر لحال الناس اليوم يشعُر بالفرق الشاسع ما بين الثري والثُريا، وما بين الأرض، والسماء، وما بين الأخضرِ، واليابس، والنورِ، والظلام والشرِ والخير، وما بين الحق والباطل.

فَهنُاك فروقٌ شاسعة وكبيرة  وكثيرة، ومُبهمة وغير مفهومة لا مهضومة لا مقطوعة ولا ممنوعة نراها اليوم من أمُور  مُرةً ومَريرة من بعض أنفس شريرة متُعصِّبة وعصبية تحملُ أفَكارٍ ضريرة من غير بصرٍ أو بصيرة. حيثُ تري في هذه الزمان في بلاد العرب، والمسلمين الأمر العجيب الغريب المريب،  ومثال ذلك يقول البعض من الناس الكلام الجميل المعسول، وتحسبهُ من جَمَال كلامهِ إنسانًا عظيماً.

 ولكن حينما ترى أفعاله تجدهُ هينًا فارغاً؛ ومثلهُ: "حُلو اللسان، لكنه قليلُ  الاحسان"!؛ ونشاهد في بلاد الغرب، ودول الاتحاد الأوروبي، وإن كانت توجد عندهم الكثير من العادات السيئة من الزنا، والفواحش، وشرب الخمور، والمُسكرات التي لا يمكن لنا أن ننُكرِها، ومنها عدم الترابط الاجتماعي، والتفكك الأُسري الخ..؛ ولكنك أيضاً ترى في بُلدانِهم الشوارع نظيفة، وعندهم إتقان الصناعة، واحترام الوقت، ورعاية حقوق الانسان، والجودة في المصنوعات، والأدب في التعامل، والأمانة في أداء العمل، وإعطاء العامل حقهُ، واحترام النظام، وتنفيذ القانون، وعدم الغش، والكذب، وقد أخذوا أفضل، وأحسن الأخلاق، والتعاليم التي أمر الإسلام وعملوا بها حتي في المعاملات الاقتصادية من البيع، والشراء، وإن كانوا غير مُسلمين!؛ وأما في بلادنا العربية تجد بحر من المُسلمين، ولكن أغلبهم لا يحُتكمون، ولا يحكمون بشرع الله عز  وجل إلا من رحم الله!؛

 فبعض أبناء العرب، والمسلمين غارقون في السُوء، ويظنون أنفسهم في النور، والضُوء، ولكنهم بلا نقاء، ولا ضياء، ومن غير  وضَاءة، ولا وُضُوءَ؛ وصدق الله العظيم القائل: "أولئك الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صُنعًا"؛ " اللهم لا تجعلنا منهم  أمين!!. وحين تنظر لبعض من يقول من قَولِ خير البرية، ويشرح فضائل السُنة النبوية، ثم يحرم بناته من الميراث بكل عَنجهية، ودُونِّيَّةَ، وأخلاقِهُ سُفْلِيَّة، واِنحِّطَاطِّيَةَ!؛ وتُلاحظون في بعض بلاد العرب، والمُسلمين من يتكلمون عن الفضيلة، ولكنهم يفعلون الرذيلة!؛ ويتكلمون عن الأمانة، ويقعون في الخيانة، ويتغنون بالأدب، ويفعلون من المنكرات العجب العجيب!؛ وكذلك فإن بعضاً من تجُار الَحُلِّى المسلمين حينما يبيعون الذهب يتحدثون مع المُشَّتِرِيِ بكُل لباقةِ، وأدب، حتي إذا ذهب، وأصَابَتهُ فَاقَهٌ ووصَب.

 ورجِّع للصائِغ نفسهُ ليبيع لهُ الذهب، وجد من  بائع الذهب العجب، والتعب وسوء التعامل من غير أدب، وما يُطفئ، ويُذّهِبْ بريق ولمعانِ الذهَب!!؛؛    وبعض من الناس، والتجار  الأغنياء قد يصلون الفجر في الصف الأول جماعة في المسجد، ولكن بعضاً منهم لا يخُرجون زكاة أموالهم فيا للعجب!؛ وتري شوارع البلاد العربية أغلبها غير نظيفة، مع أن ديننا الإسلامي دين النظافة، والطهارة، والحضارة، والإنسانية!؛ وحينما يركب بعضًا منا سيارة أُجره فتسمع من السائق صاحب السيارة كلام معسول بِغزارة، وقد ينُكر على سائق آخر أمامهُ أي فعلٍ المُشين، وخاصةً حينما يسد زميلهُ الطريق، وذلك بالوقوف بسيارتهِ في وسط الطريق لركُوبِ، أو تنزيل الناس، بينما السائق نفسه الذي ينطق، وينتقد زميلهُ السائق الآخر  تراهُ بعد دقائق يقع في نفس الخطأ الذي كان زميله السائق قد  وقع فيه بل، وأكثر من ذلك حيث يكون هذا السائق صاحب الحكم، والمواعظ الوردية يُدخن بشراهة، ويتسبب للركُاب بالأذية!. وترى بعض الناس اليوم كأنهُم سكُارى، وما هُم بِسُكَارى من كثرة الهموم، والديون، والغموم، والبعض الآخر يأكل لحم أخيهِ بالغيبة والنَميمة عيانًا!؛ ونشاهد بعضًا من عُلماء الشريعة يتصيدون أخطاء لبعضهم البعض، ويمسكون بالهفوة لزميلهم، ويجعلون منها قضية، وقصةً كبيرة!.

