بين المشروع القومي والمشروع الصهيوني حالة تناقض رئيسي وصراع مفتوح

تابعنا على:   16:31 2021-09-24

محمد جبر الريفي

أمد/ منذ البداية اعتمد المشروع الصهيوني الذي يحقق تقدما الآن من خلال سياسة التطبيع العربي خاصة الخليجي مع الكيان الصهيوني اعتمد في تطلعاته التي رسمها المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد في مدينة بازل بسويسرا برئاسة الصحفي النمساوي اليهودي تيودور هرتزل على وطأة الاضطراب الذي ساد الحالة السياسية العربية بعد هزيمة دولة الخلافة العثمانية حيث الانشغال كان بعد الحرب العالمية الأولى خاصة في المشرق العربي بمشروع الاستقلال العربي وتكوين مملكة عربية في حين المشروع الصهيوني لم يكن الانشغال به كبيرا أو عاما.

وقد حدث ذلك رغم أن القضية الفلسطينية كانت جزءا في إطار الفكر السياسي العربي الواسع و الواحد...كما اعتمد المشروع الصهيوني إضافة إلى ذلك على مخطط التجزئة السياسية العربية الممنهجة حيث كانت وثيقة بانرمان البريطانية ترسم الخطوط العريضة له وجاءت اتفاقية سايكس بيكو لتحقق ذلك من خلال وعد بلفور المشؤوم.... .خطوات سياسية مدروسة خطط لها الغرب الاستعماري ونفذتها الحركة الصهيونية العالمية بصعود البرجوازية الأوروبية وتكوين دولها القومية في حين ظلت حالة التجزئة السياسية تتكرس أكثر في الواقع السياسي العربي ومعها استمرت المقاومة العربية لهذا المشروع الاستعماري الصهيوني تقوم على شعارات قومية ودينية فضفاضة لم يكتب لها التحقيق بسبب انها نشأت في مناخ سياسي مضطرب وفي ظل ثقل الاحساس بتردي الواقع العربي وقد رافق ذلك بداية الانفصام بين ما يسطره الفكر السياسي العربي .وبين ما تتبعة الممارسة ..بين الشعار الذي لم يحظى بالقداسة باعتباره في الغالب نتاج فكر مثالي وبين المعادل الواقعي الموضوعي وكذلك أيضا يعود إخفاق هذه الشعارات إلى مؤثرات واقع التجزئة السياسية التي عمقت الشعور بالنزعة القطرية بديلا عن الانتماء القومي وبذلك تم الجري لتحقيق المصالح السياسية الضيقة التي أصبحت من مهمات الدولة الوطنية . لقد جاء المشروع القومي بطبيعته الجديدة التي تختلف عما كان عليه الفكر السياسي العربي في أوائل القرن العشرين ..جاء بعد نكبة 48 وبالتحديد أعلنت أهدافه الرئيسية وحدة ،حرية اشتراكية بعد منتصف الخمسينات باندحارالعدوان الثلاثي على مصر وتفعيل الدائرة العربية في الاهتمام السياسي لثورة 23 يوليو كما جاء في كتاب الثورة عن الدوائر الثلاث للرئيس جمال عبد الناصر وكان قيام الوحدة المصرية السورية في فبراير عام 58 أول إنجاز سياسي تاريخي لمسألة الوحدة العربية وللمشروع القومي بشكل عام في العصر الحديث لكن تحالف قوىالرجعية العربية مع الاستعمار الغربي كان وراء مؤامرة الانفصال التي كان عنوانها تعطيل القوانين الاشتراكية التي أعلنت في دولة الوحدة الجمهورية العربية المتحدة وذلك تطبيقا لأحد أهداف المشروع القومي وهو هدف الاشتراكية . ..

اما قبل ذلك فقد انشغل الذهن السياسي العربي في التخلص من السيطرة الاستعمارية التي أعقبت الهيمنة العثمانية وقد أسفر هذا الاهتمام من النخب السياسية العربية آنذاك على تشكيل الدول القطرية التي كانت ترسيخا للتجزئة السياسية اما بخصوص القضية الفلسطينية نفسها فقد كان العامل الديني منذ بداية الغزوة الصهيونية هو المحرك الأساسي للنضال الوطني الذي كانت تقوده طبقة الإقطاع الديني الذي اتسم بصبغة عائلية في حين حدث التراجع الواضح للمشروع القومي بعد هزيمة يونيو 67 وعجز أنظمة البرجوازية الصغيرة التي سميت بالوطنية في التصدي للكيان الصهيوني أو أحداث أي عملية تنموية حقيقية تخرج البلاد من حالة التخلف الاقتصادي والاجتماعي وبعد اتفاقية كامب ديفيد بدأ تفكك جدار المشروع القومي بخروج مصر ألدولة الأقوى في النظام السياسي العربي الرسمي من دائرة الصراع العربي الصهيوني وباتفاقية أوسلو غاب المشروع القومي تماما من الساحة السياسية العربية ليفسح المجال أمام المال النفطي الخليجي في تحقيق المخطط الإمبريالي الصهيوني في خلق الشرق الأوسط الجديد الذي تذوب فيه الرابطة القومية وأولي تطبيقاته الآن ما يجري من عقد اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني. ..أي أن الصراع العربي الصهيوني وكذلك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الآن لا يدور فقط حول قضية التسويات السياسية المطروحة بشأن القضية الفلسطينية مثل صفقة القرن أو حل الدولتين أو الدولة الديمقراطية الواحدة بقدر ماهو صراع ومواجهة أشمل بين مشروعين سياسيين متناقضين المشروع القومي العربي التقدمي الذي يتراجع أكثر مع بقاء حالة التجزئة السياسية العربية وما أصاب حركة التحرر الوطنية العربية من عدم فاعلية نضالية بسبب غلبة الأفكار الإصلاحية في برامجها السياسية حيث أصبح بعض أطرافها جزءا من التحالف الطبقي الحاكم والمشروع الصهيوني الذي يحقق تقدما على حساب الإنفضاض العربي من القضية الفلسطينية وذلك بسبب المأزق السياسي الذي وصل إليه المشروع الوطني نتيجة الانقسام السياسي من ناحية ومن الطريق المسدود الذي وصل إليه مشروع حل الدولتين من ناحية أخرى بسبب تعنت الكيان الصهيوني الذي لم يلتزم باتفاقية أوسلو التي كانت خطأ سياسيا تاريخيا أقدمت علي توقيعه منظمة التحرير الفلسطينية مع كيان غاصب عدواني لا يلتزم بأي اتفاق سياسي لا يخدم أهدافه الدينية كما هي ثابتة في الرواية اليهودية . .

كلمات دلالية

اخر الأخبار