نظمها "مسارات" بالشراكة مع "فريدريش إيبرت"

ورشة عمل لمناقشة التحديات والفرص التي تواجه القضية الفلسطينية

تابعنا على:   21:33 2021-08-06

أمد/ غزة: ناقش مشاركون في ورشة عصف حول هبة القدس والعدوان على قطاع غزة، التحديات والفرص التي تواجه القضية الفلسطينية ما بعد معركة القدس، إذ تباينت الآراء بين من يرى بأن التطورات الأخيرة حملت إنجازات لصالح القضية الفلسطينية، ويمكن المراكمة عليها، وبين من يشكك في إمكانية تحقيق إنجازات سياسية في ظل استمرار الانقسام وتباين برامج طرفي الانقسام وأولوياتهما.

وأشار مشاركون إلى أن القيادة الفلسطينية لم توفر غطاء سياسيًا لهبة القدس، ولم تقم بدورها كقيادة لنضال الشعب الفلسطيني في مواجهة السياسات والإجراءات الإسرائيلية التي تستهدف الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، فيما قال البعض الآخر أن حركة حماس بالغت في تقدير نتائج الحرب الأخيرة على غزة، وطرحت رؤية تستهدف تغيير قواعد اللعبة داخل النظام السياسي الفلسطيني، في حين أن موازين القوى المحلية والوضعين الإقليمي والدولي لا يسمح بهذا التغيير. 

ودعوا إلى إنهاء الانقسام واستعادة وحدة مؤسسات النظام السياسي على أسس الشراكة الوطنية، وتجديد شرعيتها عبر انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة، ولكن هذا الأمر من الصعب أن يتحقق من دون بلورة رؤية وطنية وأدوات للتحرك الشعبي للضغط على أطراف الانقسام لاحترام الإرادة الشعبية، وهنا تكمن أهمية دور الشباب الذين يعول عليهم للقيام بدور محوري في عملية التغيير الديمقراطي.

جاء ذلك خلال ورشة نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) بالشراكة مع مؤسسة "فريدريش إيبرت"، بمشاركة أكثر من 70 مشاركًا، من الأكاديميين والباحثين والنشطاء، غالبيتهم من الشباب، من مختلف التجمعات الفلسطينية، وذلك في قاعة نيو لفل بغزة، وعبر تقنية زووم.

وافتتح هذه الورشة كل من د. عماد أبو رحمة، منسق المشروع والمستشار في مركز مسارات، ود. أسامة عنتر، مدير البرامج في مؤسسة فريدريش إيبرت في قطاع غزة، وتحدّث فيها كل من د. خالد صافي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، ود. عدنان أبو عامر، أستاذ العلوم السياسية، وهاني المصري، الكاتب والمحلل السياسي.

وقال أبو رحمة، إن هذه الورشة تأتي في إطار مشروع "مستقبل القضية الفلسطينية في ضوء التطورات المحلية والإقليمية والدولية"، الذي ينفذه مركز مسارات بالشراكة مع مؤسسة "فريدريش إيبرت"، بهدف توفير بيئة حوار ديمقراطي بين الشباب ونخبة من الخبراء والمسؤولين، وإتاحة المجال للشباب للتعبير عن أفكارهم، وبلورة رؤية وطنية شبابية إزاء التطورات على الساحة الفلسطينية وتفاعلاتها الإقليمية، وسبل الخروج من المأزق الراهن. 

كما عبر عن سعادته بالشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت، خاصة أن التعاون الأول يتعلق بالشباب الفلسطيني الذي يعول عليه بلعب دور رئيسي في عملية التغيير المنشود.

من جانبه، عبر عنتر عن سعادته بالتعاون مع مركز مسارات، الذي يحظى بتقدير عالً من قبل الباحثين والكتاب في المجتمع الفلسطيني، مضيفًا أن هذا البرنامج هو الأول من نوعه مع مركز مسارات، ويستهدف الشباب أساسًا إلى جانب الخبراء، ولا يستهدف فقط تحليل التطورات الأخيرة على الساحة الفلسطينية، بل يطرح أسئلة حول المستقبل، وكيفية الخروج من المأزق الراهن، والانتقال إلى مستوى رد الفعل على الأحداث والتطورات إلى مستوى التأثير على صناعة السياسات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.

وأشار إلى أنه يمكن للشباب لعب دور أساسي في عملية صنع التغيير، فهم لديهم القدرة على تقديم رؤى عملية جديدة وأفكار إبداعية للتغيير وتجاوز الوضع الراهن.

