الَمِّحَراَبَ، والَحِراَبَ، واَلحَرَبَ

تابعنا على:   21:00 2021-06-01

 جمال عبد الناصر أبو نحل

أمد/ رجال المِحراب هُم رجالٌ أخلصوا النية، والعمل، والجهاد لله عز وجل وطبقوا شرع الله، وأقاموا العدل فيما بينهم فصاروا من رعُاة للغنم إلى سادةً الأمم، فحينما أرسل القائد خالد بن الوليد رضي الله عنة رساله الى كسرى قال له فيها: "أسلم  تسلم، وإلا جئتك برجال يحبون الموت كما تحبون الحياة"؛ فلما قرأ كسرى الرسالة أرسل إلى ملك الصين يطلب المدد، والنجدة؛ فرد عليه ملك الصين قائلا: "يا كسرى لا قوة لي بقوم لو أرادوا خلع الجبال لخلعوها"!؛ أولئك أهلُ المحراب، والمقصود بالمِحْرَابُ هو: مقام الإمام في الصلاة، وفيهِ فجوة في جدار قبلة المسجد يقف فيها الإمام في الصلاة‏، والجمع محاريب، ورجلٌ مِحراب أي صاحب حرب، وشجاعة، ومحراب المجلس أو الدار صدره، ومحراب المسجد هو مقام، ومكان الإمام، والمحراب: القبلة، ومحراب المسجد أيضاً صدره، وأشرف موضع فيه قال تعالى: "فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِن الْمِحْرابِ"؛ قال ابن عاشور رحمه الله في تفسيره التحرير والتنوير:

"والمحراب بناء يتخذه أحد ليخلو فيه بتعبده وصلاته، وأكثر ما يتخذ في علو يرتقى إليه بسلم أو درج"؛  وقيل: إن المحراب مشتق من الحرب، لأن المتعبد كأنه يحارب الشيطان فيه، فكأنهم جعلوا هذا المكان آلة لحرب الشيطان، ثم أطلق المحراب عند المسلمين كشكل نصف قبة في طول قامة، ونصف يجعل بموضع القبلة ليقف فيه الإمام للصلاة، وأول محراب في الإسلام، محراب مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد صنع في خلافة الوليد بن عبد الملك مدة إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة، وأما معني الحراب جمع حربة، ومُحارِبٌ حَرَّابٌ :

 أي حامِلُ الحَرْبَةِ؛ وأما الحَرْبُ، فمعناهُ القتال، والنِزال بين فئتين، والحروب تتعدد أنواعها، وإن العدوان  يختلف عن الحرب؛ فمن كانوا من أهل المحراب، وكالحمام في المساجد بيوت الله عز وجل في أرضهِ، ومن كان أهل الصف الأول، كالإمام في المحراب، ومن كان من أصحاب أداء صلاة الفجر في جماعة، ولديهم دماثة خُلق، وتقوي، ودين، فهؤلاء هم الصفوة من المسلمين، فلن تهزمهم أعَتي جيوش الأرض، فأولئك أهل المحراب، أهل التقوي والايمان، والصلاح، والرشاد، إنهم أبطالُ الحِراب، والحَرب، وهم من يتقدمون الصفوف الأوُلى، وهُم الفئة المنصورة بإذن الله، والرجل منهم يعُد بألف رجل، وإن تلك الأيادي المتوضئة الطاهرة هي من سيحرر فلسطين، والمسجد الأقصى المبارك، حينما ينطق الشجر، والحجر حسب كلام الصادق المصدوق سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحي القَائلَ:  «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ! يَا عَبْدَ اللهِ! هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ؛ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ""؛ لقد كانت هبة، وصمود أهلنا في المسجد الاقصى المبارك، وفي حي الشيخ جراح، وحي سلوان بالقدس، ومعركة أسوار القدس، وانتفاضة أهلنا الأبطال من الفلسطينيين في عام 1948م، الأثر الكبير في النصر، ومن خلال مساندة وهبة أخوتنا العرب، والمسلمين، والأحرار من الثوار، في كل بقاع الأرض، لهي نقطة تحول زلزلت أركان هذا الكيان الصهيوني المسخ الغاصب لفلسطين، وشكلت بداية النهاية لهزيمة عصابة الصهاينة، وقد بدأت تترنح قوتهم الزائفة، وأزف، واقترب هذا الكيان الصهيوني الظالم المغتصب لفلسطين من نهايته الحتمية، وزوالهِ؛ ولذلك فإن الفئة المنصورة إن شاء الله هي تلك التي تخرجت من المحاريب، ومن قلب بيوت الله في الأرض المساجد، ممن هو راكع وساجد، فتحارب  العدو بالمحاريب،

وفي الحرب بكل قوة، وتقوي، وبسالة وشجاعة، وتقدم على الموت لأنها تعلم بأن الموت هو الحياة الخالدة، بنيل شرف الشهادة في سبيل الله، ولعلمها علم اليقين بأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله، ولذلك ستكون نهاية المحتلين الغاصبين على أيدي كُل من يقاتل الغاصبين من اليهود المحتلين على عقيدة، وإيمان؛؛ فالنصر حليف من كان من تقيًا ورعًا وصادقاً، من أهل المحراب، وباع الدنيا الفانية بالأخرة الباقية، فالمساجد مصانعُ الأبطال، والصراع مع العدو مآله عقدي، حينما ينطق الشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي تعال فاقتله، وإننا على يقينٍ تام، ولا نشك في ذلك طرفة عين أننا سنحرر القدس الشريف يومًا ما، هذا وعد الله عز وجل، وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ، قال الله تعالى:  {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" فالنصر لنا.

اخر الأخبار