مرسي.. ولويس الرابع عشر

تابعنا على:   10:09 2013-11-08

عباس الطرابيلى

كلما رأيت، أو قرأت، أن الدكتور محمد مرسي مازال يتمسك بأنه رئيس الجمهورية.. وأنه الرئيس الشرعي.. حتي أنه كرر ذلك- وهو داخل قاعة المحكمة أمس الأول- 11 مرة.. تذكرت علي الفور لويس الرابع عشر، أشهر ملوك فرنسا.. إذ كان يقول دائماً «أنا الدولة.. والدولة أنا!». ولكن شتان بين أعظم ملوك فرنسا، سليل الامبراطور شرلمان.. وبين الدكتور مرسي..
** ولويس 14 «1638-1715» حكم فرنسا لمدة 72 عاماً. وكانت بلاده في عهده تحتل المكانة الأولي بين جميع الدول الأخري في الفن والحرب والأدب وفنون البحر. وأصبح ملكاً لفرنسا عام 1643 وكان من ألقابه «الملك الشمس» ولأنه تولي الملك وهو صغير، لقبوه أحيانا الملك الطفل.. وكان خاضعاً تماماً لرئيس وزرائه الكاردينال ريشيليو ثم مازارين.. أي أنه كان يتلقي الأوامر ممن هو فوقه.. يعني من مرشده!! تماماً مثل د. محمد مرسي الذي كان يتلقي التعليمات هو أيضاً من مرشده بديع أو عاكف!! إلي أن اشتد عود الملك الطفل.. وكسب حرب الثلاثين عاما. ودخل في معارك عديدة بل واجه حرب الشوارع التي سيطرت علي باريس نفسها.. ومع البرلمان نفسه..
وبموت الكاردينال 1661 تحرر الملك من سطوة رئيس الوزراء وبدأ عصره الحقيقي إذ لم يقبل بعدها أن يشاركه أحد في السلطة.. تري هل كان د. مرسي سيسير علي نفس الدرب بعد رحيل مرشده؟!
** وأخذ لويس 14 يدير بنفسه الأمور كلها.. بل كان يرأس بنفسه اجتماعات الوزارة بعد ذلك.. وأنشأ جيشاً قوياً أصبح أقوي جيوش أوروبا وكذلك أنشأ وطور قواته البحرية.. أي أنشأ جيشه الخاص الجديد..
واتجه إلي التعمير والإنشاء.. وربما أصبح قصر فرساي من أعظم قصور العالم وصنع مجد فرنسا وجمع حوله أفضل العقول والمثقفين ومنهم موليير وراسين وبوسان وباسكال.. وكان عصره.. هو العصر الذهبي.. وأصبح عصره هو الأعظم في تاريخ العمارة الفرنسية والأوروبية.
** ولكن سرعان ما أخذ يتخبط. إذ توالت عليه الهزائم العسكرية وفقد بعض ما كان يحكمه.. ثم دخل في صراع داخلي مع العمال والتجار ثم وصل الصراع إلي داخل قاعدة الحكم.. إلي البلاط نفسه، إلي أن مات بعد أن حكم فرنسا 72 عاماً.. فهل كان مرسي- والإخوان- يخططون ليحكموا مصر مثل هذه السنين العديدة أي أكثر من حكم كل من أتوا من يوليو 1952 إلي سقوط الرئيس مبارك.. بل وأكثر مما حكم محمد علي باشا نفسه من عام 1805 إلي عام 1848.. ولكن سقوطهم كان مدوياً..
** وعندما يتحدث د. مرسي عن الشرعية.. وأنه الرئيس الشرعي فإنه يعتمد في ذلك علي أصوات الذين انتخبوه وهم حوالي 11 مليوناً. نصفهم علي الأقل خدعتهم مقولة «انتخبوا بتاع ربنا». وكذلك من أعطوه صوتهم ليجربوا حكم الإخوان، وأيضا من لم يجدوا بين الثلاثة عشر مرشحاً للرئاسة من يصلح.. وهم حزب الليمون، أي الذين عصروا علي أنفسهم ليمونة.. واختاروه مرغمين.. أو يائسين..
ولكن- وبعد أقل من عام- اكتشف الناس الخطأ الذي وقعوا فيه.. وسرعان ما انقلبوا.. بل انضم إليهم أيضا أصحاب حزب الكنبة بعد أن اكتشفوا أن كثيرا من الجرائم التي وقعت بمصر.. كان «الإخوان» وراءها وهكذا وجدنا أن الذين خرجوا علي د. مرسي تجاوز عددهم 33 مليوناً.. أي ثلاثة أمثال من صوتوا له قبل عام.
** هنا نتساءل: أليست هذه هي- أيضاً- ديمقراطية. أم لابد أن تكون الديمقراطية من خلال الصندوق.. وماذا عن الصناديق الأكبر.. أقصد كل ميادين مصر، أليست هي أيضا عبارة عن صناديق.. ولكنها هذه المرة من بشر.. وليس فقط من خشب وزجاج..
وإذا كان التاريخ يصف الملك لويس 14 بأنه قال: أنا الدولة.. والدولة أنا.. فإن لويس هذا قدم لبلاده عصراً عظيماً لم يكن يفرق فيه اسم فرنسا.. عن اسم لويس.. وبالمناسبة فإن اسم لويس يعني عند الفرنسيين اسم الفارس الشجاع والمقاتل الجريء.
فهل كان مرسي يعتبر نفسه فارساً ومقاتلاً.. وهو الذي استعان بجنود مرتزقة من خارج مصر، مرة ليخرجوه من السجن.. وأخري ليساعدوه في التصدي لمعارضيه.. وربما أيضا ليعيدوه إلي كرس العرش؟.
** وشتان بين ملك عظيم مثل لويس 14 ورئيس دخل خلسة إلي القصر ومازال يظن نفسه.. رئيساً لمصر.
عن الوفد المصؤي

اخر الأخبار