الداهية والهلفوت : تقارير مخابرات الإخوان عن عبدالفتاح السيسى ( الحلقة الثانية )

تابعنا على:   12:48 2013-11-09

حلقات يكتبها: محمد البـاز

بعد ساعات قليلة من تعيين الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزيرًا للدفاع، وتحديدًا فى الساعة السادسة وثلاث وثلاثين دقيقة يوم 12 أغسطس 2012، منحته بوابة «الحرية والعدالة» توصيفًا موحيًا، فهو «وزير دفاع بنكهة الثورة».

كان مبرر التوصيف واضحًا، فما دام الإخوان يتعاملون مع مرسى على أنه رئيس الثورة، فلابد أن يكون وزير الدفاع الذى اختاره بنكهتها.

التقرير الذى كتبته البوابة الإخوانية عن الوزير الجديد لم يكن صحفيًا فقط، لكنه عكس طبيعة المعلومات التى تراكمت لدى الجماعة عنه، كما يعكس رأيها فيه، وآمالها العريضة التى علقتها عليه، وكذلك دوافع مرسى ومبرراته لاختيار السيسى بالذات وليس غيره من بين أعضاء المجلس العسكرى، رغم أن هناك من بينهم من كان قريبًا من الجماعة بالفعل.

المبررات الإخوانية لاختيار السيسى يمكن أن نسجلها على النحو التالى:

أولاً: رأت الجماعة أن عبدالفتاح السيسى الذى هو أصغر أعضاء المجلس العسكرى سنًا - عمره وقتها كان 58 سنة - كانت له مواقف تختلف عن باقى رفاقه فى المجلس، وهو ما يميزه عنهم.

ثانيًا: كانت للسيسى تصريحات هاجم فيها التعامل العنيف مع المتظاهرين بعد الثورة، وطالب بتغيير ثقافة قوات الأمن مع المواطنين، وحماية المعتقلين من التعرض للإساءة والتعذيب.

ثالثًا: صراحة السيسى كانت نقطة مهمة، فقد أبرزت الجماعة اهتمامها بأنه كان أول من اعترف فعليًا بإجراء كشوف العذرية فى السجن الحربى، وبرر ذلك بشجاعة، من أجل حماية الجيش من مزاعم الاغتصاب التى قد تلحق بالجنود بعد الإفراج عن المحتجزات، كما أنه أكد أن الجيش لا ينوى اعتقال النساء.

لكن هل كان هذا هو كل شىء؟

 بالطبع لا.. فالجماعة التى كانت تحسب لكل شىء حسابًا، وتتعامل مع المؤسسة العسكرية بعقدتها القديمة التى بدأت على يد عبدالناصر فى 54، لم تكن لتترك السيسى يدخل قصر الاتحادية ليحلف اليمين قبل أن تعرف عنه كل شىء.. وهنا يظهر دور ما يمكن اعتباره جهاز مخابرات الجماعة الخاص، وهو جهاز كان يديره ويشرف عليه ويتلقى كل تقاريره خيرت الشاطر، وقد بدا هذا من تصريحاته فى أكثر من مناسبة، أهمها بعد مجزرة الاتحادية فى ديسمبر 2012، عندما قال إن لديه تسجيلات لبعض أعضاء القوى السياسية يتآمرون فيها على الرئيس مرسى.

اهتمت تحريات جهاز مخابرات الإخوان بعلاقة عبدالفتاح السيسى بمبارك، فهو فى النهاية شغل منصب مدير المخابرات الحربية فى عهده، وكان يشغل المنصب قبله اللواء مراد موافى الذى خرج منه محافظًا لشمال سيناء، وهو ما يعنى أن السيسى عمل مديرًا للمخابرات ما يقرب من عشرة أشهر، فقد تولى مسؤولية الجهاز فى مارس 2010.

