دنيس روس: على بايدن إدارة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لتفادي الأسوأ

تابعنا على:   17:30 2021-06-03

أمد/ واشنطن: قال الدبلوماسي الأمريكي المخضرم دينيس روس، في تقرير لمجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، "إن للشرق الأوسط، وسيلة تجعله يفرض نفسه على الرؤساء الأمريكيين وإداراتهم، ويتجلى هذا الأمر مع الرئيس جو بايدن"، رغم أن الولايات المتحدة تسعى على ما يبدو إلى إعادة ترتيب أولويات سياستها الخارجية بخفض مستوى انخراطها في الشرق الأوسط، والتركيز بشكل أكبر على آسيا لمواجهة التحديات التي تفرضها الصين، تظل المنطقة وفي القلب منها القضية الفلسطينية عنصراً جوهرياً يحتاج إلى دور أمريكي أكثر حسماً للحيلولة دون الاصطدام بخيارات أكثر سوءاً وربما كلفة أعلى.

وأوضح روس، الذي كان الرجل الأول لعملية السلام في الشرق الأوسط في إدارة كل من جورج بوش الأب، وبيل كلينتون، وعمل عن كثب مع وزراء الخارجية جيمس بيكر، ووارن كريستوفر، ومادلين أولبرايت، أنه من خلال 6 مكالمات هاتفية مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أدرك بايدن أنه مهما كانت آماله، فإن مشاركته الشخصية، ضرورية للمساعدة في التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.

وأشار روس، الذي عمل أيضاً مساعداً خاصاً للرئيس الأسبق باراك أوباما، ومستشاراً خاصاً لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، أن زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن للشرق الأوسط لم تكن على جدول أعماله، ولكنه شعر بالحاجة إلى الذهاب إلى المنطقة في محاولة لتعزيز وقف إطلاق النار، وتلبية الاحتياجات الإنسانية واحتياجات إعادة الإعمار في غزة، وإقامة مسار دبلوماسي لإدارة العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية وإعادة الالتزام بإقامة دولتين للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.

ويقول روس: "إني باعتباري مفاوضاً مع الطرفين لعقود، أعرف أن كل مهمة من هذه المهام تنطوي على تحدياتها، ومن المفارقات أن أقلها صعوبة، هو تعزيز وقف إطلاق النار".

وأضاف "صحيح أن وقف إطلاق النار لم يتفق فيه على شيء سوى كف إطلاق الأسلحة، ولكن الحقيقة هي أن للجانبين سبب للتوقف، فحركة حماس تدفع ثمناً باهظاً من بنيتها التحتية العسكرية، وقد حققت بالفعل ما تعتزمه، بفرض ثمن على إسرائيل رداً على الأحداث في القدس، وجعل حماس النقطة المحورية للقضية الفلسطيني،ة أكثر من السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية".

ومن جانبها، نجحت إسرائيل أيضاً عسكرياً، في ما كانت ستحققه إلى حد كبير بالهجمات الجوية، فقد دمرت منشآت إنتاج صواريخ حماس، وجزءاً حاسماً من شبكة الأنفاق التي تحمي أسلحتها ومقاتليها ووسائل استخباراتها، وحتى بعض قادتها، ومن شأن الضربات الإضافية، في أحسن الأحوال، أن تسفر عن نتائج متضائلة، في وقت كان فيه الرأي العام الدولي ينقلب بالفعل بقوة ضد إسرائيل، ومع ذلك، وحتى عندما يكون إنهاء التصعيد في مصلحة الطرفين، فإن وقف إطلاق النار لم يحصل بالضرورة دون وسيط وتدخل خارجي، ولعبت مصر وإدارة بايدن هذا الدور في خلق غطاء وضغط وتوضيح للجانبين".

ويتساءل روس: ماذا عن تلبية الاحتياجات الإنسانية وإعادة الإعمار؟ ويقول إنه قبل تعرض مدير أونروا في غزة ماتياس شمالي، لانتقادات بسبب تعبيره عن الحقيقة، اعترف بأن الضربات الإسرائيلية، وإن كانت وحشية، كانت دقيقة، وأنه مع فتح معبر كرم أبو سالم، لم يكن هناك نقص في الغذاء، أو الوقود، أو الأدوية في غزة.