وقدّم صافي مداخلة في هذه الورشة، بدأها بالحديث عن وجود مشكلة في الخطاب الرسمي والفصائلي، داعيًا إلى ضرورة بلورة رؤية نقدية جديدة للتعامل مع الوضع القائم، ومشيرًا إلى أن "حركة حماس ربطت المواجهة الأخيرة بعنوان وطني (مدينة القدس) وليس بقضايا معيشية تتعلق بقطاع غزة، ولكن الإجراءات الإسرائيلية في القدس لم تتوقف، وعاد الحديث مجددًا حول الدمار الذي خلفته الحرب، وإعادة الاعمار، والمنحة القطرية، وبدا وكأن المطلب الرئيسي هو عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل بدء الحرب".

وأوضح أن الطرف الإسرائيلي هو المستفيد الأكبر من هذا الوضع، لأنه يتيح له تكريس انفصال قطاع غزة من خلال إستراتيجية إدارة الصراع التي تسمح له بمعالجة قضايا قطاع غزة بمعزل عن الضفة الغربية والقدس، مشيرًا إلى أن "المشكلة تتمثل في تعدد الإستراتيجيات، فالمفاوضات مفصولة عن المقاومة، تمامًا كما أن فكرة المقاومة مفصولة عن البرنامج السياسي، لذلك يجب تصويب هذا الخطأ من خلال بلورة رؤية مشتركة تقوم على إنهاء الانقسام والتوافق على برنامج سياسي مشترك، وربط المقاومة بأشكالها المختلفة بالبرنامج السياسي بحيث يكون القرار بشأنها قرارًا وطنيًا وليس فصائليًا"، ومؤكدًا أهمية "دعم المقاومة الشعبية لمواجهة المخطط الاستيطاني الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية إلى جانب أشكال المواجهة الأخرى، القانونية والديبلوماسية والإعلامية".

من جهته، أكد أبو عامر الحاجة إلى "قراءة نقدية وموضوعية للتطورات والأحداث الأخيرة، بعيدًا عن الرفض المطلق أو التأييد الكامل، خاصة أن عنوان المواجهة مع الاحتلال كان القدس، إضافة إلى مشاركة الفلسطينيين من كل تجمعاتهم في هبة القدس، فهذا يحمل دلالات كبيرة لها صلة بتعريف الفلسطينيين لأنفسهم (هويتهم الجماعية) ومشروعهم الوطني المختلف عن المشروع السياسي للقيادة الفلسطينية".

وتساءل عن سبب إخفاق القيادة الفلسطينية في استثمار ما جرى سياسيًا على الرغم من أن القضية الفلسطينية أصبحت في بؤرة الاهتمام الدولي، وتلقي الرئيس محمود عباس اتصالات من الرئيس الأميركي وغيره من الزعماء؟ مجيبًا بأن أن السبب هو استمرار الانقسام، وعدم قدرة القيادة على التفكير في خيارات بديلة لخيار المفاوضات، الذي وصل إلى طريق مسدود، وهو ما حال دون التوافق على صيغة لتوحيد مؤسسات النظام السياسي بناء على رؤية سياسية مشتركة، وظهر ذلك في حوار القاهرة الذي تم تأجيله.

وأوضح أن الظروف الصعبة التي نعيشها تتطلب بحث كافة الملفات، وبلورة رؤية مشتركة تشمل الوحدة الوطنية والشراكة في اطار المنظمة، والانتخابات، وإعادة الاعمار، والحكومة وغيرها. 

بدوره، قال المصري إن المشكلة تكمن في المغالاة الشديدة من قبل طرف ومحاولة استثمار ما جرى فصائليًا، من خلال طرح فكرة تشكيل مجلس وطني انتقالي وقيادة مؤقتة للمنظمة من دون ذكر الانتخابات، مقابل تصرف الطرف الآخر وكأن شيئًا لم يكن، وأصبح في حالة خوف من أن يتم استبدال قيادته، وطرح تشكيل حكومة من دون مراعاة التغيرات التي طرأت.

وطرح المصري حلًا لهذه الأزمة من خلال الشراكة الكاملة على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، والعمل على إنهاء الانقسام على أساس الشراكة الكاملة، وتبني إستراتيجية جديدة لا تستبعد مقاومة الاحتلال، ولا أشكال العمل الأخرى، السياسية والديبلوماسية، والمقاومة الشعبية، والمقاطعة.

وشدد المصري على أن الانتخابات الديمقراطية يجب أن تشكل الأساس، سواء تعلق الأمر بالسلطة والمنظمة، مشيرًا الى أن سبب فشل إجراء الانتخابات وتأجيلها هو الاتفاق الثنائي بين حماس وفتح على خوضها بقائمة مشتركة بحيث تكون نتائجها مضمونة للطرفين، وأن إلغاء الانتخابات جاء بعد فشل الأساس الذي بنيت عليه، إضافة إلى ممانعة إسرائيل وأطراف إقليمية ودولية لإجرائها خوًفا من التغيير.

اخر الأخبار