من خلال المعلومات التى توفرت للجماعة عرفت أنه لم يكن هناك تعامل مباشر بين السيسى ومبارك، فقد وافق على تعيينه فى منصبه، لكن الدور الأكبر فى ترشيحه كان للمشير طنطاوى الذى كان ولا يزال يعتبر السيسى ابنه المقرب إليه.. بل عزز موقف السيسى لدى الجماعة أن رأيه كان سلبيًا جدا فى سياسات مبارك، وكان واحدًا من الرافضين تمامًا للتوريث، ولم يكن بعيدًا عن خطة تحرك الجيش لمواجهة تنفيذ هذا السيناريو، وهو ما أشار إليه بعض قادة المجلس العسكرى من طرف خفى، فقد كانت هناك خطة لمواجهة مبارك إذا ما حاول فرض نجله ليكون رئيسًا لمصر.

المفاجأة أن من قاموا بجمع المعلومات للجماعة، اهتموا بسلوك السيسى وملامح تدينه أكثر ربما من أى شىء آخر، وهنا لم تكن المهمة صعبة، فمن بين ما يعرف عن السيسى ويردده قادته وزملاؤه أيضا، أنك إذا أردت أن تعرف ما يفعله السيسى الآن، فالأمر لا يخرج عن واحد من أربعة أشياء، فهو إما يصلى، أو يقرأ القرآن، أو يمارس الرياضة، أو يعمل.

كان التزام السيسى الدينى باديًا عليه، وقد يكون هذا هو الباب الملكى الذى أغرى الجماعة بالاقتراب منه أكثر، ولأن خيرت الشاطر كان من يحصد تقارير الجماعة، فقد كان طبيعيًا أن يخبر زوجته السيدة عزة برأيها فى القائد الجديد، وهو الرأى الذى أفصحت عنه فى لقاء مسجل بعد الثورة.

كانت عزة مندهشة جدًا من موقف السيسى، قالت إن الجماعة كانت تحسن الظن به، وذلك لأنه كما أخبرها خيرت ملتزم ومتدين وصوّام وقوّام.

معلومات الجماعة كانت صحيحة، لكنها عجزت عن تفسيرها، أو معرفة حقيقة تدين السيسى من خلال رصد سلوكه.. فهو متدين، ولكن ليس على طريقة الإخوان، يصلى ويصوم ويقرأ القرآن من أجله هو، وليس من أجل جماعة تأخذ من عبادتها وسيلة للتقرب إلى الناس وليس للتقرب إلى الله.. كان تدينه وسطيًا مثل غالبية المصريين، وقد يكون هذا تحديدًا ما جعله يكشف تدين الإخوان المتطرف مبكرًا جدًا.

لقد رصدت الجماعة بعناية شديدة ما قاله توفيق عكاشة عن الفريق السيسى قبل تعيينه وزيرًا للدفاع.. توفيق وبطريقته التى تميل إلى الهزل أكثر من الجدية كشف عن معلومات قال إنها مؤكدة عن انتماء السيسى لجماعة الإخوان، واستغل اسم القيادى الإخوانى عباس السيسى الذى كان واحدًا من الرعيل الأول للجماعة، وله كتاب مهم عن تاريخها هو «فى قافلة الإخوان المسلمين»، وقال أيضا إن زوجة السيسى منتقبة، للتأكيد على كلامه، وكأن النقاب- على فرض أنه موجود- يعنى أن صاحبته وزوجها من الإخوان.

دع عنك أن زوجة السيسى السيدة انتصار-وهى بالمناسبة ابنة خالته- ليست منتقبة، لكنها محجبة فقط كحجاب المصريات العادى، إلا أن ما قاله عكاشة كان له دوىّ كبير، فهو لم يقل هذه المعلومات لملء الفراغ، ولكن ليشير إلى أن محمد مرسى سيطيح بطنطاوى وعنان ويأتى بالسيسى، وبذلك تضع الجماعة يدها على القوات المسلحة.

درست جماعة الإخوان المسلمين كلام توفيق عكاشة، واستقر فى يقينها عبر تقارير أجهزتها المخابراتية أن هناك صراعًا بين الأجهزة السيادية فى مصر، وأن هناك من لا يريد أن يصعد السيسى إلى منصب وزير الدفاع، ولذلك يقومون بحرقه، خاصة أنه كان هناك تخويف للجماعة من أن تستعين بأحد من أعضائها أو ممن ينتمون لها فى الوزارات السيادية، وأن ذلك يتم بهدف صرف نظر محمد مرسى عن الفريق السيسى الذى هو أميل للجماعة بدليل نقاب زوجته، ولذلك قررت الجماعة حسم أمرها واختيار السيسى للمنصب الكبير.

