المنحة القطرية و الاستخدام السياسي "البشع" للحاجة الإنسانية!

تابعنا على:   09:44 2021-08-26

أمد/ كتب حسن عصفور/ وأخيرا، انتهت "رحلة الألف ميل"، كما يقال، الخاصة بتحويل "المنحة القطرية في نسختها الممسوخة الى قطاع غزة، بداية الأسبوع القادم، وذلك بعد مداولات وتغييرات فتحت باب الأسئلة المثيرة للشكوك الوطنية، بعد أن كانت تمر بـ "سلاسة" من الدوحة عبر تل أبيب الى معبر بيت حانون، منقولة بطائرة خاصة للموساد الإسرائيلي وحقائب للسفير القطري.

وكي لا يقال لا يهم شكل وصولها، فالأهم وصولها، فما حدث للمنحة القطرية من تطورات كان جوهره سياسي بامتياز، حيث فرضت دولة الكيان "شروطها المذلة" لتحويل المنحة بنسختها الجديدة، ليس شكل الايصال فحسب، بل تقليصها الى ثلثي ما كان قبل مايو، ثم آلية الصرف عبر بطاقات خاصة يمنحها بنك الغذاء العالمي، والكشوف التي تخضع دوريا للفحص الأمني وسيتم شطب كل اسم يثير شكوك الشاباك، ولا رواتب لموظفي الحكومة القائمة، منحة لمدة 4 أشهر وليس مفتوحة، ما يعني ربطها بسلوك حماس ضد إسرائيل.

وهناك بعض من تفاصيل تكشف أن الاستخدام لتلك المنحة يحمل في طياته مساسا بالحالة الوطنية، عندما رفضت دولة قطر تحويل المنحة لميزانية السلطة الفلسطينية، حيث وافقت بأن تدفع 3.5% لبرنامج الاغذية العالمي (WFP)، على ان تدفع 1.5% لو اختارت الدفع لموازنة السلطة ومنها للبنوك، كي لا تدعم السلطة رغم "العلاقة الخاصة" بينهما، أفرادا ومؤسسة.

المنحة القطرية كانت بشكلها القديم دوما، جزءا من النقاش الوطني، أصابت حماس كثيرا برذاذها بشكل الايصال وهدفه، فيما أحدثت ضجيجا أوسع في المشهد السياسي بالنسخة الجديدة، ونالت سياسيا من سلطتي الحكم القائم في بقايا الوطن.

الشروط الأخيرة، وتجاهل قطر للسلطة مع تفضيل لمؤسسة عالمية بفائدة مضاعفة، يؤكد بلا أدنى شك، ان الأمر أصبح استخداما سياسيا خالصا، لا يقل خطرا عن كيف أصبحت وكالة الأونروا تتعامل مع الفلسطيني، وفق شروط أمنية بمعيار أمريكي وضمنا هو المعيار الإسرائيلي.

ودون تفكير، فالاستغلال البشع لتلك المنحة، يمر بشكل واضح من خلال "نفق الانقسام"، ودونه ما كان لقطر أو غيرها فرض شروط "المذلة الوطنية" على الفلسطيني، مستغلة "مصالح خاصة" لطرفي الحكم، معها، وكل ما يشاع غير ذلك كذب مشبع بالدسم.

أن توافق حماس على شروط "المذلة" بعد معركة مايو بكل ملامحهما، تفتح باب السؤال، ما هي معايير الربح السياسي في ضوء ذلك القبول، ليس بما كان قبلها، بل بما هو أكثر ضررا لها وإهانة للفلسطيني، هل هناك حساب وطني عام، أم الأمر مرتبط بحساب حزبي مطلق، حيث مكان إقامة قيادة الحركة في الدوحة، ويبدو أن لا خيارات بديلة لديها، بعد أن خسرت كل مستضيفها السابقين (كل بحساب)، وطهران لا يمكنها قبول أن تكون  مقرا لحماس، وحتى طالبان رغم رشاوي المدح السياسي التي قدمها بعض من قيادات حماس لها، وصل لاعتبارها حركة تحرر وطني.

وأن كان تنازل حماس السياسي الكبير لقطر، له "ذريعة ما"، ثمنا لمكان، لكن ما هو السبب لصمت رئاسة السلطة الفلسطينية على قبول تلك الإهانة السياسية، وتمريرها كما فرضت دولة قطر، دون أن يخرج من بينها من يعترض بأدب، او أن يوضح الحقيقة لأهل فلسطين، خاصة وأنهم كثيري الكلام عن "الاستقلالية"، ما هو "السر الخاص"، الذي يجبرهم قبول شروط كلها إهانة لهم أولا، وللشعب الذي يدعون تمثيله ثانيا.

تمرير المنحة القطرية بشروطها وآليتها الجديدة يمثل خنجرا ساما للوطنية الفلسطينية، والصمت تحت ذريعة "الحاجة الإنسانية" مشاركة عملية لخدمة رؤية دولة الكيان، والتي ستبدأ منها رسم خريطة طريق أساسها تحويل المسار من سياسي وطني الى مسار انساني يرتبط بتحسين مستوى المعيشة.

لو أن السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس خرج من "طوق الحقد السياسي"، وأعاد الاعتبار للعلاقة مع قطاع غزة، وأوقف كل مظاهر الحصار التي فرضها، دون أن يمس مصالح حماس، ويعيد الحقوق لموظفين انتموا لقضية وليس لفرد، لأمكن أن يكسر "خنجر السم" (المنحة القطرية)، الذي ينهش في جسد الوطنية، استمرار قراره بحصار القطاع هو الوجه الآخر لهدف تلك المنحة نحو خدمة مشروع الكيان الحديث.

كان يمكن للقوي التي خرجت رفضا للقمع والحريات، ان تعزز موقفها ببعد سياسي وطني رفضا لاستغلال الحاجة الإنسانية لفرض حاجة سياسية مناهضة لفلسطين وطنا وقضية وشعب.

الهروب من مواجهة جوهر المعركة الى طرفها ليس سوى تعبير عن عجز شامل في مكونات الحالة الفلسطينية القائمة، ما يمهد الطريق لتمرير "البديل" الذي بدأ يطل استعدادا للحظة زمنية سياسية لم تعد بعيدة.

ملاحظة: تصاب بغثيان غريب كلما تقرأ لبعض أنصار المقاطعة كلاما شاكيا تصريحات قادة الكيان التي تذلهم بدونية مطلقة...فيما تصيبهم "نخوة" نادرة انتقاما من كل رافض لخنوعهم..."مرجلة الجبان" معرة!

تنويه خاص: حملة "تطعيمك أمانة" في قطاع غزة فعل يستحق التقدير والمساندة شو ما كان عليها من ملاحظات..حسنوا الشي عبر الدعم والتطوير مش "النق والبرم" المحبط..شوية إيجابية تحاصر ضرر الفايروس!

اخر الأخبار