بين الظاهرة الترامبية وسياسات بايدن الدولية

تابعنا على:   14:47 2021-07-25

محمد جبر الريفي

أمد/  بهزيمة دونالد ترامب الأصولي المسيحي وبوصول جو بايدن إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية لم تتغير كثيرا مجريات السياسة الخارجية الأمريكية فما زالت الظاهرة الترامبية التي عرفت في مراكز الأبحاث والدراسات السياسية وكذلك في أجهزة الإعلام الدولية لها تاثيرها في توجهات السياسية القومية الأمريكية

حيث كان ترامب قد انطلق في سياساته الخارجية من عنصرين شكلا تغييرا في النهج النمطي التي درجت عليه السياسة الأمريكية التقليدية في عهد رؤساء الولايات المتحدة السابقين أولهما : العنصر القومي في اعتماد الخطاب السياسي الخارجي على شعار( امريكا أولا) وبذلك استعر الخلاف على أشده بين سياسات الولايات المتحدة مع سياسات دول خارج منظومة الدول الغربية ورثت دول المعسكر الاشتراكي في موقف العداء لواشنطن مما يعيد إلى الأذهان حالة الحرب الباردة التي كانت مستعرة بين الاتحاد السوفييتي السابق وحلفائه في دول المعسكر الاشتراكي المنهار من جانب والولايات المتحدة الأمريكية زعيمة المعسكر الرأسمالي الامبريالي

من جانب آخر وتلك هي العلاقة السائدة التي ما زالت سائدة الان بدون تغيير في عهد الرئيس الحالي بايدن بين الولايات المتحدة وكل من روسيا والصين وكوريا الشمالية ..أما فيما يخص العلاقة الأمريكية مع الأصدقاء فإن شعار امريكا أولا فلم يطرأ عليه هو الآخر اي تغيير بوصول بايدن من الحزب الديمقراطي إلى سدة الحكم ذلك أن من شأن هذا الشعار أن يبرز التعارض ضمن دول المعسكر الرأسمالي بسبب تباين المصالح الاقتصادية بين واشنطن وبين دول الاتحاد الأوربي بشكل خاص هذا التعارض الذي يترجم إلى مواقف سياسية متعارضة ايضا إزاء القضايا والأزمات السياسية الدولية مثل الخلاف الحاصل بين الموقفين الأمريكي والاوروبي حول التسوية السياسية للقضية الفلسطينية

فبينما لم تتخذ إدارة بايدن اي خطوة سياسية هامة تدلل على التخلي على ما تعرف بصفقة القرن الترامبية كمشروع تسووي يتوافق تماما مع الرواية إليهودية نجد أن دول الاتحاد الأوروبي مازالت تؤكد تمسكها بمشروع حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي ...في إطار التأكيد على العنصر القومي ( امريكا أولا ) الذي اعتمده الرئيس السابق ترامب في سياسته الخارجية حيث تزداد شهوة النهب الأمريكي الامبريالي لدول الخليج العربي وبذلك تصبح أموال النفط في مقابل حماية أنظمة الاستبداد الخليجية الوراثية

نجد أن السياسة الأمريكية في عهد بايدن تتوجه أيضا وبشكل متسارع إلى تعميق أكثر في شكل علاقات التبعية. مع الدول السائرة في فلكها كدول الخليج العربية خوفا من تمدد نفوذ الجار الايراني الذي يسعى للحصول على القوة. النووية. وكذلك غيرها من دول أمريكا اللاتينيه خاصة كوبا الذي وعد بايدن في حملته الانتخابية برفع الإجراءات التي فرضها ترامب ولكن ذلك لم..يحدث بعذ ست أشهر من دخوله البيت الأبيض ..

هكذا بقت بعض عناصر الظاهرة الترامية تؤثر في توجهات السياسة الخارجية في عهد بايدن وذلك باستثناء العنصر الديني حيث انتماء الرئيس السابق ترامب لتيار الأصولية المسيحية الذي تربطه علاقة التحالف مع تيار الأصولية اليهودية وكلاهما يستمدان مواقفما السياسية اعتمادا بشكل اساسي على الوسط البروستانتي وهو المذهب المسيحي الغالب بين سكان الولايات المتحدة وهذا التحالف بين الأصولية المسيحية والأصولية اليهودية هو الذي كان وراء أعتقاد ترامب بالرواية اليهودية فيما يتصل بالصراع العربي الصهيوني

وقد تم ترجمة ذلك عمليا في الموقف من قضبيتي القدس واللاجئبن حيث تم الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان ونقل السفارة الأمريكية اليها وقطع أو تقليص حصة المساعدات المالية المقدمة إلى وكالة الاونورا في محاولة لشطب حق العودة من أي تسوية سياسية تصفوية قادمة .....لقد كان من المؤمل بمغادرة ترامب للبيت الأبيض ومجي إدارة جديدة من الحزب الديموقراطي وهو بخلاف الحزب الجمهوري فيما يتعلق بالوضع الداخلي الذي يوليه الديموقراطيون

اهتماما أكبر من الجمهوريين الذين يعملون في فترة حكمهم إشعال الأزمات وشن الحروب وقمع الأقليات لذلك نجد بايدن يقرر بسحب ما تبقى من القوات الأمريكية من أفغانستان وكذلك من العراق ...

لقد كان من المومل أن تختفي الظاهرة الترامبية بغياب صاحبها عن المسرح السياسي غير أن بعض عناصرها بقت فاعلة في السياسة الخارجية الأمريكية وذلك بسبب ان عنوانها الرئيسي هو تأكيد الهيمنة الأمريكية على المستوى الدولي وقطع الطريق على بروز اقطاب جدد في السياسة الدولية خاصة روسيا والصين الذي يتمدد نفوذها الاقتصادي والتجاري في قارتي أفريقيا وأمريكا اللاتينية وذلك في وقت لا تبذل واشنطن جهدا سياسيا عادلا لوضع حد للأزمات الإقليمية والدولية التي تعكر حالة السلام والاستقرار الدوليين ..

كلمات دلالية

اخر الأخبار