هل يمكن أن نقرأ ما جرى من زاوية أخرى؟

 فى لقاء تليفزيونى عابر كان توفيق عكاشة يتحدث مع أسامة كمال على فضائية القاهرة والناس، سأله أسامة عما قاله عن الفريق السيسى قبل تعيينه وزيرًا للدفاع، وهل لا يزال عند رأيه؟

 ابتسم عكاشة ابتسامة المنتصر، وبطريقته الهزلية قال إن ما قاله كان طعمًا التقطته جماعة الإخوان المسلمين، وأن هناك من كان يريد أن تطمئن الجماعة إلى الفريق السيسى، لأنه كان الوحيد الذى يجيد التعامل معها، والوحيد الذى يستطيع أن يقطع يد مرسى إذا حاولت أن تتدخل فى الجيش.

قد يكون هناك من أراد خداع الجماعة بالفعل، خاصة أن عكاشة ورغم هزليته الشديدة صدق فى كثير مما قاله، لكن الجماعة تجاوبت مع الخدعة تمامًا، لأنها كانت من زاويتها الخاصة ترى أن السيسى، ورغم أنه ليس إخوانيًا، فإن تدينه يجعله أقرب إلى الحالة النفسية للجماعة، ومن يدرى فربما عندما يقترب من مرسى يتحول التدين إلى ميل إخوانى واضح.. هكذا فكرت الجماعة، وعلى هذا الأساس أخذت قرارها.

بقيت أمام الجماعة مشكلة أساسية، هى حالة الارتباط الكبيرة التى تجمع السيسى بطنطاوى، وهى حالة لا ينكرها السيسى بالمناسبة، وقد تبدت بشدة عندما دعاه إلى احتفال القوات المسلحة بنصر أكتوبر، رغم أنه يعرف أن كثيرين من الثوار يعتبرون طنطاوى مسؤولًا عن سقوط عدد كبير من الشهداء خلال الفترة الانتقالية، وتجب محاكمته لا تكريمه، لكن السيسى لم يلتفت لذلك، ليس لمحبته الشديدة لطنطاوى، ولكن ربما لمعرفته بحقيقة الدور الذى قام به المشير فى الثورة.

من بين ما يجمع طنطاوى والسيسى أنهما أبناء سلاح واحد «المشاة»، وإن كان الفارق بينهما أن طنطاوى يعانى بشدة من عقدة سلاح المشاة من الأسلحة الأخرى، مثل الطيران مثلًا، حيث يرى أبناء المشاة أن هذه أسلحة تحظى بالاهتمام الأكبر داخل المؤسسة العسكرية، لكن السيسى لا يلتفت إلى هذه العقدة كثيرًا، بل تجاوزها وكسرها مبكرًا بتفوقه، ولابد أنه الآن يشعر بالارتياح الكبير، فأحد أبناء سلاح المشاة هو وزير الدفاع.

كان طنطاوى يقف وراء كل خطوة خطاها السيسى فى حياته العسكرية، كان مؤمنًا بموهبته وقدرته على العمل، وكان السيسى يبادله حبًا واحترامًا وإخلاصًا، وكان يعرف أن طنطاوى يجهزه ليكون وزيرًا للدفاع من بعده، رغم اعتقاد البعض بأن سامى عنان، رئيس أركان حرب الجيش المصرى السابق، كان أقرب إلى هذا الترشيح.

أراد محمد مرسى أن يضرب هذا التحالف المقدس بين طنطاوى والسيسى، من خلال إخراج مشهد تعيين وزير الدفاع الجديد بصورة يبدو منها أن السيسى لم يحافظ على طنطاوى، وشارك الرئيس فى إهانته، إذ حلف اليمين، وقبل التكليف بوزارة الدفاع، دون أن يخبر طنطاوى بالأمر.

