علاء الريماوي والكلمة

تابعنا على:   08:05 2021-07-07

أمد/ الأخ علاء الريماوي من الصحفيين الوطنيين الملتزمين، ولا يعيبه أو يعيبنا مطلقًا أن يكون له من الرأي ما نختلف به معه، سواء في أجزاء منه، أو بصيغته الايديولوجية. رغم أن البعض يتخذ المنصة احيانًا استجابة لدعوات حزبية تمارس المختلِف في جغرافيا فلسطينية مغايرة.
الاخ علاء الريماوي له من حق الكلام والحديث والتظاهر، وقول ما يريد بأدب اللفظ الذي اشتهر به، وهو أساس فن الحوار والاختلاف بيننا جميعًا، كما لنا ذات الحق تمامًا وكل الشعب الفلسطيني. ولا ينتقص من هذا الحق الأصيل أن في الحكومة، أو بعض قيادات السلطة الوطنية، أو سلطة الأمر الواقع في غزة لا يعجبها ذلك، فتبادل الحرية بالهراوة والقمع المرفوضين.
حق رفع الصوت عاليًا يجب أن نتكاتف للحفاظ عليه، بغض النظر عما يجول في نفس البعض من أسباب قد تدفعهم لتقييد هذا الحق! تحت مسببات الوحدة الوطنية أو الحفاظ على النسيج الوطني، وذلك حين النظر لحجم الأفعال المأجورة، والشتائم القبيحة من البعض أو حين النظر للاستغلال البشع للقلّة المتأسرلة التي تترقب اللحظة لتدمير الكلّ الوطني.
إن حرية الرأي وفق القانون مكفولة، وهي تنظم أيضًا وفق القانون، ولا يجوز لأي جهة أن تقيد حرية الرأي تعديًا على القانون.
من المشاهدات المسيئة في الأيام الماضية هو استخدام هراوة الأمن الثقيلة، وتكسيرآلات التصوير، والتعدي على المواطنين....الخ، وكأننا نكرس أنفسنا مشروع دولة استبدادية عالمثالثية.
ومن المشاهدات المسيئة أيضًا أن القليل (آمل ذلك) ذو العقل التخريبي أو العبثي قد استغل حق التعبير بتعديه على أفراد الأجهزة الامنية الفلسطينية ما لا نقبله بتاتًا، فمَن في هذا الشعب يقبل تقبيح الأمهات؟ ومن يقبل الألفاظ الخارجة عن الدين والأدب! وكيف لك أن تكبح جماح من شتمت أمه بأقذع الألفاظ (والمفروض أن يكبح)، إنها ثقافة لاديمقراطية (الديمقراطية لا تعني حرية الضرب، أو حرية الشتم) تستغل فسحة الحركة أو التظاهر لحرف الديمقراطية الى شتائمية وتحقيرية وتحريضية، بل وتحريفية عن الهدف الأصل.
في التنظير المقبول أن الأصل في شعب تحت الاحتلال أن يتكاتف ضد العدو المركزي والتناقض الرئيس وهو الاحتلال الصهيوني، وقد أبدعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح وعدد من الفصائل في إثبات ذلك هذه الأيام المرتبكة، حين اختفت رؤوس اخرى ادعت المقاومة الشعبية ولم تمارسها! وانتقلت من مربع المقاومة النظرية للاحتلال الى المقاومة الفعلية لأخوتنا في الأجهزة الامنية!
بلا أدنى شك أن الاستخدام العنيف، أو المفرط للقوة من قبل أي فرد أو جماعة ضمن أي جهاز أمني هو مما يخلّ بقاعدة الحرية وقاعدة الديمقراطية التي نفترض أننا نفاخر فيها أمام العديد من دول المحيط، لذا فلن نكون مطلقًا مع أي تقييد للحريات، ولن نفهمها الا في ضوء آليات تطبيق القانون. (الأجهزة الامنية الفلسطينية تدرّس وثيقة: مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين الصادرة عن الأمم المتحدة)
في التنظير المقبول تنعقد دومًا المقارنات مع حكم الانقلاب "الحسم العسكري" لحماس في غزة الذي لا يمر يوم ألا وهناك مَن تم تعذيبه أو سحبه أو استدعاؤه أو قتله، ولا ضجة ولا يحزنون!؟ (وفاة أو مقتل شادي نوفل في سجن "حماس" بالأمس 5/7/2021م، وقبله قتل عصام السعافين كآخر مثالين) وهذه المقارنات رغم ذلك من المتوجب ألا تتساوى مع فعل سلطة وطنية تمثل الشعب الفلسطيني باتجاه الدولة، فالفرق كبير بين حكومة أو سلطة وطنية تلتزم القانون، وبين عقلية فصيل (أو المتطرفين فيه) تحكم وتتحكم وتتجبر فلا مقارنة. ولا يجب أن نجوّز لأنفسنا استخدام مستوى من القوة (أخف!) مما تفعله سلطة الأمر الواقع في حماس، لا مقارنة.
علاء الريماوي الصديق والصحفي الفاعل، الصحفي صاحب الفكر القوي الذي يؤمن به، وإن اختلفنا معه، نموذج لحرية الرأي التي باعتقادي هو من القادرين على التعبير عنها في وجه "حماس" التي يحبها، وفي وجه السلطة الفلسطينية فهو باعتقادي يفهم أن الحرية والديمقراطية لا تتجزأ، فمن يمارسها في مواجهة السلطة أو الفصائل خارج إطاره، يمارسها أيضا في مواجهة استبداد أو انحراف تنظيمه.
لا نقبل كفلسطينيين وكثوارأحرار إلا أن تكون فلسطين هي جامعتنا، ولنا في ظل التكاتف فوق الجبال ضد المستعمر الصهيوني أن نرفع الصوت الواحد لنعود في السهول ونتناقش ونتحاور وقد يعلو صوتنا-لكن بمودة وأدب الاختلاف- وقد نتظاهر لنظهر الفروقات في البرنامج أوالأفكاروالسياسات. وهذا في أعلى الجبل غير ذاك في أسفله ولا مقارنة بين الهدف الأساس وبين القضايا الثانوية دومًا.
نعم لحرية الرأي ولعلاء الريماوي وكل اخوانه الذين أشار لهم بيان نقابة الصحفيين الفلسطينين التي آلت على نفسها الدفاع عن فكرة وحق الحرية على إطلاقها، وعليه فإن الاعتقال على خلفية المخالفة بالرأي أو على قاعدة الانتماء الحزبي أو على قاعدة رفض ممنهج لحق التظاهر مرفوض، ولا حل الا بالوحدة الوطنية من جهة وبإشاعة جو النضالية المترافقة مع الديمقراطية حيث لا انفصام، وإليه كان الأجدر بنا جميعًا بلا استثناء أن نتنافس على جبال فلسطين حيث البوصلة واضحة ومن الممكن أن يخفت صوتنا في السهول لنمرر مرحلة ما.

اخر الأخبار