التطبيع بمقياس حماس...هل من مفاجأة سياسية !

تابعنا على:   10:03 2021-06-19

أمد/ كتب حسن عصفور/ رآها البعض "خطوة مفاجئة"، خاصة بعد معركة "الحدث الفلسطيني الكبير"، أن تقوم حركة حماس برئاسة إسماعيل هنية و11 شخصا بمناصب مختلفة بزيارة الى المغرب، الذي أقدم رسميا على تطبيع علاقاته مع دولة الكيان، وقيام الملك محمد السادس بتهنئة رئيس الحكومة الجديدة بينيت قبل 24 ساعة من وصول الوفد الحمساوي الكبير رقما ومواقعا.

وذهب آخرون الى اعتبارها "تناقضا" سياسيا مع مواقف حماس المعلنة، خاصة من اتفاقات التطبيع، تعاكس كليا إعلانها الصريح قبل أشهر من الخطوة المغربية، حيث رأت في بيان رسمي، إن "تطبيع علاقات المغرب مع إسرائيل يعتبر "خطيئة سياسية لا تخدم القضية الفلسطينية".

كما انتقدت حماس توقيع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، أمين عام حزب "العدالة والتنمية" (الشقيق الإسلاموي)، في 22 ديسمبر الماضي، إعلانا مشتركا لتطبيع العلاقات بين المغرب و"العدو الصهيوني"، برعاية أمريكية، واعتبرت "حماس" توقيع العثماني للإعلان، وتأييد الأمانة العامة للحزب للخطوة، "خروجا عن مبادئ الحزب وأدبياته الداعمة والمؤيدة لفلسطين وشعبها المقاوم، وكسرا لموقف التيار الإسلامي المجمع على رفض التطبيع مع الاحتلال".

من حيث المبدأ، جوهر سياسة حماس ومواقفها من العلاقة مع دولة الكيان لا يرتبط مطلقا بموقف "أبيض وأسود"، كما تحاول دعايتها الإعلامية -الإعلانية ترويج ذلك، بل أنها بدأت عمليا التعامل مع "واقعية خاصة" تخدم برنامجها السياسي الطامح للسيطرة على القرار الوطني الفلسطيني، حكما وتمثيلا، سلطة ومنظمة، "بديلا موازيا" أو "شريكا بديلا".

ودون العودة الى أصل الانطلاقة ووثيقتها السياسية، وسلوكها العملي منذ فبراير 1988 حتى تاريخه، فالحدث المفصلي الذي كسر كل قوالب "المبدئية الإعلانية" لحماس، استجابتها للطلب الأمريكي – الإسرائيلي عبر "الراعي القطري" للمشاركة في انتخابات تجديد سلطة الحكم الذاتي الانتقالي وفق المفهوم الإسرائيلي، رغم أن صراخها "الرافض جدا جدا" لاتفاق انتاج السلطة المعروف باتفاق أوسلو، لم يصاب بعطب أبدا، فما يمثل قمة المهزلة - الانتهازية السياسية" ان تغرق في حكم سلطة هي بقايا اتفاق بات جوهره مفهوما إسرائيليا، فيما تتهمه بكل الصفات..

تلك هي بداية فك الارتباط العملي بين "صريخ الكلام" و"واقع الممارسة"، وبلا أي مرور على طبيعة حكمها وما نتج عنه من النكبة الوطنية الكبرى المعروفة إعلاميا باسم "الانقسام"، فقبولها معادلة "تهدئة مقابل مال" بينها ودولة الكيان، ومرور المال القطري عبر جهاز الموساد تعبير آخر عن تطور في طبيعة علاقتها بدولة الكيان.

وجاء توقيعها على اتفاقات الانتخابات الأخيرة، وتنازلها الكلي عن جوهر مواقفها المعلنة تكريس لمنطق فراق "صريخ الكلام عن واقع الممارسة".

ودون نسيان أن مقراتها المركزية في الخارج بين قطر وتركيا، وكلاهما يمتلك علاقات خاصة جدا أمنية واقتصادية الى جانب السياسية مع دولة العدو، يكشف علاقة أن المسألة ليست مرتبطة بمعادلة وطنية سياسية ثابتة، وهي قبل غيرها علاقات أكدت أن "المصلحة هي ناظم المواقف" وليس "المبادئ سيدة القرار".