كان محمد مرسى قد استدعى طنطاوى وعنان إلى قصر الاتحادية قبل عصر يوم الأحد 12 أغسطس، كان الهدف المعلن من الطلب هو رغبة مرسى أن يدعم الجيش حكومة هشام قنديل بـ 2 مليار جنيه لشراء مواد الوقود.. لم يكن الطلب يستدعى حضور سامى عنان، لكن مرسى أصر على حضوره، بل طلب اللواء محمود نصر، المسؤول عن الحقيبة الاقتصادية فى القوات المسلحة، أن يأتى معه بميزانية الجيش.

ذهب سامى عنان وهو يشعر بأن هناك ما يخطط له محمد مرسى، وبالفعل كان هذا ما جرى، لم يقابلهما مرسى بعد دخولهما القصر مباشرة، تأخر عليهما بعض الوقت، كان هذا تحديدًا هو الوقت الذى استغرقه الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى حلف اليمين وقبول التكليف، ولم يكن وحده من أدى اليمين فى هذه الجلسة، فقد كان هناك المستشار محمود مكى الذى عيّنه مرسى نائبًا للرئيس.

أخبر مرسى السيسى بأن المشير طنطاوى هو من رشحه ليكون خليفته فى وزارة الدفاع، وأن المشير والفريق عنان موجودان فى القصر.. طلب السيسى أن يلتقى بهما، إلا أن مرسى طلب منه أن يعود هو على الفور إلى مكتبه فى وزارة الدفاع، فهناك مهام كثيرة فى انتظاره، وكان واضحًا من الفيديو الذى سجل حلف السيسى لليمين حالة الاحتفاء والانتشاء الكبيرة التى كان عليها مرسى وهو يودعه ويطلب منه أن يبلغ تحياته إلى كل القادة فى المجلس العسكرى.

بعدها خرج مرسى لطنطاوى وعنان، وكان قد سبقه إليهما أحمد عبدالعاطى، مدير مكتبه، والمستشار محمود مكى الذى تولى مهمة «دسترة» إخراج طنطاوى وعنان من منصبيهما بعد إلغاء الإعلان الدستورى المكمل، ولم يكن أى منهما يعرف من الأساس بتعيين مكى نائبًا للرئيس، بل فوجئا بالموجودين ينادونه بسيادة النائب، ولم يستغرق الأمر إلا دقائق أخبر فيها مرسى المشير والفريق بأنه أنهى عملهما وقام بتعيينهما مستشارين له، ومنحهما قلادة النيل لـ«طنطاوى» ووسام الجمهورية لـ«عنان»، لما بذلاه من جهود خلال الفترة الانتقالية، وخلال الشهرين اللذين عملا فيهما إلى جواره.

كان طنطاوى وعنان يعرفان أن السيسى موجود فى القصر، أخبرهما أحمد عبدالعاطى بشكل مقصود ولهدف محدد أنه موجود، ولما طلبا منه أن يدعوه ليصلى معهما، قال له عبدالعاطى إن السيسى مع الرئيس، وإنه يمكن أن يلحق بهما.

الخطة كانت محكمة إذن.. لم يكتف محمد مرسى باختيار السيسى وزيرًا للدفاع، وإخراج طنطاوى وعنان من المشهد بصورة تسىء إليهما، لكنه أراد أن يدق «إسفينًا» بينهم.. صوّر الأمر وكأن السيسى باع طنطاوى وعنان، وقبل التكليف بوزارة الدفاع دون أن يخبرهما أو يعود إليهما أو يتشاور مع أعضاء المجلس العسكرى الذى كان فى هذه اللحظة يتعامل بندية شديدة مع محمد مرسى.

استوعب المشير طنطاوى الموقف، وربما يكون قد أيقن ما يريده محمد مرسى من وراء ما يفعله، لكن الفريق سامى عنان لم يفوتها، وأعتقد أنه لم يغفرها للفريق أول عبدالفتاح السيسى حتى الآن، ولهذا السبب ربما لم يحدث بينهما لقاء مباشر منذ تولى السيسى وزارة الدفاع، وجاء غياب عنان عن الاحتفال بنصر أكتوبر ليؤكد أن هناك من وراء الستار توترًا ما فى العلاقة بينهما.

