نبض الحياة..

جرائم حرب يوثقها جنود

تابعنا على:   07:41 2021-08-02

عمر حلمي الغول

أمد/ تاريخ دولة الإستعمار الإسرائيلية، هو تاريخ اسود مليء بجرائم الحرب والمجازر ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني.

وكل المذابح والإنتهاكات، التي إرتكبها الجنود والضباط وقطعان المستعمرين منذ وجود اول مستعمرة صهيونية في فلسطين التاريخية حتى اليوم تمت بدعم واضح من قبل قيادات الحركة الصهيونية قبل إقامة الدولة الإستعمارية عام النكبة 1948 وبعده، وحتى الآن تتواصل تلك الجرائم بدعم واضح من الحكومات الإسرائيلية بمختلف مكوناتها الإئتلافية أو الحزبية. وكان دور ما يسمى بحكومات "اليسار الصهيوني" أكبر واكثر بشاعة ووحشية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، قام 100 مجند اسرائيلي مؤخرا بنشر عريضة إحتجاجية بتمويلهم الخاص في جريدة "يديعوت احرونوت"، طالبوا فيها كل من وزير الحرب، بيني غانتش، ووزير الأمن الداخلي، عومر بارليف للتدخل لوقف جرائم قطعان المستعمرين ضد الفلسطينيين. وأكد المجندون في عريضتهم، ان الحكومة الإسرائيلية تدعم وتغطي جرائم وإنتهاكات المستعمرين.

وعلى اثر نشر العريضة، قام الصحفي والعقيد السابق في الجيش الإسرائيلي، شاؤول ارييلي المؤيد للسلام، بكتابة مقال تأييدا للجنود في صحيفة "هآرتس" يوم الجمعة الماضي 30/7/2021 بعنوان "من يوقف عنف المستوطنين" مستفيدا من تقارير منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية المدافعة عن حقوق الفلسطينيين، وتقارير منظمة "لنكسر الصمت" للمجندين، الذين يرفضون جرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين وضد الجيش الإسرائيلي نفسه، الذي يقوم بحمايتهم، والتغطية على انتهاكاتهم بأوامر من قياداتهم العسكرية. وضمن ارييلي مقالته الواسعة كما كبيرا من الوثائق عن جرائم المنظمات الإرهابية الصهيونية قبل نكبة الفلسطينيين في عام 1948، وبعدها، ودور اول حكومة إسرائيلية بقيادة ديفيد بن غوريون في دعم نهج السلوك والممارسات الإجرامية ضد ابناء الشعب الفلسطيني.

ومما عرضه شاؤول، ان منظمة "بتسيلم" وثقت وحدها منذ النصف الأول من عام 2021 (162) حادثة عنف. وتعد هذة زيادة كبيرة ومستمرة مقارنة بعام 2020 عندما وثقت "بتسيلم" 122 حادثة عنف. وهذة ليست كل الجرائم المعروفة المرتكبة من قبل جيش الموت والأجهزة الأمنية الإجرامية بما في ذلك الشرطة وحرس الحدود ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني. كما ان هذة الجرائم تنحصر في الضفة الفلسطينية، ويستثنى منها الحصار الظالم والحروب على محافظات الجنوب الفلسطينية، ولا تطال الجرائم التي ترتكب ضد الجماهير في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة،  بمعنى آخر، هي جزء يسير من سلسلة طويلة ومتفاقمة من جرائم الحرب والعنف المنفلت من عقال المستعمرين الصهاينة والحكومات الاسرائيلية المتعاقبة.

ويشير العقيد السابق، الصحفي الحالي ورجل السلام في مقالته، ان زميله يانيف كوبوفيتز نشر في مقال في "هآرتس" في العاشر من يناير 2021، أن "البيانات من مؤسسة الدفاع تظهر انه في عام 2020 تم الإبلاغ عن حوالي 370 حادثة عنف من قبل إسرائيليين في الصفة الفلسطينية، وأكثر من 10% منها – حوالي 42 حالة – موجهة للشرطة والجنود الإسرائيليين. تم الإبلاغ عن 206 حالة من اصل ال370 حالة عنف كجرائم قومية ..؛ وتم الإبلاغ عن حوالي 120 حالة على انها عنف جسدي ضد الفلسطينيين، والبقية تم تصنيفها على انها هجمات من قبل قوات الأمن." وهو ما يكشف المنهجية الإستعمارية الصهيونية في التغطية على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني.

