الفضيحة ليست بيغاسوس .. وإنّما على من يتنصت بيغاسوس!!

تابعنا على:   16:50 2021-08-01

د. أماني القرم

أمد/  

ما يزال زلزال فضيحة برنامج بيغاسوس التجسسي المملوك للشركة الاسرائيلية (NSO )  يضرب بتردداته أوساط النخبة العالمية، ليس بسبب تعديه على الديمقراطية وحقوق الانسان واختراق هواتف المعارضين والنشطاء السياسيين والصحفيين،  فهذا أمر ليس بجديد على حكومات الدول دون استثناء في إطار التبريرات المطاطة للحفاظ على الأمن القومي ومكافحة "الارهاب"، بل بسبب حجم الاسماء النافذة المستهدفة هواتفها بالاختراق والتي اشتملت عليها القائمة المسرّبة ولا أعني هنا الحجم الكمي رغم سعته وإنّما الكيفي أي ثقل الأشخاص المخترقين : رجال أعمال / زعماء دول/ أمراء وزوجات أمراء / أفراد أسر حاكمة / مسئولو منظمات عالمية.. ويعلم الله ما الذي تحتوي عليه هواتفهم، وكيف يتم استخدام المعلومات التي يحصل عليها عملاء البرنامج العبقري مقابل ابتزاز الهاتف المخترق. وطبعا كلمّا علا شأن الشخص كلّما زادت حساسية وقيمة المعلومة !! ولهذا كان الزلزال مدوياًّ..

الرد الاسرائيلي جاء سريعا لاحتواء الغضب النخبوي العالمي. والمعلن عنه أنّ بيني جانتس سارع للطيران لفرنسا ليسكت صراخ ماكرون الذي ورد اسمه في قائمة المخترقين حاملاً معه الملف بالكامل ومحاولاً طمأنته ولململة أية تداعيات دبلوماسية سلبية على العلاقات الودية بين فرنسا واسرائيل .. المضحك ضمن التبريرات الاسرائيلية التي سيقت حول البرنامج أنه قد صمّم لملاحقة المجرمين والارهابيين وأن الحكومات عملاء شركة (NSO  ) يتم فحصهم !!

وهنا ينتاب المرء حيرة حول ماهية المعايير التي تتبعها اسرائيل في فحص عملائها من الحكومات والكيانات وطريقة قياس عدالتهم وديمقراطيتهم. مع العلم أن معظمهم من العالم الثالث الذي تتهمه اسرائيل دوما وأبدا بأنه عالم متخلف وديكتاتوري.. كما كيف يمكن أن تحدد اسرائيل من هو الارهابي والمهدد للأمن بالنسبة لهذه الدول!! هذا عذر أقبح وأوقح من الذنب لأن اسرائيل الاحتلالية ليست معيار الفصل بين الصالح والطالح في العالم ! والحقيقة أن اسرائيل ببساطة لا تهتم بمن هو العميل، وتاريخها أسود وطويل في القرصنة ومبيعات السلاح وأجهزة وبرامج التجسس لدعم الانظمة الديكتاتورية وحتى الأنظمة التي تعلن أنها تناصبها العداء :  كونترا جيت / الفصل العنصري في جنوب افريقيا/  روندا / البوسنة خلال الابادة الجماعية / التطهير العرقي في جنوب السودان، والقائمة تطول ..

وتعد إسرائيل مصدر رئيسي لادوات وبرامج التجسس لجميع دول العالم، ولها اليد الطولى عالميا في تطوير برامج مشابهة لبيغاسوس. ويرتكز حوالي 17% من ناتجها الاجمالي السنوي  على تصدير خدمات ومنتجات قطاع التكنولوجيا الفائقة أو الهايك تك. وهذا القطاع هو الأكثر والأسرع نموا في حقول الاقتصاد الاسرائيلي ، فرغم جائحة كورونا التي اجتاحت العالم وأثرت على الاقتصادات العالمية سلبا ، إلا ان قطاع الهاي تك في اسرائيل حقق قفزة هائلة حيث ارتفعت مبيعاته عالميا من 30 مليار دولار عام 2019  الى 35 مليار دولار عام 2020. كما حقق نسبة زيادة تصل الى 24% في هذا العام 2021 مقارنة بالربع الأول منه!  

لا عجب أن مؤسسي شركة NSO  أعضاء سابقون في وحدة الاستخبارات الاسرائيلية المعروفة باسم (8200) العمود الفقري لتقنيات التجسس في العالم والمسئولة عن جمع المعلومات والأمن السيبراني وتعتبر من أقوى وحدات الاستخبارات الاسرائيلية التي يمكنها اختراق قواعد بيانات الدول.  بيغاسوس ليس الأول ولا الأخير والفضيحة أنها كشفت على من يتنصت !..  

كلمات دلالية

اخر الأخبار