ما بعد معركة القدس

تابعنا على:   11:42 2021-05-21

د. سامي محمد الأخرس

أمد/ عُدت سنوات للخلف وكأن ذاك المشهد لا زال قائمًا، وإن اختلفت الظروف والمعطيات ولكن الأدوات لا زالت تخضع للتغيير والتحوير لإستلاب الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، عندما قرر شارون غزو لبنان تحت مسمى عملية سلامة الجليل لبتر سواعد المقاومة الفلسطينية التي كانت تمطر دولة الكيان بصواريخ الكاتوشا يوميًا ليخوض حربًا استمرت ثلاث سنوات استطاع من خلالها احتلال بيروت عاصمة لبنان وينتهي بإخراج قوات الثورة الفلسطينية من لبنان وتوزيعها على عدة دول عربية، ومن ثم تدحرجت الأمور حتى وصلنا إلى اطلاق مفاوضات غير مباشرة بين منظمة التحرير الفلسطينية والولايات المتحدة الأمريكية، والغرب الذي فتح ذراعيه لمنظمة التحرير الفلسطينية التي اعتبرت أن هذا انتصار كبير لها ولسياساتها ولمقاومتها، فكان الوليد أوسلو هو المفصل لكل تضحيات ثورتنا الفلسطينية المعاصرة. لذلك فالمشهد الذي بدأت تباشيره تظهر بعد معركة سيف القدس التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية من غزة انتصارًا للقدس ولأهل القدس والتي استمرت أحد عشر يومًا بدأت الأصوات الأمريكية عبر إدارة الرئيس بايدن والغرب بنفس الأسلوب والسيناريو باطلاق بعض التصريحات ومحاولات فتح قنوات مع قوى المقاومة، وهو أشبه بإعادة سيناريو الإحتواء والإلتفاف على منجزات المقاومة وتضحيات شعبنا وهذا ما يجب أن تضعه قوى المقاومة والنظام السياسي الفلسطيني نصب عينية أن لا يعتبر هذا التطور والتقدم في الموقف الأمريكي والأوروبي انتصار كما فعلت م ت ف بل عليه أن يعتبره معركة استكمالية لمعركة المقاومة الباسلة التي فتحت ةفاق جديدة للقضية الفلسطينية، وأعادت الحق الفلسطيني للسطح الدولي والإقليمي من جديد، واستثمار الحالة الثورية الداخلية ووحدة الصف التي فرضتها المقاومة الفلسطينية، وكذلك تثوير الشارع العربي والإسلامي الذي حاول بعض المطبعون تحويل مساره وإخماد الروح الثورية له ولكن معركة القدس أعادت الأمور لمصافها الطبيعي وبدأ الرأي العام الشعبي والدولي بالتململ وممارسة ضغطه على دوله التطبيعية، وكذلك الرأي العام الدولي الذي وقف وبقوة ضد الكيان الصهيوني وحكومته وأدان وضغط لوقف المجازر الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، واعتراف ضمني بحقوق الشعب الفلسطيني السياسية.
هذه الحالة التثويرية التي فرضتها المقاومة الفلسطينية يجب أن تستثمر سياسيًا في العديد من الإتجاهات الصلبة والقوية دون أي تهاون أو تراخي أو غض البصر عن أهم القضايا المشروعة التي تتجلى في:
أولًا: الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني سياسيًا بحقه في دولة عاصمتها القدس وفق حدود 1967.
ثانيًا: وقف أي محاولات لتهويد القدس وتهجير أهلها وشعبنا الفلسطيني.
ثالثًا: حق الشعب الفلسطيني ولاجئية بحلول تضمن حقوقهم وتضمن لهم العودة وتقرير المصير.
رابعًا: لجم العدو وسياسيات التمييز العنصري ضد شعبنا وأهلنا في الداخل الفلسطيني.
خامسًا: حق الشعب الفلسطيني بمحاكمة العدو الصهيوني على جرائمه الإنسانية ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل، والمطالبة بمحاكمة قادته وقيادة قواته أمام محكمة الجنايات الدولية.
سادسًا: حق شعبنا بالنضال بكل الوسائل للدفاع عن نفسه وعن وجودة وحقوقه.
هذه الحقوق الأساسية التي يسعى الشعب الفلسطيني منذ ثلاثة وسبعون عام تتطلب العديد من الخطوات الفعلية والفاعلة على المستوى الفلسطيني الداخلي والمتمثلة في:
أولًا: إعادة الإعتبار للنظام الفلسطيني وإنهاء كل مظاهر الإنقسام الجيوسياسي الذي يشرذم الحالة الفلسطينية منذ عام 2007.
ثانيًا: تشكيل حكومة وحدة وطنية عميقة ووطنية تأخذ على عاتقها إعادة بناء النظام السياسي بكل مؤسساته وتدمج به كل مكونات شعبنا الفلسطيني باختلاف ألوانه السياسية والأيديولوجية.
ثالثًا: إعادة النظر بكل الإتفاقيات السابقة مع العدو الصهيوني على قاعدة الحق الفلسطيني الأصيل بدولة فلسطينية تتمتع بكل الحقوق والإمتيازات المنصوص عليها في القانون الدولي، والعرف الدولي.
رابعًا: وضع وتحديد وصياغة مفهوم العلاقة مع الدولة الصهيونية وفق قواعد الإشتباك الإستراتيجية والتاريخية.
إن ما فرضته المقاومة الفلسطينية ومعركة سيف القدس لا يضعنا أمام تقييم حالة الإنتصار أو اللاإنتصار بل يضعنا أمام حالة الإستحقاقات الوطنية المطلبية التي أصبحت أحد أهم الضرورات التي ترتقي لحجم التضحيات التي قدمها شعبنا، وترتقي لحجم المعانيات التي عاشها شعبنا الفلسطيني منذ تهجيره واقتلاعه من أرضه، وهذا التقييم لن يحدث دون إرادة فعلية وحقيقية من قوى النظام السياسي الفلسطيني ومكوناته كخطوة أساسية ورئيسية في قواعد الهجوم الحقيقية التي تعقب المعركة الأخيرة وما فرضته على الأرض وبالواقع السياسي الحالي وفق الظروف والوقائع الجديدة.
من هنا فإن شعبنا الفلسطيني ينظر للإنتصار الفعلي الناجز من خلال ما ستخطوا إليه القوى السياسية الفلسطينية التي عليها الأن أن تستنهض هذه المعركة وتلفظ حالة الشقاق والترهل السياسي التي هي عليه، وتنتصر لإرادة شعبنا الفلسطيني الذي يريد أن يكلل تضحياته بحقائق على الأرض وفي الواقع والإنتقال به لإنتصار فعلي يترجم إنتصاره العسكري المقاوم.
 

اخر الأخبار