وتعميقا لسياسة التكامل بين قطعان المستعمرين والحكومات والاجهزة الأمنية والقضاء الإسرائيلي، يقول شاؤول "في العقد الماضي، تذكرنا سياسة الصمم، التي تنتجهها الحكومة الإسرائيلية بعدم "كفاءة الحكومات الإسرائيلية بعد قيام الدولة". للاسف استخدم الصحفي الإسرائيلي تعبيرا غير موفق (او قد تكون الترجمة غير دقيقة)، ولا ينم عن حقيقة مواقف الحكومات الإسرائيلية. لإن المسألة لا تتعلق بالكفاءة من عدمها، المسألة تتعلق بنهج وسياسة عنصرية تعمدت في مدرسة الكراهية والفاشية الصهيونية، وفي رياض الاطفال والمدارس الإبتدائية والإعدادية والثانوية وكل مناهج التعليم الصهيونية القائمة على قتل الأغيار الفلسطينيين العرب، واستباحة مصالحهم وحقوقهم جميعها. المهم نتابع مع شاؤول، فيقول "وبحسب ييش دين، إن 91% من التحقيقات في الجرائم القومية ضد الفلسطينيين في 2014 / 2019 اغلقت دون توجيه اتهام. و82% من ملفات التحقيق في الجرائم القومية ضد الفلسطينيين في الاعوام 2005/ 2019 أغلقت بسبب فشل الشرطة" في تحديد طبيعة الجريمة ومن ارتكبها، فضاعت الطاسة عن سابق عمد واصرار للالتفاف على القضايا المرفوعة. واضاف  من بين 1252 قضية تحقيق تم التعامل معها بين عامي 2005 و2019، انتهت إلى 100 قضية فقط باصدار لائحة اتهام. وتم اغلاق 736 قضية على اساس "جنائية غير معروفة" ( تم إغلاق 64% من جميع القضايا). باختصار تم التكامل بين مكونات السلطات الإستعمارية التنفيذية والتشريعية والقضائية لإغلاق ملفات القضايا، وتبرئة ساحة مجرمي الحرب من مختلف الأدوات والعناوين الصهيونية.

إذا العريضة الجديدة لل100 جندي إسرائيلي تمثل اضافة كمية لما تم نشره من وثائق كشفتها المؤسسات الصهيونية المختلفة نفسها منذ نشوء وتأسيس الدولة الإستعمارية عام 1948، ولكن قيمتها انها تقدم دليلا إضافيا لقيادات واقطاب العالم اجمع، ان دولة إسرائيل المارقة، ليست سوى دولة منتجة للارهاب، ودولة تطهير عرقي، ودولة موت للسلام والتعايش، ولا يمكن ان تواصل الحياة دون إرتكاب جرائم حرب ومذابح ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين التاريخية من البحر للنهر. وهو ما يملي على العالم التوقف مرة واحدة بمسؤولية سياسية واخلاقية وقانونية امام إنتهاكات دولة المشروع الصهيوني الكولونيالية، وتحميلها بشكل قاطع وحاسم المسؤولية عن سلسلة تلك الجرائم، وتقديم قياداتها السياسية والعسكرية والقضائية على حد سواء امام محكمة الجنايات الدولية كمجرمي حرب، وفرض العقوبات المختلفة عليها للالتزام باستحقاقات السلام. وقبل هذا وذاك على القيادة الفلسطينية تفعيل وتطوير المقاومة الشعبية بشكل منهجي وواسع وشامل بحيث يطال كل قرية ومدينة وخربة ومخيم، وتكريس الوحدة الوطنية وكسر ادوات الإنقلاب الأسود في قطاع غزة بكل الوسائل المتاحة لتعزيز عملية الصمود والتحدي والمواجهة مع دولة الإستعمار الإسرائيلية.

كلمات دلالية

اخر الأخبار