حملة التحريض المفضوحة

تابعنا على:   10:19 2021-09-23

عمر حلمي الغول

أمد/ في الصراع والتنافس بين الأشخاص والقوى والأحزاب والائتلافات والدول يحتل التحريض مكانا هاما فيما بين الخصوم والاعداء، ولا تتورع تلك المكونات عن استخدام أساليب مبتذلة ورخيصة في مهاجمة بعضها البعض بهدف الإساءة والانتقاص من مكانة وهيبة الشخص او القوة او الدولة المستهدفة. وحتى تقوم تلك القوى المتصارعة بتخصيص دوائر مهمتها أولا متابعة المستهدف في سلوكياته، ومواقفه وتصريحاته المعلنة وداخل الغرف المغلقة إن كان في اللقاءات والاجتماعات او حتى في أوساط الاسرة، وتتابع خفايا اسراره، وخصوصياته، وعلى أثر ذلك تقوم بصياغة وإدخال وإعادة انتاج الأخطاء او النواقص واختلاق قصص واقاويل ومواقف لا تمت للمستهدف بصلة، او تقوم بعملية فبركة لحدث ما يطعن في أهلية ومكانة وحضور الشخص او الحزب او الائتلاف او الدولة المقصود/ة.

وتتسم عملية التحريض عموما بعدم احترام المعايير القانونية والأخلاقية والقيمية، لا بل هي على النقيض من ذلك، وتصل أحيانا إلى الدرك الأسفل في الانحطاط بهدف تشويه صورة الشخص او المؤسسة المراد الانتقاص منها، ولا تتورع عن الدس الرخيص، والتطاول بأساليب مبتذلة لتحقيق غاياتها تجاه خصومها واعداءها. وترقى أحيانا إلى التحريض على القتل وتعميم الكراهية والحقد والعصبوية والتطرف والعنصرية البغيضة.

بعيدا عن العموميات وبالانتقال للواقع الفلسطيني، اعتقد ان الشعب العربي الفلسطيني بحكم خصوصيات واقعه النضالي، وكونه ما زال يخوض غمار الكفاح الوطني التحرري لنيل استقلال بلاده، فإن عمليات التحريض الداخلي بين القوى والشخصيات المتنافسة فرضت الابتعاد قدر الإمكان عن الاسفاف والانحدار الأخلاقي، واعتماد التحريض بهدف التحفيز لتصعيد اشكال المقاومة الوطنية ضد المستعمر الصهيوني، وبهدف تعزيز الوحدة لصيانة المشروع الوطني وصولا لتحقيق الأهداف والثوابت الوطنية. وبالتالي لا تنطبق على واقعه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتنظيمي/ الحزبي والثقافي اشكال التحريض التدميرية آنفة الذكر. حتى عندما كان تحدث أخطاء قاتلة منها مثلا اشتباكات داخلية في زمن الظاهرة العلنية السابق في دول الشتات قبل قيام السلطة، كانت القوى الفلسطينية تلتئم فورا في اجتماعات عاجلة وتعمل على رأب الصدع، ولم تسمح لعمليات التنافس والصراع والاختلاف في الرأي والاجتهاد تجاوز الخط الأحمر، الذي يهدد الوحدة الوطنية وبحدها الأدنى الوحدة الميدانية

لكن مع نشوء حركة حماس في زمن الانتفاضة الكبرى مطلع عام 1988، ورغم اندماج الشعب بقواه وقطاعاته في اتون ثورة كانون اول / ديسمبر 1987/ 1993، الا ان ذراع جماعة الاخوان المسلمين لجأت من يومها الأول لوجودها بالساحة السياسية بعد تأخر عقدين من الزمن عن انطلاقة شرارة الثورة المعاصرة إلى التحريض على الانقسام والفتنة المغرضة، واستهداف وحدة الصف، غير آبة بالنتائج المدمرة الناجمة عن ممارساتها وانتهاكاتها للنسيج الوطني والاجتماعي، كونها وجدت بالأساس لهذا الهدف، وليس لتعزيز المقاومة. وضاعفت من اشكال وأساليب التحريض مع ولوجها مرحلة التخوين والتحريض التكفيري عشية وبعد الانقلاب الأسود على الشرعية أواسط عام 2007، ومازالت الحركة تنتهج ذات السياسات التخريبية لخدمة اغراضها وأهدافها الفئوية، التي تستهدف الوحدة الوطنية، وشق النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي، وتاجرت بالدين، ومازالت تتاجر لتأبيد خيار الامارة الحمساوية على حساب القضية والمشروع الوطني والنظام السياسي التعددي، ولخدمة أهداف ومخططات أعداء الشعب.

ولم تتوقف حملات التحريض الحمساوية يوما على منظمة التحرير وحركة التحرير الوطني / فتح وفصائل العمل الوطني برمتها والثقافة الوطنية عموما منذ ركبت موجة "المقاومة" لتسويق بضاعتها الفاسدة، وركزت حملاتها على رموز الكفاح التحرري أولا الرئيس الرمز الراحل أبو عمار، وثانيا الرئيس الحالي الرمز محمود عباس بهدف الإساءة والانتقاص من مكانتهما والتحريض عليهما ليلا نهارا، وقد وصل التحريض على الرئيس أبو مازن حدا غير مسبوق لا يتوقف عند المطالبة بالاستقالة او الإقالة، وانما ابعد من ذلك، ووصل لحد التشهير والتخوين والدعوة للقتل. كما وتزداد حملات التحريض التكفيرية والتخوينية في المناسبات واللحظات التاريخية، التي يقوم فيها رئيس منظمة التحرير بإلقاء خطاب او المشاركة في مؤتمر عربي او إقليمي او إسلامي او دولي للإساءة له، واستهداف مكانته، وللتشكيك في مرحعيته كرمز للشرعية الوطنية، كما يحصل هذه الأيام.

هذا الاسفاف يستدعي من الكل الوطني عموما ومن يدعي من حركة حماس انه معني بالشراكة السياسية، والحرص على الوحدة الوطنية التصدي لهذه الحملة المغرضة والخبيثة، والتي تستهدف تعميق خيار الانقلاب والامارة الاخوانية. كما يتطلب من بعض أبناء حركة فتح الكف عن التساوق مع حملات حماس من حيث يدروا او لا يدروا لحماية حركتهم ودورهم ومكانتهم كعمود للخيمة الوطنية. وهذا ما تستدعيه المصلحة الوطنية العليا.

كلمات دلالية

اخر الأخبار