 واليوم يكثر الحديث في مواقع التواصل الاجتماعي، وتقرأ عن حملات التشهير بالناس، وتصيد الأخطاء، وكأن من يُشهِّرْ بالناس ملاك طاهر لا يرتكب الأخطاء!؛؛ وتلاحظ الحسنة في مجتمعنا العربي الإسلامي تخُص، والسيئة تعُم!؛ بمعني لو إنسان طول حياته يعمل الخير، ووقع في خلل أو زلل، فيُشَّهِرون به بلا كللٍ أو ملل!؛ فما أقبح ما يفعلون، فكلنا نخطأ، ونصيب؛ وإن خيركم من كَثُر خيرهُ، وطال عمرهُ، وحسن عملهُ، وعاش جابرًا للخواطر، يقضي حاجات الناس بما يستطيع، ولو بكلمة طيبة أو ابتسامة جميلة، ويعمل الصالِحات، وقد قل شره، وكف كفهُ وكفكف فكهُ، ويدهُ، ولسانهُ عن أذي الناس، واشتغل بعيوب نفسه، وترك الخلق للخالق، فلا تُعِّيرَن أخيك بمصيبة، فلرُبما يعافيه الله ويبتليك.  وإن هؤلاء الناس الذين يُنبِشُون، ويبحثون عن عيوب الناس، ولا ينظرون في عيوبهم!؛ فلا نجد نصيحةً لهم أصدق، ولا أفضل، ولا أعظم من الحديث الصحيح عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل:" يُبصِرُ أحدُكم القَذاةَ في عَينِ أَخيه ، و يَنْسَى الجِذْعَ أو الجِدْلَ في عَينِه مُعتَرِضًا"؛ وقد حذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم من ذلك؛ لِمَا له من أَثَرٍ سَيِّئٍ على الفَرْدِ والمُجْتَمَعِ، وفي تفسير هذا المعنى للحديث: "يُبصِرُ أحَدُكُم القَذَاةَ" وهي ما يَقَعُ في العَيْنِ والماءِ والشَّرابِ من نحْوِ تُرابٍ وتِبْنٍ ووَسَخٍ، "في عَيْنِ أَخيهِ" في الإسلامِ، "ويَنْسَى الجِذْعَ أو الجَدْلَ"، أي: الْخَشَبَةَ الْعاليَةَ الكَبيرَةَ "في عَيْنِهِ مُعْتَرِضًا" والمعنى: أنَّه يُبصِرُ عَيْبَ غيرِهِ وإنْ كان صغيرًا ويَتَحدَّثُ به، ولا يُبصِرُ عَيْبَ نَفْسِهِ الظاهِرَ، مع أنَّ العبدَ يَنْبغي عليه ألَّا يَنْشغِلَ بذُنُوبِ العِبادِ ويَنْسى نَفْسَهُ؛ لأنَّه سيُسْأَلُ عما قدَّم لنفْسِهِ؛؛ والواجب على العاقل لزوم السلامة؛ بتَرْك التجسس عن عيوب الناس مع الاشتغال بإصلاح عيوب نفسه؛  وإن مِن أعجز الناس مَن عاب الناس بما فيهم ومَن عاب الناس عابوه ومَن ذمَّهم، وذمُّوه، وأذَاهُم فأذوه،  وإن من أقبح القبائح، وأفضح الفضائح من يصدح بالقول الفاضِح،  ونختم المقال بجميل ما قال، وقيل عن الشاعر: "أبو الأسود الدؤلي":  "يا أيها الرجل الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ،،، هَلَّا لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ،،، تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى.

   كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ ،،، ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا،،، فَإِذَا  انْتَهَتْ  عَنْهُ  فَأَنْتَ  حَكِيمُ،،، فَهُنَاكَ تُعْذَرُ  إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى،،، بِالْقَوْلِ مِنْك، وَيحصل التسليمُ،،، لَا  تَنْهَ  عَنْ  خُلُقٍ  وَتَأْتِيَ   مِثْلَهُ،،، عَارٌ  عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ""؛؛ الَلهُم لا تجعلنا من الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

كلمات دلالية

اخر الأخبار