ولذا قيام وفد حماس وتصريحات هنية خلال الزيارة عن مواقف المملكة المغربية تجاه فلسطين كشفت بلا أي ريبة أن المصالح ولا غيرها هي ناظم سياسة حماس، والحاكم الأساسي في علاقاتها مع الآخرين، فما دام هناك خدمات تقدم لها، تسقط كل الاعتبارات المبدئية، (عودة الى اقامة قيادتها 10 سنوات في الأردن من 1987 حتى 1997 ثم سوريا من 1997 حتى 2011، وعلاقتها بمصر خلال تلك الفترة حتى تاريخه).

هل هناك مفاجآت فيما أقدمت عليه حماس في زيارة المغرب وتصريحات هنية النقيضة كليا لتصريحات الحركة خلال ديسمبر 2020، لا يوجد ابدا، سوى من أراد أن يرى في حماس فيما ليس منها، او أنه عاش ضمن جوقة "صراخ الكلام دون التدقيق في "واقع الممارسة" أو هي رغبة عند البعض يرونها على غير ما تريد.

حماس رسميا أصبحت حركة سلطة سياسية، تستخدم "المقاومة" بما يعزز دورها الشعبي داخليا وخارجيا، بل أنها عمليا فقدت كثيرا من جوهر الفعل المقاوم ضد الكيان واحتلاله في الضفة والقدس، وليس المعركة الأخيرة باستخدام قوتها العسكرية في قطاع غزة سوى تأكيد أنها فقد قدرتها "المقاومة" في الضفة والقدس، التي كانت في قمتها خلال عهد المؤسس الشهيد الخالد ياسر عرفات (وكل تبريراتهم ليست سوى تأكيد أن سلوكهم هو للبقاء في السلطة وليس غيرها).

عندما تبدأ حركة المساومة على "وقف إطلاق النار" تدرك موضوعيا أن الأمر ليس بين قوى "مقاومة" وسلطة احتلال، بل بين "سلطة وسلطة"، وذلك ما هو ناظم سلوك حماس الأمني – السياسي...دون أي انتقاص من نتائج الحدث الكبير التي هزت سكونا، يبدو أنه بدأ يسير في مسالك غير المسالك، ولكن دون فقدان مسار الحقيقة السياسية.

حماس رسميا أكدت المؤكد، أن مواقفها رهن بمصلحتها السياسية كحركة سلطة ونظام وليس غيرها، وستعمل كل ما يمكنها من خدمة ذلك الهدف، فهل هو خطأ أم صواب...تلك مسألة قياسية ترتبط بمجمل أهداف كل قوة وفصيل.

كان لحماس أن تصدر بيانيا اعتذاريا أو توضيحيا عما قالته عن اتفاقات التطبيع بشكل عام، والمغرب بشكل خاص، أو توضيحا مناسبا، بدل أن تذهب وتنقلب راسا على عقب بمواقف من التخوين الى التثوير.

ومسبقا لن يطول أمر موقف حماس من خطوة منصور عباس بدخول "المطبخ الصهيوني"، عندما تبدأ حركة الخدمات الخاصة بينهما...فعندها سنرى ما هو غي الذي نرى ونسمع...وكاشف المصباح لها قريب وجدا!

الجهل السياسي لا يحمي الأغبياء والساذجين...حكمة من رحم حركة تاريخ النظم والقوى والأحزاب حكما ومعارضة...فلا وجود لـ "النقاء السياسي" سوى عند الواهمين!

ملاحظة: فضيحة لقاءات كورونا تتطلب فورا استقالة الحكومة، ثم تحقيق علني ليس لاعتبار شبهة فساد، فتلك لا غرابه فيها، بل لأن السلطة ذاتها باتت مسخرة للي رايح واللي جاي...صراحة شكلكم معيب جدا!

تنويه خاص: صمت حماس على اتهام "الوزير" زيارة لها يكشف فضيحة من جانب آخر...معقول بدأت سياسية "تطهير عرقي" لبقايا "حكومة السلطة في رام الله"...شكلها هيك!

اخر الأخبار