قد تكون هذه واحدة من الأشياء القليلة التى نفذها محمد مرسى بكفاءة.. فقد أجرى عملية جراحية اختطف بها السيسى من جبهة طنطاوى، معتقدًا أنه عندما يختاره هو ويعينه وزيرًا للدفاع يكون صاحب فضل عليه، وهو ما ترسخ فى وجدان كل أعضاء جماعة الإخوان، القادة والأتباع على السواء، فبعد الثورة كان الاحتجاج الأساسى على السيسى أنه خان مرسى الذى عيّنه وزيرًا للدفاع، وكأن التعيين كان تفضلًا من مرسى على السيسى بشكل شخصى، وعليه كان يجب أن يكون الولاء للشخص حتى لو أخلّ بكل واجباته القانونية والدستورية.

من بين ما أفصح عنه الفريق السيسى أنه تقابل مع المشير طنطاوى بعد تكليفه بوزارة الدفاع مباشرة، ومما يؤكد أن طنطاوى كان يرى أن الأمر غير طبيعى، وأن هناك ما حدث خلف الكواليس لم يكن من المفروض أن يحدث دون أن يعرفه.

سأله السيسى: «يا فندم لو عاوزنى أمشى.. هامشى فورا».

فرد عليه طنطاوى: «لا.. إنت عارف قدرك عندى ومدى اعتزازى بك».

أدرك طنطاوى والسيسى وقتها الحيلة التى نفذ بها محمد مرسى خطته، لكن الأمر كان قد انتهى تمامًا، ولم يكن لأحد أن يعدل المسار الذى نفذه الرئيس الإخوانى، ورغم تكريمه لطنطاوى وعنان بتعيينهما مستشارين له، ومنحهما تقديرًا وطنيًا بقلادة النيل ووسام الجمهورية، فإنه ذهب لأنصاره ليحتفل مساء بليلة القدر، وليزف لهم البشرى بأنه أنهى حكم العسكر.

هل يمكن أن يتجدد السؤال من جديد عن سبب اختيار مرسى للسيسى تحديدًا وزيرًا للدفاع؟

 أعتقد أنه لابد أن يتجدد، فإضافة إلى ما استقرت عليه الجماعة من واقع تحرياتها بأن السيسى هو المناسب، فإنه كانت هناك أسباب أخرى قد تكون مشابهة تمامًا لاختيار محمود مكى تحديدًا نائبًا للرئيس.

فى مقابلة حضرها عدد من الكتاب والصحفيين ورؤساء التحرير فى قصر الاتحادية، قال لنا محمود مكى إن فخامة الرئيس - هكذا كان يتحدث عن مرسى - اختارنى أنا تحديدًا نائبًا له لتكون هذه رسالة واضحة إلى كل القوى السياسية الليبرالية والمدنية أنه لن يقصر التعاون على الإخوان، وأن الكفاءات هى التى ستحدد أصحاب المناصب، ثم إنه يريد أن نجرى حوارًا مع الجميع، ورأى أن الجميع يتفقون علىّ.

شىء من هذا حدث مع الفريق أول عبدالفتاح السيسى، لكن حجم المناورة أكبر، والرغبة فى الاستغلال كانت أكبر.. كانت جماعة الإخوان تعرف أن وجود السيسى على رأس جهاز المخابرات الحربية يعنى أنه يجمع بين يديه أطراف ملفات كل قادة الجيش، وأنه لا يمكن الاعتراض عليه من أى من القادة، دون أن يعرفوا أن قادة الجيش المصرى على درجة من الاحترافية التى لا تجعلهم يتصرفون بهذه الطريقة أبدًا.

كان محمد مرسى يعرف أن المجتمع لن يتقبله بسهولة، لذلك أراد أن يعتمد على وجوه مقبولة، سواء من القوى المدنية أو القوى العسكرية.. محمود مكى المدنى تورط حتى أذنيه مع الجماعة، وسار فى ركابها، وانحاز بمواقفه إلى الفئة الضالة على حساب الشعب كله، أما الفريق السيسى فقد تنبه مبكرًا إلى ما يريده الإخوان، ولما وجد الدليل أمامه قرر أن هذه الجماعة لا تريد الخير لمصر.. لم يحسم أمره سريعًا.. بل ظل ينتظر بعض الشىء.

اليوم السابع

اخر الأخبار