تركيا : أردوغان بين حسابات الحقل والبيدر..!؟

تابعنا على:   20:45 2013-11-08

باقر الفضلي

من العجب أن تهبط مستويات العلاقات بين الدول الى هذا الحد الذي يتجاوز فيه التصرف حدود اللياقة الدبلوماسية، ويتجاوز المألوف ليخرق السنن المتعارف عليها في التعامل بين دول الجوار، ليبدو في مضمونه وفي شكله، مجرد تصرف قد غلبت عليه حالة من الإنفعالية ومن فقدان الحكمة والتعقل، بما يظهره أحيانا، وكأنه يضمر عدائية غير محمودة العواقب، أو أنها لا تمت الى رؤية ثاقبة لما ستكون عليه ردود الفعل وتداعيات مثل ذلك التصرف على الطرف المقابل، والأمر الذي يفوق المعقول، حينما يتسم مثل ذلك التصرف بحالة من الإستفزاز والتحدي..!؟؟
فاليد التي يلوح بها السيد أوردغان أمام أعضاء حزبه (العدالة والتنمية) في مؤتمرهم الحادي وعشرين يوم الأحد الماضي، فيها من الدلالات ومن المغزى الكثير، ما يوحي للتدليل على مدى شدة الحنق والكراهية اللَّذين يكنهما السيد أوردغان للمتغيرات الموضوعية التي إجترحها الشعب المصري في هبة الثلاثين من حزيران/2013 المليونية، فبالتلويح المذكور، ومن واقع الحال، ومما نضح من تصريحات السيد أوردغان عن الأحداث المصرية المذكورة، والتي إعتبرتها الخارجية المصرية ب" المعادية "، وما كان قد إختزله في كلمته خلال الاجتماع الختامي للمؤتمر المذكور؛ بأن [[ إشارة "رابعة"، التي يرفعها أنصار الرئيس "المعزول"، محمد مرسي، "ليست رمزا للقضية العادلة للشعب المصري فقط، بل أصبحت علامة تندد بالظلم والاضطهاد في كافة أنحاء العالم."
كل ذلك، إنما يدلل على عمق خيبة الأمل التي "وكما يبدو" ، قد إعتصرت فؤاد صاحبها لدرجة جعلته يتبنى رمزاً له من الدلالات المعاكسة بالنسبة للشعب المصري، ما عصف ليس بالصورة التي يحاول السيد أوردغان رسمها وإضفائها على الإشارة المذكورة، بل وعصف حتى بزمن، كان يتمناه السيد أوردغان وكل من راهن عليه من الآخرين، حيث نادراً ما تطابقت يوماً، حسابات الحقل مع حسابات البيدر، وقلما جرت الرياح بما تشتهي السفن، الأمر الذي أفزع كل من وضع أوراقه في سلة أصحاب " رابعة "، لدرجة أفقد الكثير منهم الحكمة والإتزان، بل وأجبر البعض منهم على إعادة حساباته وإعادة ترتيب أوراقه، تحسباً لما قد تخفيه الأيام..!؟
فقد تمكن الشعب المصري، وبثقة عالية، البدء بإعادة رسم خارطة المستقبل لثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/2011، وبأن يثبت للعالم ولكل الذين راهنوا ومنهم السيد أوردغان على مستقبل رسموه في مخيلتهم، بأن هذا الشعب وحده، هو القادر على تخطيط ورسم مستقبله دون تدخل الآخرين، وإن له من الإمكانات والإرادة الصلبة، ما جعله يتقدم خطوات محسوبة الى الأمام في الطريق الصحيح، ناهيك أنها خطوات جديرة بالإحترام والتثمين؛ مثبتاً بذلك، بأنه ليس أقل مراساً في الشدائد، ولن تفت في عضده أهوال السنين؛ وبأن له في تأريخه القريب أو البعيد، ما يكفيه من شواهد وأمثال؛ وليس أدل على تلك الحقيقة، أصدق من كلمات الشاعر المصري الشهير المرحوم حافظ إبراهيم..!
هذا وفي الوقت الذي إستعاد فيه الشعب المصري في الثلاثين من حزيران/2013 المبادرة، فإنه وفي جميع الأحوال، وفي الواقع المنظور، صاحب ومصدر (الشرعية) بجميع أنواعها، بما فيها (الشرعية الدستورية)، وهو نفسه من يمتلك حق سحب تلك الشرعية، إذا ما تحولت تلك الشرعية بيد من منحت اليه، الى وسيلة للإستبداد وطريقاً لإنعدام العدالة وحافزاً للظلم وجور الحاكم، الأمر الذي جرى توضيحه في وقته المناسب في مقالة خاصة..!؟

اخر الأخبار