غير أن هناك حاجة ماسة لإعادة الإعمار، في وجود 77 ألف شخص إضافي من سكان غزة بلا مأوى والبنية التحتية عموماً، والمياه والصرف الصحي بصفة خاصة، في حاجة ماسة إلى الإصلاح وإعادة البناء.

وهنا وحسب روس، يكمن التحدي الحقيقي، وهو كيف نعيد إعمار غزة دون أن تحول حماس المواد اللازمة لذلك لإعادة تسليحها. واعترف وزير الخارجية بلينكن بهذه المشكلة، مؤكداً عندما كان في القدس: "سنعمل مع شركائنا لضمان عدم استفادة حماس من مساعدات إعادة الإعمار".

ولكن روس يقول إن هذا لن يكون سهلاً وكانت هناك محاولة مماثلة بعد النزاع في 2014، باستخدام آلية إعادة إعمار غزة، ولكنها فشلت، وصحيح أن التعهدات بتقديم أموال إعادة الإعمار لم تتحقق، ولكن ذلك يرجع جزئياً على الأقل إلى الفشل في منع تحويل المواد، وتعزيز حماس لوضعها العسكري.

ولفهم حجم الفشل وجهود إعادة تسليح حماس، يقول روس: "فكر فيما يلي، في بداية الصراع في 2014 الذي استمر 51 يوماً، كان لحماس ما يقرب من 10 آلاف صاروخ، وأطلقت 4500 صاروخ، واعترضت إسرائيل حوالي 2200 صاروخ، ما يعني أن حماس احتفظت بنحو 3300 صاروخ في النهاية، وفي 2021، كان لحماس 30 ألف صاروخ في البداية، وأطلقت 4350 صاروخاً في 10 أيام، ولم يكن هناك فقط تعزيز عسكري يعادل عشرة أضعاف من الناحية العددية، ولكن كانت لدى حماس  صواريخ أبعد من حيث المدى، وذات حمولة أكبر، وكانت قادرة على إطلاق المزيد بشكل كبير يومياً".

لكن على أي حال، هناك بالتأكيد حاجة إلى جهد دولي، تحشده الولايات المتحدة على أفضل وجه، لجمع الأموال لإعادة إعمار غزة، ولوضع آلية دولية للإشراف على ما يدخل القطاع، ونقله إلى المستودعات، ومن ثم استخدامه النهائي في مواقع البناء.

ويقول روس إن على عكس ما كان عليه الحال من قبل، يمكن لمصر أن تبذل جهداً حاسماً على الحدود، وبمساعدة دولية، يمكن لمصر تحويل معبر رفح، الذي لا يتعامل الآن سوى مع الأفراد، وجعله نقطة لقاء مركزية إلى جانب المعابر من إسرائيل، لفحص شامل لجميع المواد المتجهة إلى غزة.

ويضيف أنه سيكون على كل الشاحنات التي تنقل المواد، طرق محددة، ومجهزة بأجهزة تتبع نظام تحديد المواقع العالمي جي بي إس، وستحتاج جميع مستودعات المواد الواردة إلى كاميرات مراقبة على مدار الساعة طوال الأسبوع.

وأوضح أن حماس ستقاوم ذلك، ولكن إذا كان الأمر كذلك، فإن القضية ستصبح قضية إعادة إعمار غزة مقابل إعادة تسليح حماس، مشيراً إلى أنه دون شروط صارمة، لن تكون هناك إعادة إعمار جادة، فلن يستثمر أحد على نطاق واسع في إعادة الإعمار، إذا تمكنت حماس من تحويل المواد، وإعادة بناء ترسانتها، وإشعال حرب عندما تناسب أهدافها المتمثلة في الاستيلاء على الحركة الوطنية الفلسطينية، وكما أظهرت حماس مرة أخرى، إذا كانت تعتقد أنها تستطيع أن تكسب سياسياً، فإنها لا تهتم كثيراً بالثمن الذي سيدفعه الفلسطينيون في غزة.

وأخيراً يخلص روس إلى أنه إذا أثبتت الأسابيع القليلة الماضية شيئاً، فهو أن القضية الفلسطينية لن تزول، ويقول إن إدارة بايدن لا تريد أن يستهلكها الشرق الأوسط، لكنها تحتاج أيضاً إلى عمل ما يكفي لإدارة ما يحدث في المنطقة، لتجنب الانجرار إليها، في ظروف توفر خيارات أسوأ بتكاليف أعلى.

اخر الأخبار